العينُ بعد فراقها الوطنا
لا ساكناً ألفتْ ولا سَكَنا
ريّانةٌ بالدمع أقلقَها
أنْ لا تُحِسَّ كرىً ولا وَسَنا
كانتْ تَرى في كلَّ سانحةٍ
حُسْناً، وباتَتْ لا ترى حَسَنا
والقلبُ لولا أنّةٌ صعدتْ
أنكرتُهُ وشككتُ فيه أنا
ليت الذين أُحبُّهم علموا
وهُمُ هنالك ما لقيتُ هنا
ما كنتُ أحسبني مفارقَهُمْ
حتى تفارقَ روحيَ البدنا
يا موطناً عبث الزمانُ بهِ
مَنْ ذا الذي أغرى بك الزَّمَنا؟
قد كان لي بكَ عن سواكَ غِنىً
لا كان لي بسواكَ عنك غِنى
ما كنتَ إلا روضةً أُنُفاً
كَرُمتْ وطابتْ مَغْرساً وجَنَى
عطفوا عليك فأوسعوكَ أذىً
وهُمُ يُسمّون الأذى مِنَنا
وحنَوْا عليكَ فجرَّدوا قُضُباً
مسنونةً وتقدّموا بِقَنَا
يا طائراً غنّى على غُصُنٍ
و«النيّلُ» يَسقي ذلك الغُصُنا
زِدْني وهِجْ ما شئتَ من شَجَني
إن كنتَ مثلي تعرف الشَّجَنا
أذكرْتَني ما لستُ ناسيَهُ
ولَربّ ذكرى جدّدتْ حَزَنا
أذكرتَني (بردى) وواديَهُ
والطيرَ آحاداً به وثُنى
وأحبّةً أسررتُ من كَلَفي
وهوايَ فيهم لاعِجاً كَمَنا
كم ذا أُغالبُهُ ويغلبُني
دمعٌ إذا كفكفتُه هَتَنا
لي ذكرياتٌ في ربوعهِمُ
هُنَّ الحياةُ تألّقاً وسَنَا!
إن الغريبَ معذّبٌ أبداً
إن حلَّ لم ينعم وإن ظعنا
لو مثّلوا لي موطني وَثَناً
لهممتُ أعبد ذلك الوثنا
خيرالدين الزركلي
العينُ بعد فراقها الوطنا
لا ساكناً ألفتْ ولا سَكَنا
ريّانةٌ بالدمع أقلقَها
أنْ لا...
اختيار موفق
جزاك الله خيرا