إن أمثال القرآن لها بلاغة خاصة، لا يدركها إلا العارف بأسرار اللغة العربية....
وللأمثال الأثر البليغ في الإيمان وتلقِّي الدعوة بالقبول
ولذلك كان للمثل في القرآن منزلة عظيمة ..
ودلَّ على هذا قوله عليه الصلاة والسلام
عن عليٍّ رضي الله عنه:
«إنّ الله أنزل القرآن آمِرًا وزاجرًا، وسُنَّة خالية، ومَثلًا مضروبًا».
رواه الترمذي .
فما معنى المثل في اللغة؟ :
🍃🍃🍃
المَثل والمِثل والمثيل:
كالشَّبه والشِّبه والشبيه لفظًا ومعنى...
والتمثيل يبرز المعاني في صورة حية تستقر في الأذهان
بتشبيه المعقول بالمحسوس
وقياس النظير على النظير.
ويرى العلماء أنَّه لا بد أن تجتمعَ في المثلِ أربعة
لا تجتمعُ في غيره من الكلام وهي :
إيجاز اللفظ، وإصابة المعنى،
وحسن التشبيه، وجودة الكتابة، فهو نهاية البلاغة
وهذا كله في الأمثال القرآنية لأنها أمثال الهية وعليها يقاس
ضرب الأمثال السائرة بين الناس .
***
أنواع أو معاني الأمثال :
🍃🍃🍃
إن للمَثل معاني في أصل اللغة هو:
١- الشبيه والـمِثْل
٢- القول السائر، والـمَثَل بهذا المعنى
هو الذي ألّفَ فيه علماء اللغة( كتب الأمثال ) :
كأبي عبيدة، وابن حبيب، وابن قتيبة، وابن الأنباري،
وأبي هلال، والميداني.
٣- الوصف الغريب، أو القصة الغريبة،
وبهذا المعنى فُسِّر لفظ الـمَثَل في كثير من الآيات
كقوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ
فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ.. } محمد: 15.
ونبّه الزمخشري إلى أن معنى المثل في اللغة يتبع
هذه المعاني الثلاثة بالترتيب
ونسأل :
ماالحكمة من ضرب الامثال في القرآن ؟
🍃🍃🍃
والجواب :ضربها الله تعالى للتذكرة، وللاعتبار، وللتفكر،
وفي تفسير أبلغ قيل :
تَضرِبُ العربُ الأمثالَ لإيصال فكرةِ الموضوع
الذي من أجله يُضرب المثل للناس،
بأقربِ طريق، وأقلِّ وقت، وأوضح صورة، وأبلغ مقال،
ومن ثمَّ ترسيخ الفحوى، وفهم العبرة منه،
واستيعابها واستقرارها في الذهن،
وبقاؤها راسخةً في الذاكرة مهما طال الزمن، أو تغيَّر الحال
ولذا كان لزاماً على كل مسلم أن يفهم ويعتبر بهذه الأمثال
قال ابن القيم رحمه الله في تعليقه على المثل القرآني
في المثلين المضروبين للحق والباطل،
"ومن لم يفقه هذين المثلين، ولم يتدبرهما،
ويعرف ما يراد منهما، فليس من أهلهما".
وفقني الله وإياكم لأن نكون من أهل الحق ،
وأن نتفكر ونتعظ بما نمر عليه من الأمثال ، فنستزيد طاعة
وقرباً ، وعلماً وفهماً لكتاب الله .
***
مجالات الامثال القرآنية :
🍃🍃🍃
المجالات التي تناولتها الأمثال القرآنية كثيرة أبرزها وأهمها :
1- بينت الإيمان ومثلت له
2- كشفت الكفر وردت شبهه
3- فضحت النفاق
4- نادت بالخير وردت الشر
5- صورت الخبيث والطيب
6- ميزت الصالح عن الطالح.
وصريح الامثال في القرآن ٤٣مثلاً .
هذا وغيرها الكثير من الأمثال الموجزة غير الصريحة .
🍃🍃🍃
اخواتي الغاليات :
بعد أن بينا بالتفصيل كل مايتعلق بالأمثال القرآنية
نوضح أن المقصد من هذا الطرح هو .....
تسليط الضوء على الأمثال القرآنية وذلك
بأن نكتب مثلاً من القرآن ، ثم نبين دلالته ..
أي تفسيره ، ووجه البلاغة فيه ، ومن المراد به
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى .
حتى لانقع في خطأ التكرار ، ثم ننتقل للسورة التي تليها
وساكتب لكنَّ أول مثل جاء في هذه السورة ودلالته : والمثل عن ( المنافقين ) ،
قال تعالى :
صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ) البقرة/ 17، 18
🍃🍃
المراد بهذا المثل :
مثل المنافقين المطابق لما كانوا عليه كمثل الذي استوقد نارا ، أي: كان في ظلمة عظيمة ، وحاجة إلى النار شديدة فاستوقدها من غيره ، ولم تكن عنده معدَّة ، بل هي خارجة عنه ، فلما أضاءت النار ما حوله ، ونظر المحل الذي هو فيه ، وما فيه من المخاوف وأمنها ، وانتفع بتلك النار، وقرت بها عينه ، وظن أنه قادر عليها، فبينما هو كذلك ،
إذ ذهب الله بنوره ، وبقي في الظلمة العظيمة والنار المحرقة ،
فذهب ما فيها من الإشراق، وبقي ما فيها من الإحراق،
فبقي في
ظلمات متعددة:
ظلمة الليل،
وظلمة السحاب،
وظلمة المطر،
والظلمة الحاصلة بعد النور،
فكيف يكون حال هذا الموصوف؟
فكذلك هؤلاء المنافقون ، استوقدوا نار الإيمان من المؤمنين ،
ولم تكن صفة لهم، فانتفعوا بها وحقنت بذلك دماؤهم ، وسلمت أموالهم ،
وحصل لهم نوع من الأمن في الدنيا، فبينما هم على ذلك إذ هجم عليهم الموت ،
فسلبهم الانتفاع بذلك النور، وحصل لهم كل هم وغم وعذاب ،
وحصل لهم ظلمة القبر،
وظلمة الكفر ، وظلمة النفاق،
وظلم المعاصي على اختلاف أنواعها ،
وبعد ذلك ظلمة النار وبئس القرار " .
( تفسير السعدي)
🍃🍃
أخواتي الغاليات :
ننتظر مشاركاتكن في ضرب مثل قرآني ودلالته ... بالتسلسل في السور
والآن نحن في سورة البقرة شكراً للجميع ،و وفقنا الله لما يحب ويرضى.