جيـــان
جيـــان
الباب الأول
لا . . لا . . للطاغية


وعقد مجلس إدارة السيدات المسلمات اجتماعا عاجلا في 9 جمادى 1384هـ الموافق 15/ 9/ 1964 ، وهو نفس اليوم الذي وصل فيه قرار الحل ، وقرر المجلس رفض قرار الحل وتسليم الجماعة وأموالها وممتلكاتها لجماعة أخرى كانت قد انفصلت عنا بإيعاز من
المباحث العامة قبل انقلاب عبد الناصر، ! تحولت هذه الفئة المنشقة بعد الانقلاب إلى جند لعبد الناصر، كما قرر المجلس دعوة الجمعية العمومية لجلسة طارئة استثنائية في مدة لا تتجاور 24 ساعة، واجتمعت الجمعية العمومية ، وقررت رفض قرار الحل وعرض الأمر على القضاء. ووكلنا الدكتور عبد الله رشوان المحامى ليمثلنا في القضية ، وأرسلت الجماعة خطابات مسجلة وبرقيات إلى رئاسة الجمهورية ووزارة الداخلية والشئون الاجتماعية والنائب العام وصورا منها للصحف ، نخطرها برفض قرار الحل ، وبان المركز العام للسيدات المسلمات تأسس 57 3 1 هـ – 936 1 م لنشر الدعوة الإسلامية والعودة بالمسلمين إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم ، وليس لوزارة الشئون أو الداخلية ولاية علينا ، والولاية لله وحده ، ولمن يقيم دينه ، ويحكم بشرعه . وعند ذلك تعجل عبد الناصر قرار الحل والإدماج كما سبق أن أصدر من قبل – وللانتقام الشخصي من زينب الغزالي؟ لتعطيل دعوة الله ولوجه الشيطان - أمرا عسكريا بوقف صدور مجلة (السيدات المسلمات ) لأجل غير مسمى ، وكنت صاحبة امتيازها ورئيسة تحريرها . واقتحم زبانية الطاغوت دار المركز العام لجماعة السيدات المسلمات واستولوا على محتوياته ، وشردوا مائة وعشرين فتاة وطفلة يتيمات كانت جماعة السيدات المسلمات تؤويهن وتكفل جميع احتياجاتهن من إيواء وتعليم ، بكل مراحله من الروضة إلى الجامعة . وأحب أن أسجل هنا بكل فخر أن زبانية الطاغوت لم يجدوا سيدة واحدة في انتظارهم من أعضاء المركز العام للسيدات المسلمات ، سواء من مجلس الإدارة أو الجمعية العمومية أو هيئة الواعظات ، وكانوا قد طلبوا منى الحضور لتسليمهم الدار فرفضت ، وكذلك كان موقف جميع عضوات الدار فاستلموا من السكرتير الإداري، وهو موظف وليس له هذا الحق . .
ويشرفني أن أسجل هنا بعض العبارات التي سجلتها الجمعية العمومية جلستها ، وأرسلتها ترد بها على قرار الحل إلى رئيس الجمهورية والنائب العام ووزير الداخلية والصحف : "إن جماعة السيدات المسلمات أسست 57 3 1 هـ – 936 1 م لنشر دعوة الله والعمل على إيجاد الأمة المسلمة التي تعيد للإسلام عزته ودولته ، وكانت لله وستظل لله ، وليس لأي حاكم علماني حق الولاية على المسلمين ". " فجماعة السيدات المسلمات ، رسالتها الدعوة إلى الإسلام وتجنيد الرجال والنساء شبابا وشيبا لاعتقاد رسالته وإقامة دولته الحاكمة بما أنزل الله " . ونحن –السيدات المسلمات – نرفض قرار الحل ، وليس لرئيس الجمهورية –وهو ينادى صراحة بعلمانية الدولة - حق الولاء علينا، ولا لوزارة الشئون الاجتماعية كذلك . وليست الدعوة أموالاً أو حطاما تصادره حكومة العلمانيين المحاربين لله ولرسوله وللأمة المسلمة . "فلتصادر الحكومة الأموال والحطام ولكنها لا تستطيع أن تصادر عقيدتنا . إن رسالتنا رسالة دعوة ودعاة، إننا نقف تحت مظلة لا إله إلا الله وحده ، وهذا الاعتقاد بأنه لا إله إلا الله يلزمنا بالعمل المستمر المتواصل غير المنقطع ، حق تقوم دولة الإسلام بأمة الإسلام الواعية لدينها الحاكمة بشرعه ، المجاهدة في سبيل نشره " .
جيـــان
جيـــان
الباب الأول
ماذا نفعل بعد ذلك ؟

أخذت سيدات الجماعة يتوافدن إلى بيتي بعد ذلك متسائلات : ماذا نفعل ؟ ؟ كان هذا الموقف الشامخ من السيدات المسلمات سنة 1964 في قمة عناد السلطة الناصرية، في الوقت الذي كان فيه الكثيرون يقفون موقف التقية ويقرون الطاغوت على فعله بل يصدرون الفتاوى المؤيدة لأفعاله . . ويصبغون عليه صبغة ترفعه إلى مكان الألوهية! وما كانت التقية كذلك يوما ما في الإسلام لضياع العقيدة والتمويه على المسلمين ، ولقد رأينا بعض المجلات الإسلامية تتسابق في إرضاء الطاغوت . حتى مجلة الأزهر نفسه العزيزة علينا معزته ، تخلط بعض سطورها بنبضات هامدة لكتاب منافقين يتسابقون في إرضاء الباطل وأهله . . وأخذت الفتاوى تتوالى في تجريح المجاهدين الذين أخذوا بالعزيمة ولم يأخذوا بالضلال ، الذي سماه من أخذ به رخصة، جرحوا المجاهدين الذين انعم الله عليهم بالتزام الإسلام لا بالانتماء إليه ، والالتزام هو الإسلام ، أما الانتماء بغير التزام فشيء آخر. وقد أبت جماعة السيدات المسلمات أن تأخذ بما سموه رخصة، أو أن تكتفي بالانتماء، فرفعت لواء الحق وقالت كلمة الصدق في وقت تخلى فيه كثير من الناس عن الحق والصدق خوفا على مناصبهم وضياع دنياهم ، ولم تقف موقف المتفرج كما فعل كثير من الناس ، ولكنها قالت رأيها بصراحة - في الأوضاع التي كانت سائدة يومئذ - لا تبتغى إلا وجه الله وان غضب الناس جميعا . وكانت عضوات الجماعة لا يصبرن على عدم لقائي فأخذن يتوافدن على بيتي يواسينني في الأمر. فقد كانت جماعة السيدات المسلمات حياتي ووجودي ، عاهدت الله يوم تأسيسها أن لا أعيش لغيره سبحانه . وأخذت أعداد السيدات المسلمات الكبيرة المتوافدة على دارى يعاهدن الله من جديد ألا يعشن إلا لكلمة الحق وتبليغها، واتفقن معي على عقد اجتماعات بمنازلهن تتولى الواعظات فيها إرشاد السيدات إلى مبادئ الإسلام ، ولكن حكومة الطاغية التي كانت تتعقب الدعاة إلى الله في كل مكان بهذه الاجتماعات ، أرسلت إلى السيدات اللائى يتم الوعظ في منازلهن وقامت بتهديدهن وأخذ التعهد ألا يعقدن اجتماعا للوعظ في بيوتهن . واقتصر النشاط بعد ذلك على النشاط الفردي .
جيـــان
جيـــان
الباب الأول
المساومة ثم المخادعة

أخذ رجال المباحث والمخابرات الناصرية يطلبون مقابلتي ويعرضون عروضا لإعادة المركز العام للسيدات المسلمات . وكانت هذه العروض تكلفني أن أشترى الدنيا بالآخرة . وعلى سبيل المثال عرضوا على إعادة إصدار مجلة السيدات المسلمات باسمي كرئيسة للتحرير وصاحبة الامتياز مقابل 300 جنيه شهريا، على أن لا يكون لي شأن بما يكتب في المجلة . وكان جوابي : مستحيل أن تصدر مجلة السيدات المسلمات من مكاتب المخابرات لتنشر علمانية عبد الناصر فأنا لم أعتد إلا أن أكون مسئولة مسئولية فعلية . كذلك عرضوا على إعادة المركز العام وصرف إعانة قدرها عشرون ألف جنيه سنويا، على أن يكون من مؤسسات الاتحاد الاشتراكي . . وكانت إجابتي: إن شاء الله ، لن يكون عملنا إلا للإسلام. إن الذين يتكسبون بالإسلام لا يستطيعون خدمته ، وكان هذا الرد يغضبهم . ولكنهم يحاولون إغرائي المرة بعد المرة . وكنت أتعجب من الطريقة ومن إصرارهم على هذه المحاولات الفاشلة، ولكنني اكتشفت بعد ذلك وعرفت لماذا هم حريصون على مخادعتي .
جيـــان
جيـــان
الباب الأول
خفافيش الليل


ففي إحدى الأمسيات ، وأنا في منزلي، استأذن ثلاثة رجال لمقابلتي، ، وبعد دخولهم إلى حجرة الصالون ذهبت إليهم فوجدتهم يلبسون (غتراً) عربية ، ولما سلمت عليهم قدموا لي أنفسهم على أنهم من سوريا، قادمون من السعودية للفسحة في القاهرة لمدة عشرة أيام وأنهم قابلوا في السعودية الأستاذ سعيد رمضان والشيخ مصطفى العالم وكامل الشريف ومحمد العشماوي وفتحي الخولي (هؤلاء من الإخوان الذين فروا من الطاغوت وظلمه )، وهم يسلمون على الإخوان في مصر ويريدون أن يطمئنوا عليهم وعلى تنظيمهم ، وقد أمرونا بالانضمام إلى هذا التنظيم ونحن مستعدون لتنفيذ الأوامر والبقاء في مصر لمعاونة التنظيم . ثم أخذوا يتحدثون عن الإخوان وعن عبد الناصر وكيف أنه يضطهد الإخوان المسلمين ثم تكلموا عن أحداث سنة 1954 وعن حل جماعة الإخوان المسلمين واستشهاد عبد القادر عودة وزملائه ، وكيف أنهم مستعدون للأخذ بالثأر وقتل عبد الناصر، وأن هذا هو رأى كامل الشريف والعشماوي ورمضان والخولي والعالم . ولما كنت أسمع لهم فقط ، طلبوا منى الإجابة، فقلت : "أنا أسمع إلى أشياء جديدة على ومصطلحات لا أدرى عنها شيئا". قالوا: "سنرجع لك يا أخت زينب مرة أخرى لنعرف رأى المرشد ورأى التنظيم في هذا . . . " . فأجبتهم باقتضاب : "أولاً : أنا لا أعرف شيئا يسمى التنظيم في الإخوان . وأسمع أن الإخوان كجماعة قد حلت كما تقول الحكومة.
ثانيا : أنا لا أحدث المرشد في مثل هذه الأمور، فصداقتي به وصلتي : إخوة !سلامية ومحبة عائلية . ثالثا : إن قتل عبد الناصر شيء غير وارد عند المسلمين كما أتصور، وأنا أنصحكم بالعودة إلى بلدكم والاشتغال بتربية أنفسكم إسلاميا" . وبعد أن كانوا يستمعون إلي
وهم وقوف جلسوا وقال أحدهم : "الظاهر الأخت زينب غير مقتنعة . من الذي خرب بلاد المسلمين غير عبد الناصر؟" . قلت : ليس من رسالة الإخوان المسلمين قتل عبد الناصر وسألتهم أن يعطوني أسماءهم فأعطوني أسماء تلعثموا كثيرا وهم ينطقوا بها، وكانت : عبد الشافي عبد الحق ، عبد الجليل عيسى، عبد الرحمن خليل . ضحكت لمصادفة وجود كلمة "عبد في الأسماء الثلاثة، وكان واحد فقط هو الذي ذكر أسماء الثلاثة. وقلت لهم : خير لكم أن ترجعوا إلى بلدكم قبل أن تمسك بكم مخابرات عبد الناصر إن كنتم لا تعرفونها، وليس لكم بها صلة فعلا وأنا أعتقد ذلك وأجاب أحدهم : على كل حال لك الحق في أن تشكى يا حاجة فينا، ستريننا مرة أخرى وستعرفين من نحن . وانصرفوا. وزارني الأخ عبد الفتاح إسماعيل فذكرت له قصة الزوار السوريين( المزعومين ) . . .
جيـــان
جيـــان
الباب الأول
كلهم أحمد راسخ !


لم يمض أسبوعان على الزيارة الأولى حتى فوجئت بزيارة رجل يدعى أحمد راسخ قدم لي نفسه على أنه من المباحث العامة . وأخذ يسألني عما بيني وبين السوريين الذين زاروني . . . فوضحت له أنني مدركة تماما أنهم جواسيس وليسوا إخوانا سوريين ، وأنهم في المباحث قد أرسلوهم ، وأن هذه أعمال صبيانية سخيفة، فقد فعلوا كل ما يريدون ، صادروا المجلة والمركز العام فما الذي يريدونه بعد ذلك ؟ ! وكان أغرب ما سألني عنه ما أعنيه في أحاديثي عن جمالوف وجمالفة . فقلت له : إن هؤلاء ملاحدة يفخرون بالانتماء إلى الباطل وأهله . وغير الحديث قائلا : "إننا مسلمون يا حاجة" قلت : "إن المسلمين غير ذلك ؟ قال : "لو تفاهمت معنا لأصبحت من الغد وزيرة للشئون الاجتماعية" . فضحكت ساخرة وقلت : "المسلمون لا تغريهم المناصب ، ولا يشتركون في حكومات علمانية إلحادية . ومركز المرأة المسلمة يوم تقوم حكومة الإسلام ستقرره الحكومة الإسلامية . ماذا تريدون منى؟" قال : "نريد أن نتفاهم معا" قلت : "هذا مستحيل ، أناس يدعون للكفر ويرفعون شعارات الضلال . . وأناس يدعون لتوحيد الله والإيمان به . . فكيف يتفق هذا؟" . ثم أردفت قائلة "توبوا إلى الله واستغفروه وارجعوا إليه . . . أرجو إنهاء المقابلة" . وكان قد فرغ من القهوة التي قدمت له فقام منصرفا وهو يقول : "والله نحن نريد أن نتفاهم معك . ويوم نتفاهم معك ، ستكونين أنت التي ستصدرين قرارا بإعادة جماعة السيدات المسلمات وكذلك المجلة" ، قلت له : شكرا . . الإسلام في غنى عن الهيئات والجماعات التي ترضى بالعمالة لأعداء الإسلام ، ربنا يهديكم ويتوب عليكم " . وبعد يومين من هذه الزيارة وقفت عربة حكومية على باب منزلي ونزل منها شاب يرتدى ملابس كحلية اللون وكنت أجلس في شرفة المنزل فدخل وقال : "السلام عليكم يا حاجة زينب " . فرددت السلام ودعوته لدخول المنزل ، ودخل حجرة الضيوف وقدم لي نفسه . . أحمد راسخ ضابط من المباحث العامة ، ونظرت إليه بتدقيق وكآني أبحث طوله وعرضه ، فقد دعيت مرة إلى وزارة الداخلية لمقابلة شخص يسمى أحمد راسخ ! . . . وذهبت إلى هناك وكان فوق مكتبه لوحة مكتوبا عليها أحمد راسخ ، ثم حدث أن زارني قبل يومين الشخص الذي يسمى نفسه : أحمد راسخ ، وها هو شخص ثالث يدعى أحمد راسخ يزورني ! !
اسم واحد لثلاث شخصيات مختلفة. . . أخذت أنظر إليه وأنا لا أصدق ما أرى . . فمن غير المعقول أن يكون كل رجال المباحث العامة باسم أحمد راسخ ! . . . وشعر بنظرتي الفاحصة فسألني : "مم تتعجبين يا حاجة زينب ؟ من زيارتي ؟ " .
عجبت من هذا الأمر، وأجبت ساخرة : " لا . . إن هذا البيت يستقبل ضيوفه دائما -سواء كانوا على موعد أو غير موعد- بترحيب وتكريم . ولكنى سأحكي حكاية قرأتها في جريدة الأهرام على ما أذكر. " كانت ملكة هولندا وزوجها في ضيافة ملك إنجلترا منذ مائتي عام ولفت نظر ملك إنجلترا اهتمام ملكة هولندا بكلب كان يجرى في الاستقبال ، هرولت إليه في لهفة وكأنها فقدت الوعي، وحملته إلى صدرها وأخذت تقبله بشغف وحنان ، ثم أعطته لزوجها وهى تسر له ببعض الكلمات وتشير إلى عيني الكلب ووجهه فأخذ الملك الكلب وأخذ يقبله كذلك . . . تعجبت ملكة إنجلترا وزوجها مما رأيا وبخاصة بعد أن عادت ملكة هولندا وأخذت الكلب من زوجها وهما يجففان الدموع المنهمرة من أعينهما، وضمته إلى صدرها كطفل عزيز عليهما . ولما دعيا إلى مائدة الطعام الملكية أخذت ملكة هولندا الكلب معها وأخذت تطعمه وقالت ملكة إنجلترا: إن الكلب لابنتها الأميرة. أما الملك فقد سأل ضيوفه عن سر هذا التعلق بالكلب وقال وكأنه يعتذر: "لولا أن الأميرة متعلقة بهذا الكلب لأهديته لكم ا . فقالت ملكة هولندا التي كانت تؤمن بتناسخ الأرواح ، إن لها ابنا مات وقد انتقلت روحه إلى هذا الكلب وأخذت تحاول إقناع ملكي إنجلترا بأن عيني الكلب هما عينا ابنها تماما. . . وأقنع ملك إنجلترا ابنته بإهداء الكلب لملكة هولندا فأهدته لها فقد كانت تسمع القصة مع والديها". ثم قلت له : "يا أستاذ راسخ ، إن الذين يقولون بتناسخ الأرواح يدعون بعض الشبه بين الشخص المتوفى وبين الذي حلت فيه الروح بعد ذلك . ولكنى التقيت بثلاثة من المباحث كلهم يدعى أنه أحمد راسخ ، ومع ذلك فهم مختلفون في الطول والعرض واللون ولا يوجد تشابه بينهم . . . فهل قرر رئيس جمهوريتكم اعتناق مذهب جديد في تناسخ الأرواح وأمركم باعتناقه ؟ ! فارتسمت على وجهه دهشة شديدة وحيرة بالغة . وقال : "نحن ناس طيبون يا حاجة ونريد أن نتفاهم معك ، أنا صحيح أحمد راسخ " . قلت : "وهذا الأمر ليس له من الأهمية نصيب ". وسالت : "ماذا تريد؟ ". قال : "إن الحكومة ترغب رغبة شديدة في التفاهم معك ، ونحن نعلم أن الإخوان المسلمين خدعوك وأقنعوك بمبادئهم ، والذي حدث لجماعة السيدات المسلمات وحل مركزها العام كان سببه الإخوان . هؤلاء ناس مشاغبون . ونحن نريد أن تتفاهمي معنا . وما نريده بسيط جدا هو أن نعرف الأفراد القائمون بنشاط من الإخوان المسلمين ، والله يا حاجة الريس سيحفظ لك هذه الخدمة وفى أيام قليلة ستلمسين نتيجة تعاونك معنا. وأنت سيدة طيبة طول عمرك لا شأن لك بشغب الإخوان المسلمين وكفى ما سببوه لك مع الحكومة". وأخذ يدعى أن الأستاذ الإمام الهضيبي والإمام سيد قطب . . يعملان جهدهما ليتفاهما مع الرئيس ، ولكن الرئيس يرفض التعاون معهما لأنه لا يأمن لهما.
وأضاف : ولو كنت تعرفين ما يقوله الإخوان عنك لتفاهمت معنا . . . وضحكت . . . ثم قلت : "سأتكلم معك على أنك رجل من رجال المباحث لا يهمني الآن اسمه ولا رسمه :
أولاً: إني أعتقد أن المسلمين الذين لا يعلمون من الإسلام إلا ظواهره يعرفون ويعتقدون أنكم بعيدون عن الإسلام ومحاربون له . أتريدون أن تتفاهمون مع الحق وأنتم على الباطل ؟ ! تستوردون عقائدكم من الشرق والغرب وترفعون شعارات الإلحاد الشيوعي ، وتارة تتمسحون بآلهة الرأسمالية وضائعون بين الشعارين . . ومن هذا الضياع تستمدون تشريعاتكم وأحكامكم لا أظنني صريحة معك وكلامي واضح لا يحتاج إلى تأويل . الإسلام شيء غير ما تريدون ا . قال : "والله يا حاجة أنا أصلى الجمعة" . قلت : "وبقية الفرائض ؟ا . قال : "تعودت أن أصلى الجمعة لأن والدي كان يفعل ذلك وكان يأخذني معه إلى المسجد يوم الجمعة . . .". قلت له : "ألم تسأل والدك لماذا يصلى الجمعة فقط ؟" . قال : "قلوبنا مسلمة يا حاجة مادمنا نقول : لا إله إلا الله قلت له كفاية ذلك " إن كلمة (لا إله إلا الله ) بغير التزامكم بها ستكون حجة عليكم عند الله ، لا حجة لكم ". قال : "الناس على دين ملوكهم " . قلت : "إن شاء الله تحشرون على دين ملوككم ". قال : "عشمي أن نتفاهم " . قلت : "إن رسالات الأنبياء على مدى التاريخ لم تلتق أبدا بالباطل وأهله إلا لتدعوهم ليسلموا وجوههم لله سبحانه !. فانصرف وهو يقول في لهجة غاضبة : "طبعا. . أنا لن أجيء لك ثانية وإذا أردت الاتصال بي فها هو رقم تليفوني" . قلت له : "متشكرة، لا أريده " . وفى أواخر شهر يوليه 1965 علمت أن هناك عمليات اعتقال في صفوف الإخوان المسلمين وكان لي بهذه الجماعة صلة وثيقة قديمة .