أ.خلود داود
أ.خلود داود
قطعنا شوطنا جيدا نحو جزيرة أحلامك التي ينتظرك فيها قلمك المتنور برسالته ورؤيته وأهدافه ، المتسلح بمهارات الكتابة ومعرفة فنونها وأنواعها وأساليبها، والآن سنخوض البحر كي نصل إليه ومن ثم نتوجه بفكرنا ومعارفنا وعواطفنا الجميلة كي يصوغها في كلمات معبرة ومؤثرة وتنبع منها فراشات الجمال وأنغام المتعة.. ثمة فريق سيغامر معي في أن نخوض البحر سباحةً ؛ إذ أننا خلال السباحة سنغوص قدر ما نستطيع كي نجمع أكبر قدر من اللآلئ والغرائب التي يحويها قاع المحيط ، ومن يختر الباخرة ستفوته هذه النفائس التي سنحتاجها كي نقتات بأثمانها. نحن الآن على الشاطئ فريقان ، فريق إلى البحر وفريق إلى الباخرة . انتظروا.. ها هو ( ابن قتيبة ) يلوّح لنا من بعيد بيده أنِ انتظروا ؛ ليلقي علينا كلمة كان قد خطها في أيامه في صفحات كتابه ( أدب الكاتب ) ، فلنستمع إلى ما يقول : "... رأيتُ كثيرا من كتـّابِ أهلِ زمانـِنـا كسائر ِ أهلـِهِ قد اسـْتـَـطابوا الدَّعـَة َ واسـْتَوْطـَؤوا مركبَ العجزِ ، وأَعـْفـَوا أنفسـَهم من كَــدِّ النظر ِ وقلوبـَهم من تعبِ الفكر ِ ، حين نالوا الدّركّ بغيرِ سبب ، وبلغوا البـِغـْيةَ بغير آلة ٍ ، ولعمري كان ذاك فأين همة ُ النفس ِ ؟! وأي موقف ٍ أخزى لصاحبه من موقفِ رجل ٍ من الكتـَّاب اصطفاه بعض الخلفاءِ لنفسـِه وارتضاه لسرِّه ، فقرأ عليه يوما كتابا وفي الكتاب " ومـُطرنا مطرا كثـُر عن الكلأ " فقال له الخليفة ممتحنا له : "وما الكلأ ؟ " فتردد في الجواب وتثر لسانـُه ، ثم قال : لا أدري..." (ابن قتيبة ، أدب الكاتب ، ص12 ، 13 ) ألقى ابن قتيبة كلمته هذه ثم ارتمى في عباب البحر سابحا... الخطوة الثالثة : إثراء المخزون الفكري والوجداني عرفنا في الخطوتين السابقتين وجهتنا الكتابية ، والمهارات والأدوات اللازمة لفعل الكتابة ، وتعرفنا فنون الكتابة وأساليبها. لنتساءل الآن : ما الذي يدفع قلمنا ليكتب ؟ أو بالأحرى ما المضخة التي تمده بماء المعاني والأفكار؟ لقد حددت رسالتك وأهدافك ولكن ماذا أعددت لها ؟ إذا دفعك حدث ما، أو اجتاحتك عاطفة معينة، أو أحببت أن تناقشي معلومة فمن أين تغرفين ؟ ببساطة.. هل تملكين فكرا ومعلومات وحسا وجدانيا مرهفا يحرك قلمك أثناء فِعـْـل الكتابة ؟ ما مستوى تدفقك الثقافي ؟ أهو قوي أو نسناس ضعيف ؟ هذا ما سنتطرق له في هذه الخطوة...
قطعنا شوطنا جيدا نحو جزيرة أحلامك التي ينتظرك فيها قلمك المتنور برسالته ورؤيته وأهدافه ، المتسلح...
وسائل إثراء المخزون الفكري والوجداني

على قدر ما نصل من مستوى فكري وثقافي عالٍ ومستوى وجداني ناضج ؛ نظل في تعطش للمزيد، فكيف بنا إن كانت خطواتنا في هذا الدرب لما تتوغل بعد في أدغال المعرفة والعلم ؟!

ههنا رافد قلمنا كي يكتب بقوة نـَفـَسٍ مسخرا موهبته ومهاراته ورسالته في صياغتها. فدونك وسائل إثراء فكرنا بالحصيلة الثقافية القيمة.

أولا : القراءة وكثرة الاطلاع

كلنا نتفق على أن القراءة منبع فكري ووجداني عظيم ، يحرك دواخلنا كي تغيب في عالم الكلمات بالتحليل ، والتصديق ، والانفعال ، والتأثر ، والتذوق... ؛ وهو تلاقح فكري بين الجديد مما تقرأ وما هو موجود في ذهنك ، وهذه العملية بحد ذاتها تعد إثراءً لمخزونك/ثقافتك.




وكثرة الاطلاع بشكل عام ، وتثقيف الذات من خلال القراءة ، المواد المسموعة والمرئية ، وحضور المحاضرات والدروس والدورات وورش العمل ، والالتحاق بالجامعات والمعاهد... إلخ ؛ كلها عملية بناء فعالة للفكر ، لذا فالكاتب الجيد يحرص عليها ، ويقتنص الفرص باستقطاع وقت مخصص لها ؛ للارتقاء بمستواه.

سنركز هنا على موضوع القراءة ، وسنحاول الإجابة عن ثلاثة أسئلة : ماذا أقرأ ؟ كيف أقرأ ؟ كيف أستفيد مما أقرأ ؟


" أشعر بأنني لا أقرأ سطورا على الورق ، ولكني أحيا في تلك الأوراق بين أحياء."
عباس العقاد


* ماذا أقرأ ؟

( أ ) قراءات عامة أساسية :

هذه القائمة يحتاجها كل الكتـّاب باختلاف اختصاصاتهم ، ونذكر منها القائمة الآتية :

1- المداومة على الورد القرآني ، واستقطاع وقت للقراءة في التفاسير .

2- القراءة في كتب الأحاديث النبوية الشريفة ، ومن أهمها : صحيح البخاري ومسلم وغيرهما من الكتب الصحيحة ، ويمكن الاعتماد على سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني. وقراءة كتب في شرح الأحاديث أمر ممتاز بلا شك.

3- الاستمتاع بقراءة الشعر وتذوقه ، ومحاولة الرجوع إلى شروحاته ونقده ، فسيعينك ذلك في صقل الناحية الأدبية الفنية ، والشعراء كثر ، منهم : شعراء المعلقات ، جرير ، الفرزدق ، المتنبي ، أبو تمام ، البحتري ، أبو فراس الحمداني ، البارودي ، أحمد شوقي ، صلاح عبد الصبور ، الشابي ، إيليا أبو ماضي.. وغيرهم كثير ، ابحث ، وتذوق !

4- الكتب النثرية الأدبية والاجتماعية وغيرها تثري فكرك ووجدانك ، ومنها كتابات كل من : الجاحظ ، ابن المقفع ، مصطفى الرافعي ، المنفلوطي ، الزيات ، العقاد ، طه حسين ، جبران خليل جبران ، ميخائيل نعيمة ، أحمد أمين ، عائشة عبد الرحمن ، علي الطنطاوي... إلخ.

5- كتب التراث والتاريخ والسير الذاتية والكتب المشهورة عامة باختلاف اختصاصاتها ، منها : كتب ابن القيم ، كتب التاريخ كمقدمة ابن خلدون والبداية والنهاية والطبري ، ابن الجوزي ، الماوردي... إلخ ، ابحث ، وانهل !

( ب ) قراءات تخصصية :


كل كاتب هنا يقرأ في مجال تخصصه . ونذكـّر هنا أهمية البدء بأمهات الكتب وعدم إغفالها ، ومن ثم قراءة الكتب الهامة وكل ما يقع تحت يديك بقدر ما يتاح لك.


كيف أقرأ ؟

تعتمد طريقة القراءة على عدة اعتبارات ، منها موضوع القراءة ، والهدف من قراءته. وعلى أية حال فالقراءة قد تكون:

- قراءة متأنية أو تذوقية كقراءتنا للقرآن الكريم والشعر وكتب التراث والأدب.
- وقد تكون قراءة سريعة كقراءتنا لكتب التنمية والمقالات المتنوعة.

إذا.. تعلمي قراءة القرآن الكريم وتدبر آياته، وتعلمي تذوق الشعر فكرا وشعورا وصورا فنية.
وتعلمي أسس القراءة السريعة وطبقيها في قراءاتك.


* كيف أستفيد مما أقرأ ؟

الاستفادة تقوم على عمليتين أساسيتين : التقييد + المذاكرة.
التقييد بمعنى تدوين النقاط والمعلومات المهمة والأساسية مما تقرأ ، ويقترح تلخيص الموضوع بأسلوبك ، ولربما كتبت مقالة تناقش فيها محاور الكتاب أو بعض النقاط المتناولة ، لتقدح فكرك ، وقد تنشرها فيحصل نوع من النقاش مع القراء.

وأما المذاكرة فقد تكون ذاتية بصوت مسموع ، وقد تتحاور مع آخرين ، ولا سيما أهل الاختصاص ، وتناقشهم . والمناقشة بحد ذاتها تثبت المعلومات ، وتثري ذهنك وتحفزه.

نلخص مقترحاتنا للاستفادة من قراءاتك بالآتي :

- كتابة الملخصات
- تدوين التعليقات والملاحظات والاقتباسات المهمة
- المذاكرة والمدارسة وحفظ المعلومات
- الحوار والنقاش مع الآخرين ولا سيما المختصين


بعد الإجابة عن الأسئلة الثلاثة الماضية ، تبادر إلى ذهني سؤال مهم ، قد نعدّه خلاصة لعامل القراءة ، والسؤال :

* لماذا أقرأ ؟

أجبنا عن جزء من هذا السؤال فيما تم طرحه ، وثمة زيادة ، ولنختصر بما يأتي :

1- لزيادة ثقافتي حصيلتي المعرفية
2- لإذكاء وجداني ، مشاعري وعواطفي وأحاسيسي
3- لتقوية أسلوبي في الكتابة
4- لزيادة حصيلتي اللغوية م...ن المفردات الفصيحة ودلالاتها
5- للتدرب على مهارة الكتابة
6- لأقوي شخصيتي ولأرتقي بها ، ولأكسبها جاذبية
7- لأستمتع بطرائف الحكم وتجارب الآخرين ، فتتوسع مداركي وفهمي للحياة
8- لأشغل وقتي بالمفيد
9- لأجرب ما لم أجربه بالتخيل والاستشعار
10- لأتناقش وأتحاور مع الآخرين بوعي وثقة

أكملي بنقاط أخرى....

يفيدنا هذا الجزء في تحديد دوافع القراءة ، ومن المعلوم لدى التنمويين أن تحديد الدوافع يحفزنا للإنجاز ، بل يحركنا ، ونحن بحاجة إلى التحفيز والتحرك لنتمتع بعادة القراءة.

استمتعي هنا مع هذا اللقاء الممتع جدا :

قصتي مع القراءة 1

قصتي مع القراءة 2

قصتي مع القراءة 3
ريحانة التميمي
اسفة رديت هنا ومسحت الرد
أ.خلود داود
أ.خلود داود
اسفة رديت هنا ومسحت الرد
اسفة رديت هنا ومسحت الرد

ثانية : الملاحظة

ها قد وصلنا الجزيرة ، بعد أن خضنا لجج البحر ، والتقطنا الدرر من بطون الكتب، وصقلنا فكرنا ووجداننا بتجارب الآخرين وخلاصة معرفتهم. وصلنا الجزيرة الآن كي ننتقل إلى وسائل مثيرة وممتعة لإثراء حصيلتنا المعرفية ، وإذكاء روح الحكمة والاستبصار بنواميس الحياة وحقائقها الناصعة، وتدريب حواسنا على استقبال فيوضات الحياة واستشعار معانيها بنظرة فاحصة وشعور مرهف.

على أرض الجزيرة الآن انتشروا أشتاتا.. تحت ظل شجرة.. على تل رملي صغير.. على الشاطئ.. على متن فرس.. سنقوم بلحظات تأمل نراقب فيها حركة الكون : شروقا وغروبا ، مدا وجزرا ، نورا وظلا ، انقباضا وانبساطا...

راقبي حركة نملة وهي تحمل حبة صغيرة ، راقبي حركة الفرس وهو يجري ، تأملي انسحاب الأشعة وقت الغروب ، استمتعي بمنظر النباتات في تمايلها مع النسيم ، تلمسي نعومتها أو خشونتها ، دققي في تفاصيلها وألوانها ، أو دققي في أي مخلوق أو مشهد أمامك.

ودوِّني هذه المشاهدات بتـفـاصـيـلها في دفـتـرك .

هذه هي الوسيلة الثانية من وسائل إثراء المخزون الفكري والوجداني ، ألا وهي الملاحظة . والملاحظة كما جاءت في المعجم الوسيط هي: "مراقبةُ شيءٍ أو حالٍ طبيعيّ أو غير طبيعيّ كما يحدث ، وتسجيل ما يبدو لغرض علميّ أو عـَمَليّ ، كمراقبة نمو النبات أو ثورة بركان ، أو سير كوكب ، أو حال مرضية أو علاجية."



ونقصد هنا بالملاحظة :... مراقبة الأحداث والأشياء من حولك بهدف التوصل إلى بعض أسرارها أو أسبابها أو حكمة وجودها.. وغيرها.

في عملية الملاحظة نقوم بعملية مراقبة لما يظهر لك. لاحظ الأشياء من حولك ، لاحظ حركة الشمس ، حركة الليل والنهار ، لاحظ المخلوقات الحيوانية والحشرات والنباتات ، لاحظ سلوكيات البشر كيف تتفاقم مثلا ؟ وما الذي ينتج عنها ؟ كيف يتصرف الناس ؟ وغيرها من المشاهدات التي تتكرر كثيرا أمامنا.



أنت هنا تأخذ دور العدسة المكبرة ، وليس الهدف الحكم على الأشياء وتقويمها وعلاجها أو انتقادها ، الملاحظة عملية مراقبة وحسب ، أن تتأمل من بعيد دون احتكاك ولكن بنظرة فاحصة فضولية مستكشفة ؛ كي تفهم طبيعة حركة الأشياء والمخلوقات في هذا الكون.

قد يتساءل البعض : وما الذي سنستفيده من عملية الملاحظة ؟

والجواب يتمثل في أن الملاحظة أولا تستخدمها البحوث العلمية كمنهج للتوصل إلى بعض الحقائق العلمية. ومن ناحية أخرى فالملاحظة تقربنا من الكون ، وهو المنبع لكل كتاباتنا بما يحتويه من أشياء مادية ومخلوقات وأفكار ومشاعر.. إننا نراقب حركة الحياة الواقعية كما هي ، حتى إذا أردنا أن نكتب استطعنا أن نعبر من واقع فهم لما حولنا ووعي به ، نتكلم من واقع موجود لا من خيالٍ أو صورة مثالية متوهجة في الذهن. يقول "وليام سارويان" عن الملاحظة: "إنها الطريقة الوحيدة لكي تكتب شيئًا عظيمًا.

ويرى الكاتب الروائي الشهير (تولستوي) أن الملاحظة مهارة يمكن اكتسابها ، كما فعل هو مع نفسه ؛ إذ لم يكن يملك مهارة الملاحظة ، ومع التدرب على ملاحظة تفاصيل الحياة والسعي الدؤوب في ممارستها ، نالها. ويرى تولتسوي أن الملاحظة هي "الوسيلة الصحيحة ليحصل الكاتب على نغمته الخاصة وأسلوبه المميز."

ويذكر أدوات أساسية تعين الكاتب في امتلاك مهارة الملاحظة ، منها :

- رهافة الحس والحساسية الزائدة تجاه كل شيء يحيط به.
- الاهتمام والمتابعة بحرص لكل ما يجري، من أضيق دائرة، إلى أوسع دائرة محيطة به.
- النظر إلى العالم بحب، والتقاط الأفكار من المحيط حولهم بحب أيضًا.
- النزول إلى الشارع، والاحتكاك المباشر بالناس، ليكون الكاتب أمينًا فيما يكتب، ولينطلق من قضايا تمس البيئة المحيطة به بشكل مباشر، بدلاً من الكتابة من "برج عاجي" بحسب التعبير الشائع ، وهذا سيساعده على التقاط صور قريبة ودقيقة، لا يسمح له علوّ برجه العاجي برؤيتها بوضوح.
- عدم الاستهانة بأي إنسان أو بأي فكرة، فكل شيء في الحياة –مهما كان بسيطًا في ظاهره- من الممكن أن يكون عظيمًا بحد ذاته، أو أن يكون دليلاً على ما هو عظيم."

___________________________________
( الفقرة الأخيرة اقتباس مع بعض التصرف من مقال لفاطمة البريكي بعنوان "الأدباء الشباب والملاحظة" ، موقع: balagh.com ).



ردود ومناقشات

زنجبيلا.. يمكنك الجمع بين الأسلوبين.

ريحانة التميمي.. تميلين نحو الكتابات الإنسانية الاجتماعية.. تابعي القراءة فيها لتتدربي على إتقان هذا المجال.



فخورة بك عزيزتي البحث جاري.. واضح أنك تتوحدين مع الكاتب في نصوصه، وهذا رائع! إن استمريت على هذا النهج ستصلين إلى ما تطمحين بكل يقين. شاركينا بجدول تطوير قلمك قريبا بإذن الله.
أ.خلود داود
أ.خلود داود
ثانية : الملاحظة ها قد وصلنا الجزيرة ، بعد أن خضنا لجج البحر ، والتقطنا الدرر من بطون الكتب، وصقلنا فكرنا ووجداننا بتجارب الآخرين وخلاصة معرفتهم. وصلنا الجزيرة الآن كي ننتقل إلى وسائل مثيرة وممتعة لإثراء حصيلتنا المعرفية ، وإذكاء روح الحكمة والاستبصار بنواميس الحياة وحقائقها الناصعة، وتدريب حواسنا على استقبال فيوضات الحياة واستشعار معانيها بنظرة فاحصة وشعور مرهف. على أرض الجزيرة الآن انتشروا أشتاتا.. تحت ظل شجرة.. على تل رملي صغير.. على الشاطئ.. على متن فرس.. سنقوم بلحظات تأمل نراقب فيها حركة الكون : شروقا وغروبا ، مدا وجزرا ، نورا وظلا ، انقباضا وانبساطا... راقبي حركة نملة وهي تحمل حبة صغيرة ، راقبي حركة الفرس وهو يجري ، تأملي انسحاب الأشعة وقت الغروب ، استمتعي بمنظر النباتات في تمايلها مع النسيم ، تلمسي نعومتها أو خشونتها ، دققي في تفاصيلها وألوانها ، أو دققي في أي مخلوق أو مشهد أمامك. ودوِّني هذه المشاهدات بتـفـاصـيـلها في دفـتـرك . هذه هي الوسيلة الثانية من وسائل إثراء المخزون الفكري والوجداني ، ألا وهي الملاحظة . والملاحظة كما جاءت في المعجم الوسيط هي: "مراقبةُ شيءٍ أو حالٍ طبيعيّ أو غير طبيعيّ كما يحدث ، وتسجيل ما يبدو لغرض علميّ أو عـَمَليّ ، كمراقبة نمو النبات أو ثورة بركان ، أو سير كوكب ، أو حال مرضية أو علاجية." ونقصد هنا بالملاحظة :... مراقبة الأحداث والأشياء من حولك بهدف التوصل إلى بعض أسرارها أو أسبابها أو حكمة وجودها.. وغيرها. في عملية الملاحظة نقوم بعملية مراقبة لما يظهر لك. لاحظ الأشياء من حولك ، لاحظ حركة الشمس ، حركة الليل والنهار ، لاحظ المخلوقات الحيوانية والحشرات والنباتات ، لاحظ سلوكيات البشر كيف تتفاقم مثلا ؟ وما الذي ينتج عنها ؟ كيف يتصرف الناس ؟ وغيرها من المشاهدات التي تتكرر كثيرا أمامنا. أنت هنا تأخذ دور العدسة المكبرة ، وليس الهدف الحكم على الأشياء وتقويمها وعلاجها أو انتقادها ، الملاحظة عملية مراقبة وحسب ، أن تتأمل من بعيد دون احتكاك ولكن بنظرة فاحصة فضولية مستكشفة ؛ كي تفهم طبيعة حركة الأشياء والمخلوقات في هذا الكون. قد يتساءل البعض : وما الذي سنستفيده من عملية الملاحظة ؟ والجواب يتمثل في أن الملاحظة أولا تستخدمها البحوث العلمية كمنهج للتوصل إلى بعض الحقائق العلمية. ومن ناحية أخرى فالملاحظة تقربنا من الكون ، وهو المنبع لكل كتاباتنا بما يحتويه من أشياء مادية ومخلوقات وأفكار ومشاعر.. إننا نراقب حركة الحياة الواقعية كما هي ، حتى إذا أردنا أن نكتب استطعنا أن نعبر من واقع فهم لما حولنا ووعي به ، نتكلم من واقع موجود لا من خيالٍ أو صورة مثالية متوهجة في الذهن. يقول "وليام سارويان" عن الملاحظة: "إنها الطريقة الوحيدة لكي تكتب شيئًا عظيمًا. ويرى الكاتب الروائي الشهير (تولستوي) أن الملاحظة مهارة يمكن اكتسابها ، كما فعل هو مع نفسه ؛ إذ لم يكن يملك مهارة الملاحظة ، ومع التدرب على ملاحظة تفاصيل الحياة والسعي الدؤوب في ممارستها ، نالها. ويرى تولتسوي أن الملاحظة هي "الوسيلة الصحيحة ليحصل الكاتب على نغمته الخاصة وأسلوبه المميز." ويذكر أدوات أساسية تعين الكاتب في امتلاك مهارة الملاحظة ، منها : - رهافة الحس والحساسية الزائدة تجاه كل شيء يحيط به. - الاهتمام والمتابعة بحرص لكل ما يجري، من أضيق دائرة، إلى أوسع دائرة محيطة به. - النظر إلى العالم بحب، والتقاط الأفكار من المحيط حولهم بحب أيضًا. - النزول إلى الشارع، والاحتكاك المباشر بالناس، ليكون الكاتب أمينًا فيما يكتب، ولينطلق من قضايا تمس البيئة المحيطة به بشكل مباشر، بدلاً من الكتابة من "برج عاجي" بحسب التعبير الشائع ، وهذا سيساعده على التقاط صور قريبة ودقيقة، لا يسمح له علوّ برجه العاجي برؤيتها بوضوح. - عدم الاستهانة بأي إنسان أو بأي فكرة، فكل شيء في الحياة –مهما كان بسيطًا في ظاهره- من الممكن أن يكون عظيمًا بحد ذاته، أو أن يكون دليلاً على ما هو عظيم." ___________________________________ ( الفقرة الأخيرة اقتباس مع بعض التصرف من مقال لفاطمة البريكي بعنوان "الأدباء الشباب والملاحظة" ، موقع: balagh.com ). ردود ومناقشات زنجبيلا.. يمكنك الجمع بين الأسلوبين. ريحانة التميمي.. تميلين نحو الكتابات الإنسانية الاجتماعية.. تابعي القراءة فيها لتتدربي على إتقان هذا المجال. فخورة بك عزيزتي البحث جاري.. واضح أنك تتوحدين مع الكاتب في نصوصه، وهذا رائع! إن استمريت على هذا النهج ستصلين إلى ما تطمحين بكل يقين. شاركينا بجدول تطوير قلمك قريبا بإذن الله.
ثانية : الملاحظة ها قد وصلنا الجزيرة ، بعد أن خضنا لجج البحر ، والتقطنا الدرر من بطون الكتب،...
مهمة للمبادرات

في الموضوع السابق طرحت فيديو قصتي مع القراءة للدكتور عائض القرني ، أرجو من الأخوات المجتهدات حصر الكتب التي ذكرها الدكتور في قائمة.




ردود :






شجرة البيلسان.. أحسنت عزيزتي . نقطة ممتازة.



بالضبط يا روين كلامك سليم.




البحث جاري.. فكرة ممتازة ! كنت أرجو فتح موقع متخصص في التدريب الكتابي، غير أن انشغالي هذه الفترة حال دون ذلك. أتطلع لو أن واحدة متحمسة أو مجموعة متحمسة منكن أن يقمن بفتح قسم أو موقع لنتزود معا في مجال التدريب الكتابي. بالإمكان الاقتراح.


يا مصقوعة اسم الله عليك من الصقعات ربي يسعدك :).. الروايات المنتشرة بالنت لم أطلع إلا على قليل منها ، وكثير منها بالعامية ، وأما الروايات الفصيحة فقليلة على حد معرفتي. اقرئي وانظري إن كانت هذه الروايات تتضمن فعلا مفردات جديدة بالنسبة لك. وعلى أية حال كتب الأدباء المعروفين وكتب التراث والأدب هي الأغنى بالمفردات الجديدة. موفقة.



عزيزتي أستغفر الله.. أشكرك على دعواتك الرائعة ، وثنائك الجميل زادك الله سعدا ومجدا. لدي قناعة بأن الإنسان كلما زكـَّى المعلومات التي لديه بنشرها بين الآخرين ؛ زاده الله علما، وانداحت أفكارٌ أكثر جدة وأصالة وعمقا وإثارة، فأبشري والأخوات الغاليات بأن أمدكن بكل جديد وممتع وقوي في هذا المجال بعون الله وحوله وقدرته.



أحسنت غاليتي.. موفقة.
أ.خلود داود
أ.خلود داود
مهمة للمبادرات في الموضوع السابق طرحت فيديو قصتي مع القراءة للدكتور عائض القرني ، أرجو من الأخوات المجتهدات حصر الكتب التي ذكرها الدكتور في قائمة. ردود : شجرة البيلسان.. أحسنت عزيزتي . نقطة ممتازة. بالضبط يا روين كلامك سليم. البحث جاري.. فكرة ممتازة ! كنت أرجو فتح موقع متخصص في التدريب الكتابي، غير أن انشغالي هذه الفترة حال دون ذلك. أتطلع لو أن واحدة متحمسة أو مجموعة متحمسة منكن أن يقمن بفتح قسم أو موقع لنتزود معا في مجال التدريب الكتابي. بالإمكان الاقتراح. يا مصقوعة اسم الله عليك من الصقعات ربي يسعدك :).. الروايات المنتشرة بالنت لم أطلع إلا على قليل منها ، وكثير منها بالعامية ، وأما الروايات الفصيحة فقليلة على حد معرفتي. اقرئي وانظري إن كانت هذه الروايات تتضمن فعلا مفردات جديدة بالنسبة لك. وعلى أية حال كتب الأدباء المعروفين وكتب التراث والأدب هي الأغنى بالمفردات الجديدة. موفقة. عزيزتي أستغفر الله.. أشكرك على دعواتك الرائعة ، وثنائك الجميل زادك الله سعدا ومجدا. لدي قناعة بأن الإنسان كلما زكـَّى المعلومات التي لديه بنشرها بين الآخرين ؛ زاده الله علما، وانداحت أفكارٌ أكثر جدة وأصالة وعمقا وإثارة، فأبشري والأخوات الغاليات بأن أمدكن بكل جديد وممتع وقوي في هذا المجال بعون الله وحوله وقدرته. أحسنت غاليتي.. موفقة.
مهمة للمبادرات في الموضوع السابق طرحت فيديو قصتي مع القراءة للدكتور عائض القرني ، أرجو من...
بارك الله فيك يا شمعة متقدة.. مدهشة أنت ! تلخيصك موفق. واسمحي لي أن أعرضه هنا. ونصيحتي لكل أخت أن تجتهد ما استطاعت في تلمس هذا الطريق من خلال اقتناء الكتب وقراءتها وتدراسها. وفقن الله.

***

أخواتي المتدربات ، هذه قائمة الكتب التي قرأها الدكتور عائض القرني والتي نصح بقراءة أغلبها:

بداياته كانت أدبية عموما:

- الأدب العربي لعمر فروخ
- العقد الفريد
- رجال حول الرسول
- زاد المعاد
-القصص والروايات
- البداية والنهاية

ثم انتقل الى كتب الحديث:

- مختصر البخاري
- رياض الصالحين
- الأربعين نووية

أحب كثيرا علم السير والتراجم :

- سير أعلام النبلاء

وكان يكرر قراءة الكتب 4/5 مرات الى 10 مرات مثل كتاب:

- بلوغ المرام

من الكتب التي نصح بها:
- فتح الباري لابن حجر
-الجمع بين الصحيحين للاشبيلي والحميدي
- الأغاني للأصفهاني
- ديوان المتنبي

أحسن كتاب نصح به في الأدب:

"العود الهندي في شرح مجالس الكندي"

ولنفس الكاتب:
- ايدام القوت في تاريخ حضرموت

قرأ كذلك:
- احياء علوم الدين ، تأثر به كثيرا ونصح بقراءته بجرعات

- دع القلق لدايل كارنجي
- القصص العالمية
- كتب ابن القيم :
زاد المعاد
الفوائد
مدراج السالكين


وكتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية

وأوصى كثيرا بكتاب ابن الجوزي "صيد الخاطر"



قراءاته الحالية :

القرآن طبعا
والسنة : -جامع الأصول لابن الأثير

كتب الغربيين لأنها تحتوي على أفكار جديدة:

-قوة الصبر ل ام جي ريان
-كيف تمسك بزمام القوة
-لا تهتم بصغائر الامور

مذكرات الساسة:

- طريق الحرية لنلسن مانديللا
- مذكرات ريغن..

الصحف: يقرأ صحيفتين أو ثلاث للاطلاع على الأخبار ، لا تأخذ منه الكثير من الوقت بل يركز على خبر أهمه أو مقال لصحفي يعجبه

يحب مقالات النقد الساخر

المجلات:

اقتنى مجلة الرسالة: كان يكتب فيها الزيات ، احمد أمين، الرافعي، المازني طه حسين، العقاد..


نصيحته للمبتدئين:

أن يبدؤو بالأسهل والأيسر
فصاحب التخصص في الحديث مثلا يبدأ ب مختصر البخاري مختصر مسلم ورياض الصالحين والأربعين نووية
ثم جامع العلوم والحكم
ثم ينتقل الى المتون كصحيح البخاري ومسلم
ثم الشروح كشرح الباري ..

وهذه الطريقة تنطبق على المجالات الأخرى

ختم الدكتور القرني ببيت المتنبي:

اعـــــز مكان في الدنى سرج سابح وخير جليس في الزمان كتاب


وآخر كلمة وجهها للقارئ :

أن يقرأ في كل مكان وأن يكون الكتاب في متناول يده أينما حلّ: في السيارة ، عند رأسه (بجنب السرير)، في المكتب...


أتمنى لكن جميعا قراءة ممتعة واستيعابا موفقا


والشكر لك عزيزتي توفي كذلك بارك الله فيك على مجهودك الطيب.