قصتي مع حج الفريضة : قصة واقعية !!!

ملتقى الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم
أخواتي الغاليات:) ، هذه القصة قصة واقعية نقلتها لكن للفائدة ، تحكيها :
أمَةُ الله
الشاكرة لله
المعترفة بفضله

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ذي الفضل العظيم، ذي الجلال والإكرام والعِزة التي لا تُرام، والصلاة والسلام على خير الأنام ، محمد بن عبد الله ،وعلى صحبه وأتباعه الكرام، وبعد ،،،،
فإن قصتي مع فريضة الحج لقصة عجيبة ،أكاد –نفسي- لا أصدقها، ولقد رأيت أن أرويها لعل بها ما يفيد أحداً من المسلمين فأكون سببا في خير له عاجل أو آجل .
تبدأ قصتي مع هذه الرحلة المباركة حين كنت في العشربن من العمر حين عزم والديَّ الكريمين على أداء فريضة الحج للمرة الثالثة ، وعرضَت علي أمي –أكرمها الله – أن أسافر معهما ، وفي تلك اللحظة دار بذهني خاطر ،وهو أنني إذا أديت فريضة الحج ، فلابد من أن أحافظ على ثوابها بالإلتزام التام ،ومن ثم فإنني حين أعود لن أستطيع ارتداء ملابسي التي أفضِّلها ، ( حيث أنني كنت أرتدي الحجاب الفضفاض المحتشم،ولكنني كنت أرتدي طرحة قصيرة تغطي فتحة الجيب فقط،كما كنت أحياناً أرتدي ثوباً شانيل(أقصر بقليل من الماكسي) مع البوت الواسع،أو أرتدي التونيك الباكستاني ) ؛ فقلت لنفسي ، أو هكذا قال لي الشيطان :"إن سفرك للحج يعني أن ترتدي بعده الطرحة الطويلة مع العباءة الماكسي على الدوام " وكنت في ذلك الوقت لا أحتمل هذه الفكرة ، حيث كانت الفتيات في الجامعة يرتدين ما لذ وطاب من الموديلات والموضات ،وكنت أظن أن العباءة مع الطرحة الطويلة سوف يقللان من أناقتي .
فكان ردي على أمي دون تردد هو: " لا ، ليس هذا العام ، شكرا لك"

فما كان منها إلا أن أعرضَت عن ذكر الأمر ،وعلى الرغم من أنني لاحظت أنها حزنت لردي هذا ، إلا أنها لم تشأ- كعادتها - أن تُرغمني على شيء ، فلم تناقشني ولم تسألني عن سبب رفضي، بل تركتني وشأني .
وسافر والداي مع بعض أقاربنا إلى الحج وأنا لا أشعر بأي تأنيب لضميري ،
فقد كنت وقتها لا لأعلم أن المستطيع لأداء فريضة الحج (سواء من حيث الصحة أو المال أو توفُّر الأمن في طريق الحج ،وتوفَّر المال الكافي لمن يترك من الأهل ) ثم يموت، يموت وهو على غير دين الإسلام !!!!!!
لأن الحج أحد أركان الإسلام الخمسة !!!!!!

ولم أكن أعلم وقتها أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يُصلِّ على رجل مات ولم يحج مع استطاعته لأداء فريضة الحج !!!
ولم اكن أعلم أن الحج يجعل المسلم يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ،إلا أن هذا لا يعني أنه لن يُخطىء مرة ثانية، بل يظل يستغفر ويتوب لأن "كل ابن آدم خطَّاء وخير الخطَّائين التوابون" كما قال اصلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن الذي ورد في صحيح الترغيب والترهيب .

، ولو أنني ذهبت لأداء الحج وعدت لارتداء نفس ملابسي لما كان ذلك فيه غضاضة مادمت محتشمة وملتزمة بآداب الحجاب الشرعي !!!

وربما كنت ارتديت العباءة والطرحة الطويلة عن طواعية وطيب خاطر بعد رحلة الحج ...ولكن قدَّر الله وما شاء فعل .

لذلك فقد كنت سعيدة وقتها بأنني أجَّلت فريضة الحج للمستقبل ، وربما بعد زواجي ، فقد كان سائداً في مجتمعنا في وقتها –للأسف- ان فريضة الحج لكبار السن فقط !!!!

أما بدايتي مع بلاد الحرمين الشريفين فقد كانت بداية قوية ،حيث رزقني الله سبحانه بأداء العمرة في النصف الثاني من شهر رمضان المبارك بعد أن تزوجت وأنجبت طفلي الأول ؛ وكان ذلك بعد تسع سنوات من تلك الحادثة ( حادثة رفضي لأداء فريضة الحج للحفاظ على أناقتي ) .
كانت تلك الرحلة في الشتاء وكانت ملابسي ساترة وفضفاضة، و لكني حين وصلت إلى المدينة المنورة وجدت كل من حولي من النساء يرتدين العباءة حتى الأطفال منهن ، فاستحييت من نفسي، واشتريت عباءتان وطرحتان طويلتان ،وكانت المفاجأة أنني شعرت براحة عجيبة حين ارتديت العباءة، بل وبسكينة وشعور بالسَّتر....وكأن ما ارتديته من قبل طوال عمري من ملابس قبل ذلك لم تكن تسترني !!!

وأن هذه العباءة هي الملابس الساترة ؛
فوقعت في غرامها وشعرت بحب شديد لها ،
فسبحان الله العظيم !!!!!!!!

أما في مكة المكرمة ، فقد قيل لي أن الدعاء عند رؤية الكعبة المشرَّفة للمرة الأولى مستجاب يقيناً ، فكنت أتحرق شوقاً لرؤيتها لما سمعته عنها من أمي وخالتي أكرمهما الله ، فلما وقعت عيناي عليها ورأيت هذا الجمال والجلال ، استحييت من ربي أن أسأله أمراً من أمور الدنيا-وما أكثرها- فقررت فوراً أن أدعو بتيسير أمر من أمور الدين ،ولما بحثت عن أحد هذه الأمور ، لم أجد سوى أن أطلب الحج ؛؛؛؛ فوجدت نفسي أتوجه بالدعاء إلى ربي الكريم قائلة:

""اللهم ارزقني حجاً مبرورا ً""

وبعد ذلك طلبت من الله تعالى ما شئت من أمور الدنيا .

والعجيب أنني حين دعوت بالحج المبرور ، شعرت وقتها أن هذه الأمنية لن تتحقق أو أن مكروهاً قد يحدث بخصوصها ، فتعجبت كثيراً ،،،ولم يكن أمامي إلا أن أحاول أن أتناسى هذا الأمر لأستمتع بهذه الرحلة المباركة .
44
10K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

حكايه صبر
حكايه صبر
جزاااااااااااك الله خيرا
واسعدك البارئ في الدارين
rainyheart
rainyheart
آمين وإياك يا أخيتي الغالية حكاية صبر

والقصة تُتبع إن شاء الله
ام دحمااان
ام دحمااان
جزاك الله خير وكلنا شوووووق لاكمال القصه يالغاليه
كلي وفآ~
كلي وفآ~
مشكووره لنقلج للقصه ..

وننتظر تكملة القصـــــــــــة ..!!
rainyheart
rainyheart
مشكووره لنقلج للقصه .. وننتظر تكملة القصـــــــــــة ..!!
مشكووره لنقلج للقصه .. وننتظر تكملة القصـــــــــــة ..!!
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته :)

فيما يلي بقية القصة :
لقد كانت بالفعل أجمل رحلة قمت بها في حياتي –فأنا من محبي السفر لشتى بقاع الأرض ولطالما رزقني الله بالسفر مع أسرتي للعمل أو للسياحة ،وكنت قبل السفر لهذه العمرة أطمح للسفر إلى اليابان وانجلترا وأنوي ذلك، ولكني حين وجدت نفسي بين أحضان الحرم الشريف ، وحين شعرت أمام الكعبة وفي أثناء الطواف بأجمل ما يمكن الشعور به في الدنيا ، وهو الأمان والاطمئنان،والحنان الذي يتدفق على الطائفين والعاكفين والرُّكع السجود بالمسجد الحرام ، فكرت جديا ًفي عدم العودة إلى بلدي ، وفي البقاء بجوار الكعبة الشريفة ، ولما فكرت في مصدر الرزق، قلت لنفسي :سوف أستبدل وظيفتي المرموقة ببلدي بوظيفة خادمة بالحرم الشريف، أنظف بيت الله لضيوف الله ،وأيسِّر لهم السُّقيا، فأنال هذا الشرف العظيم .

ولكني فكرت بطفلي البالغ من العمر سنتان الذي ينتظرني ببلدي ، كيف أتركه ؟!!! ومن يربيه؟

فشعرت وقتها أن بقائي ببلاد الحرمين غير ممكن بهذه الطريقة ، وأن الحل الأمثل هو أن أعود إليه مرات عديدة كلما سنحت لي الفرصة ، ففارقتُ أرض مكة المكرمة والألم يعصرني، وقلبي يبكي قبل عيوني .

وبعد هذه الرحلة الأسطورية ( عُمرة في أواخر شهر رمضان) ،وما شعرت به من رُقِيّ روحي ؛ لم أعد أرغب في السفر إلى أي بلد سوى بلاد الحرمين ، وصار هذا هدفاً مُلحَّا ً على قلبي وعقلي وروحي ،

ثم سعيت لتحويل كل ملابسي إلى عباءات ، ثم نصحتني ابنة خالتي بالتخلص من الملابس الأخرى ( التايورات والفساتين، والتونيكات ) حتى لا يتلاعب بي الشيطان- و كانت نعم النصيحة- فقمت بتنفيذها فوراً ، وتصدقت بها مرة واحدة رغم أناقتها وغلاء ثمنها، ثم احتسبت أجري عند الله الكريم ، ثم أصبحت داعية لارتداء العباءة لدى صديقاتي ،حتى انني كنت أحياناً أهديهن العباءات ليجربنها ويشعرن بما شعرت به حين ارتديتها، وكنت أفرح حين يكون شعورهن هو نفس الشعور ، وأحمد الله رب العالمين.

و بعد ذلك هداني الله سبحانه إلى أن أستفيد من وقتي الذي أقضيه في المطبخ بأن أشتري جهاز كاسيت مخصص له وأستمع في هذا الوقت إلى القرآن الكريم، والدروس الدينية ؛ فأكرمني الله تعالى بدرس أوضح لي أهمية أداء فريضة الحج ، وعلمت بما يلي من أحكام :

قال الني صلى الله عليه و سلم : (تعجلوا إلى الحج- يعني الفريضة- فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له) اخرجه الإمام احمد - رحمه الله- و فيه مقال .

قال الشيخ ابن باز - رحمه الله - : من قدر على الحج ولم يحج الفريضة وأخره لغير عذر، فقد أتى منكراً عظيماً ومعصية كبيرة ، فالواجب عليه التوبة إلى الله من ذلك والبدار بالحج ؛ لقول الله سبحانه : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن غني عن العالمين) آل عمران/97
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : " بني الإسلام على خمس : شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت" متفق على صحته
ولقوله صلى الله عليه وسلم لما سأله جبرائيل عليه السلام عن الإسلام ، قال :" أن تشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا " أخرجه مسلم في صحيحه ، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه .( من مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبدالعزيز بن باز رحمه الله)
)

كما قرأت هذه الكلمات المباركة لفضيلة العلامة محمد بن صالح العثيمين :رحمه الله :

" الحمد لله الذي فرض الحج على عباده إلى بيته الحرام ، ورتب على ذلك جزيل الأجر ووافر الإنعام ، فمن حج البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج كيوم ولدته أمه نقيًّا من الذنوب والآثام ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة دار السلام ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والإكرام ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أفضل من صلى وزكى وحج وصام ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان ما تعاقبت الليالي والأيام ، وسلم تسليمًا كثيرًا . أما بعد :

فيا أيها الناس : اتقوا الله تعالى ، وأدوا ما فرض الله عليكم من الحج إلى بيته الحرام حيث استطعتم إلى ذلك سبيلاً ، فإن الله - تعالى - قال في كتابه : ( وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( الإسلام : أن تشهد ألا إله إلا الله ، وأن محمدًا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً ) . وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الإسلام بني على هذه الدعائم الخمس فلا يتم إسلام عبد حتى يحج ، ولا يستقيم بنيان إسلامه حتى يحج .

وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال : حين كان خليفة على المسلمين : ( لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار فينظروا كل من له جدة - أي : كل من كان غنيًا ولم يحج - ؛ فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين ) .

أيها المسلمون : إن فريضة الحج إلى بيت الله ثابتة بكتاب الله وبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبإجماع المسلمين عليها إجماعًا قطعيًا ، فمن أنكر فريضة الحج فقد كفر ، ومن أقر بها وتركها تهاونًا فهو على خطر ، فإن الله - تعالى - قال بعد ذكر إيجابه على عباده قال وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) . .

أيها المسلمون : كيف تطيب نفس المؤمن أن يترك الحج مع قدرته عليه بماله وبدنه وهو يعلم أنه ركن من أركان الإسلام وفرائضه !؟ كيف يبخل الإنسان بماله على نفسه في أداء هذه الفريضة وهو ينفق الكثير من ماله في هوى نفسه !؟ كيف يوفر نفسه عن التعب في الحج وهو يرهق نفسه في التعب في أمور دنياه !؟ كيف يتثاقل فريضة الحج وهو لا يجب في العمر إلا مرة واحدة !؟ كيف يتراخى في أداء الحج ويؤخره وهو لا يدري فلعله لا يستطيع الوصول إليه بعد عامه !؟

فاتقوا الله عباد الله ، وأدوا ما فرض الله عليكم من الحج تعبدًا لله تعالى ورضًا بحكمه وسمعًا وطاعةً لأمره إن كنتم مؤمنين ، قال الله - عز وجل - : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا ) . .

إن المسلم إذا أدى الحج والعمرة بعد بلوغه مرة واحدة فقد أسقط الفريضة عن نفسه وأكمل بذلك أركان دينه ولم يجب عليه بعد ذلك حج ولا عمرة إلا أن يوجبه على نفسه بالنذر فإنه يلزمه الوفاء بما نذر لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ) .

أيها المسلمون : إن من تمام رحمة الله ومن بالغ حكمته أن جعل للفرائض حدودًا وشروطًا ؛ لتنضبط بذلك وتتحدد المسؤولية ، وجعل هذه الشروط في غاية المناسبة للفاعل الزمان والمكان ، ومن هذه الفرائض التي جعل الله لها شروطًا : الحج إلى بيت الله الحرام ، فإن الحج له حدودًا وشروطًا لا يجب على المسلم إلا إذا توافرت هذه الشروط ، فمن شروط الحج :

- أن يكون الإنسان بالغًا ، ويحصل البلوغ في الذكور بواحد من أمور ثلاثة : إنزال المني بشهوة ، أو تمام خمس عشرة سنة أو نبات شعر العانة ، أما في الإناث فإنه يحصل بذلك وزيادة أمر رابع وهو : الحيض ، فمتى حاضت المرأة ولو لم يكن لها إلا عشر سنوات فإنها بالغة ، أما من لم يبلغ من ذكورٍ وإناثٍ فلا حج عليه ولو كان غنيًا ولكنه لو حج صح حجه تطوعًا وله أجره ، فإذا بلغ أدى الفريضة ؛ لأن حجه قبل البلوغ لا يسقط به الفرض ؛ فإنه لم يفرض عليه ، فهو كما لو تصدق بمال ينوي به الزكاة قبل أن يملك نصابه ، وعلى هذا فمن حج ومعه أبناءه أو بناته الصغار فإن حجوا معه كان له أجر ولهم ثواب الحج ، وإن لم يحجوا فلا شيء عليه ولا عليهم ، وينبغي في هذه الحال أن ينظر الأصلح والأوفق ، فإذا كان يشق عليهم وعليه أن يحرموا بالحج أو العمرة فإنه لا داعي لذلك ؛ لئلا يشق عليهم وعلى نفسه ؛ لأنكم تعرفون أن الناس في هذه العصور كثروا كثرةً عظيمةً لم يوجد لها نظير في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فإذا كان يشق عليكم أو على أولادكم من بنين أو بنات أن يحرموا وهم لم يبلغوا بالحج فإنه لا داعي لذلك .

- ومن شروط وجوب الحج : أن يكون الإنسان مستطيعًا بماله وبدنه لقول الله تعالى : ( مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) . ، فمن لم يكن مستطيعًا فلا حج عليه ، والاستطاعة بالمال : أن يملك الإنسان ما يكفي لحجه زائدًا عن حوائج بيته وعما يحتاجه من نفقة وكسوة له ولعياله ، وعن أجرة سكن ، وعن قضاء ديون حالَّة ، فمن كان عنده مال يحتاجه لما ذكر لم يجب عليه الحج ، ومن كان عليه دين حال لم يجب عليه الحج حتى يوفيه ، والدين : كل ما ثبت في ذمة المرء من قرض وثمن مبيع وأجرة وغيرها ، فمن كان في ذمته شيء بسبب هذه الأمور أو غيرها فهو مدين ، ولا يجب عليه الحج حتى يبرأ من دينه كله ؛ لأن قضاء الدين مهم جدًا ، حتى أن الرجل لو قتل في سبيل الله شهيدًا فإن الشهادة تكفر عنه كل شيء إلا الدين فإنها لا تكفره وحتى أن الرجل ليموت وعليه الدين فتعلق نفسه بدينه حتى يقضى عنه ، ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا أُتي إليه بميت ليصلي عليه سأل هل عليه دين له وفاء فإن قالوا : نعم ، صلى عليه ، وإن قالوا : لا ، لم يصل عليه ، وأمرهم أن يصلوا عليه وترك الصلاة عليه هو بنفسه ) ، وهذا يدل على عظم الدين ، خلافًا لما يفعله بعض الناس - اليوم - يتهاونون بالديون عليهم ، ويتهاونون بوفائها إذا تعلقت بذممهم ، ويتهاونون في استحصالها ، تجد الرجل يتدين لأمر ليس له به ضرورة بل أحيانًا ليس له به حاجة ولا شك أن هذا من السفه في العقل ومن الضلال في الدين ، لأنه لا ينبغي للإنسان أن يتدين إلا للحاجة الملحة أو للضرورة ، أما ما يفعله بعض الناس - اليوم - فإنه أمر يؤسف له ، يتدينون من أجل كماليات لا حاجة لهم بها ، فنسأل الله أن يهدينا وإياهم .

أما الدَّين المؤجل فإن كان موثقًا برهن يكفيه لم يسقط وجوب الحج ، أما إذا لم يكن فيه رهن فإن كان الإنسان يستطيع أن يوفيه عند حلول الأجل وعنده في وقت الحج ما يحج به فإنه يحج به ؛ لأنه مستطيع ، أما الاستطاعة بالبدن فأن يكون الإنسان قادرًا على الوصول إلى مكة بنفسه بدون مشقه ، فإن كان لا يستطيع الوصول إلى مكة أو يستطيع الوصول ولكن بمشقة شديدة فإننا ننظر إن كان يرجو الاستطاعة في المستقبل انتظر حتى يستطيع ثم يحج فإن مات حج عنه من تركته ، وإن كان لا يرجو الاستطاعة في المستقبل كالكبير والمريض والميؤوس من برئه فإنه يوكل من يحج عنه من أقاربه أو غيرهم فإن مات قبل التوكيل عنه حج عنه من تركته .

وإذا لم يكن للمرأة محرم ليس عليها حج بل ولا يحل لها أن تحج ؛ لأنها لا تستطيع الوصول إلى مكة ؛ لأنها ممنوعة من السفر شرعًا بلا محرم ، قال ابن عباس - رضي الله عنهما - سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يقول : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم . فقام رجل فقال : يا رسول الله ، إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : انطلق فحج مع امرأتك ) ، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحج مع امرأته وأن يدع الغزوة التي كتب فيها ، ولم يستفصل النبي - صلى الله عليه وسلم - هل كانت امرأته شابة !؟ هل كان معها نساء !؟ هل هي آمنة !؟ وهذا دليل على أن المرأة يحرم عليها السفر على أي حال وعلى أي مركوب كان ، سواء كانت على طائرة أو على سيارة أو في سفينة أو غير ذلك ، لا يحل لها أن تسافر إلا بمحرم ، والمقصود من المحرم : أن يكون حافظًا لها صائنًا لها عما يمكن أن يكون عليها في هذا السفر .
أيها المسلمون : من رأى من نفسه أنه قد استكمل شروط وجوب الحج فليبادر به ولا يتأخر ، فإن أوامر الله ورسوله على الفور بدون تأخير ، قال ابن القيم - رحمه الله - وهو من العلماء المشهورين ومن أكبر تلاميذ شيخ الإسلام بن تيمية . قال - رحمه الله - : ( من ترك الحج عمدًا مع القدرة عليه حتى مات أو ترك الزكاة فلم يخرجها حتى مات فإن مقتضى الدليل وقواعد الشرع تقتضي أن فعلهما بعد موته لا يبرئ ذمته ولا يقبل منه ) . قال : ( والحق أحق أن يتبع ) .

وما قاله - رحمه الله - فإنه وجيه إلا في الزكاة ؛ لأن الزكاة يتعلق بها حق الغير ، فإذا مات ولم يخرجها فإنها تخرج من تركته ولكنه يبوء بإثمها حيث أخرها في حياته بدون عذر .

أيها المسلمون : إن الإنسان لا يدري ماذا يحصل له في المستقبل ، وإن الله قد يسر لنا - ولله الحمد - في هذه البلاد ما لم ييسره لغيرنا ، من سهولة الوصول إلى البيت ، وأداء المناسك ، فقابلوا هذه النعمة بشكرها ، وأدوا فريضة الله عليكم قبل أن يأتي أحدكم الموت فيندم حين لا ينفع الندم ، واسمعوا قول الله - عز وجل - : ( وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ . وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ . أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ . أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ . أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) . .

اللهم وفقنا جميعًا للقيام بفرائضك ، والتزام حدودك ، وزودنا من فضلك وكرمك ، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ، اللهم اجعلنا من المنيبين إليك ، المسلمين لك ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا حي يا قيوم ، إنك جواد كريم .

والحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمع.


وللقصة بقية إن شاء الله :27: