كان الحسن البصري يردد في ليلة قوله تعالى :
( وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا )!
فقيل له في ذلك ؟!
فقال : إن فيها لمعتبراً ، ما نرفع طرفاً ولا نرده إلا وقع على نعمة ، وما لا نعلمه من نعم الله أكثر! .
* * *
تأمل قوله تعالى : ( هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ )
وما فيها من تربية الذوق و الأدب في الكلام ،
إضافة إلى مافي اللباس من دلالة ( الستر ، والحماية ، والمال ، والقرب ) ..
وهل أحد الزوجين للآخر إلا كذلك ؟
وإن كانت المرأة في ذلك أظهر أثرا كما يشير إلى ذلك البدء بضميرها (هُنَّ ) .
* * *
" من تدبر القرآن طالباً الهدى منه ، تبين له طريق الحق " .
وكلمة هذا الإمام جاءت بعد سنين طويلة من الجهاد في سبيل بيان الحق الذي كان عليه سلف هذه الإمة ، والرد على أهل البدع ، فهل من معتبر ؟ .
* * *
ذكر ابن كثير أن بعض الشيوخ قال لفقيه :
أين تجد في القرآن أن الحبيب لا يعذب حبيبه ؟ فلم يجب !
فتلا الشيخ ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ) ؟
علق ابن كثير قائلاً " وهذا الذي قاله حسن " .
* * *
" تفرق القلوب واختلافها من ضعف العقل ،
قال تعالى : ( تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى )
وعلل ذلك بقوله : ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ ) ،
و لا دواء لذلك إلا بإنارة العقل بنور الوحي ،
فنور الوحي يحيي من كان ميتا ، ويضيء الطريق للمتمسك به " .
.
* * *
" بعض المسلمين يعرفون القرآن للموتى ،
فهل يعرفونه للأحياء ؟ وهل يعرفونه للحياة ؟
إن القرآن للحياة والأحياء ،
إلا أن الأحياء أبقى و أولى من الأموات ،
والإهتداء بالقرآن في مسارب الحياة أحق من مقابر الأموات
( َأوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ) ؟! .
* * *
التأمل في الأسماء الحسنى التي تختم بها الآيات الكريمة من مفاتيح فهم القرآن وتدبره ،
ومثاله : قوله تعالى ( إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) المائدة / 118،
فلم تختم الآية بقوله ( الغفور الرحيم )
، لأن المقام مقام غضب وانتقام ممن اتخذ إلهاً مع الله ،
فناسب ذكره العزة والحكمة وصار أولى من ذكر الرحمة " .
* * *
وليس في القرآن لفظ إلا وهو مقرون بما يبين به المراد ، ومن غلط في فهم القرآن فمن قصوره أو تقصيره .
* * *
" قال تعالى : في قصة موسى مع السحرة :
( قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى ) طه / 65 ،
والحكمة في هذا ـ والله أعلم ـ ليرى الناس صنيعهم و يتأملوه ، فإذا فرغوا من بهرجهم ،
جاءهم الحق الواضح الجلي بعد تطلب له ، وانتظار منهم لمجيئه ، فيكون أوقع في النفوس ، وكذا كان " .
* * *
" مع أهمية حفظ القرآن الكريم ، إلا أننا نجد أمراً غريباًً في عالمنا الإسلامي ،
حيث إن فيه مئات الألوف من المدارس التي تعتني بحفظ القرآن ،
على حين أننا لا نكاد نجد مدرسة واحدة متخصصة بتدبره وفهمه والتفكر فيه " .
* * *
قال عباس بن أحمد في قوله تعالى :
( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ... الآية ) العنكبوت/ 69
قال : الذين يعملون بما يعلمون ، نهديهم إلى ما لا يعلمون .
* * *
" من لطائف التفسير النبوي أنه فسر آيتين من سورة الأنعام بآيتين من سورة لقمان :
ففسر آية ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ )/82
بآية : ( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ )/13 ،
وفسر آية : ( عِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ )/59
بآية ( إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )/34 ،
ولم أجد له صلى الله عليه وسلم غيرها " .
* * *
" تدبر قوله تعالى : ( وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ ) النساء/102
حيث قال : ( لَهُمُ ) مما يدل على أن الأمام ينبغي أن يعتني بصلاته أكثر ،
لأنه لا يصلي لنفسه ، بل يصلي لمن خلفه من المأمومين أيضاً . "
* * *
في قوله تعالى : ( قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ... )
إلى قوله : ( كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً ) طه/25ــ 33 ،
وقوله تعالى : (... فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي ... ) مريم/ 5 ــ 6 ،
أدب من آداب الدعاء ، وهو نبل الغاية ، وشرف المقصد ،
و قريب منه قوله صلى الله عليه وسلم :
( اللهم اشف عبدك فلاناً ، ينكأ لك عدواً ، ويمشي لك إلى صلاة ) .
* * *
لو سألت أي مسلم :
أتؤمن بأن القرآن هدى ، ونور ، ورحمة ، وشفاء ، وحياة للقلب ؟
لأجابك ـ و بلا تردد ـ : نعم !
ولكنك تأسف إذا علمت أن الكثير من المسلمين لا يعرف القرآن إلا في " رمضان "!
فهو كمن يعلن استغنائه عن هدى الله ، ونوره ، ورحمته ، وشفائه ، وحياة قلبه أحد عشر شهرا ! .
* * *
" فوالله الذي لا إله إلا هو!
ما رأيت – وأنا ذو النفس الملأى بالذنوب والعيوب –
أعظم إلانة للقلب ، واستدراراً للدمع ، وإحضاراً للخشية ، وأبعث على التوبة ،
من تلاوة القرآن ، وسماعه " .
* * *
قال ابن مسعود رضي الله عنه :
( اقرؤوا القرآن وحركوا به القلوب ، و لايكن هم أحدكم آخر السورة ) .
فمما يعين على قراءة " التدبر " المحركة للقلوب أن يكون حزب القارىء
( وقت القراءة ) لا ( مقدار القراءة ) ،
فمثلاً : بدلاً من تحديد جزء يومياً ، يكون نصف ساعة يومياً ، لئلا يكون الهم آخر السورة .
* * *

" إذا كان كلام العالم أولى بالإستماع من كلام الجاهل ،
وكلام الوالدة الرؤوم أحق بالإستماع من كلام غيرها ،
فالله أعلم العلماء وأرحم الرحماء ، فكلامه أولى كلام بالإستماع والتدبر والفهم " .
* * *
عن ميمون بن مهران ، قال : كنت جالساًً عن عمر بن عبد العزيز ،
فقرأ : ( أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ) ، فبكى ،
ثم قال : يا ميمون! ما أرى المقابر إلا زيارة ،
ولابد للزائر أن يرجع إلى منزله في الجنة أو النار! .
* * *
شأن أهل الإيمان مع القرآن : " ( وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً ) الأنفال/2 ،
لأنهم يلقون السمع ، ويحضرون قلوبهم لتدبره ،
فعند ذلك يزيد إيمانهم ، لأن التدبر من أعمال القلوب ،
و لأنه لابد أن يبين لهم معنى كانوا يجهلونه ، أو يتذكرون ما كانوا نسوه ،
أو يحدث في قلوبهم رغبة في الخير ، أو وجلاً من العقوبات ، و ازدجاراً عن المعاصي .
* * *
قال تعالى في الأشهر الحرم - و هي : ذو القعدة ، و ذو الحجة ، ومحرم ، ورجب ــ :
( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ )التوبة/36،
قال ابن عباس : اختص من ذلك أربعة أشهر ، فجعلهن حرما وعظم حرمتهن ،
وجعل الذنب فيهن أعظم
والعمل الصالح و الأجر أعظم .
* * *
قال قتادة ــ في قوله تعالى عن الأشهر الحرم ـ :
( فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ )
قال : إن الظلم في الشهر الحرام أعظم خطيئةً و وزراً من الظلم فيما سواه ،
و إن كان الظلم على كل حال عظيماً , و لكن الله يعظم من أمره ما شاء .
* * *
" ذكر ابن مكتوم في قصته في سورة عبس بوصفه ( الأعمى ) ولم يذكر بإسمه ،
ترقيقاً لقلب النبي صلى الله عليه وسلم عليه ،
ولبيان عذره عندما قطع على النبي صلى الله عليه وسلم حديثه مع صناديد مكة ،
وتأصيلاً لرحمة المعاقين ، أو ما اصطلح عليه في عصرنا بذوي الإحتياجات الخاصة " .
* * *
ما الذي جعل العلامة الشنقيطي يقول عن هذه الآية :
( يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ) الروم/7 ،
" يجب على كل مسلم أن يتدبر هذه الآية تدبراً كثيراً ، ويبين ما دلت عليه لكل من استطاع بيانه له من الناس ؟
* * *
الجواب :
في قوله - رحمه الله تعالى - :
" لأن من أعظم فتن آخر الزمان - التي ابتلي بها ضعاف العقول من المسلمين – شدة إتقان الأفرنج لأعمال الدنيا ،
مع عجز المسلمين عنها ، فظنوا أن من قدر على تلك الأعمال على الحق ، وأن العاجز عنها ليس على حق ،
وهذا جهل فاحش ، وفي هذه الآية إيضاح لهذه الفتنة ، وتخفيف لشأنها ،
فسبحان الحكيم الخبير ما أعلمه ، و أحسن تعليمه! "
* * *
تأمل قوله تعالى :
( وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ )
فإذا كان الخليل عليه الصلاة والسلام طامعاً في غفران خطيئته ، غير جازم بها على ربه ،
فمن بعده من المؤمنين أحرى أن يكون أشد خوفاً من خطاياهم " .
* * *
" ومن أصغى إلى كلام الله ، وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم –
بعقله ، و تدبره بقلبه ،
و جـد فيه من الفهم ، والحلاوة ، والهدى ، وشفاء القلوب ، والبركة ،
والمنفعة ما لا يجده في شيء من الكلام ، لا نظماً ، و لا نثراً " .
* * *
قال وهب بن منبه – في قوله تعالى :
( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) الأعراف/204- :
" من أدب الإستماع سكون الجوارح ، والعزم على العمل : يعزم على أن يفهم ، فيعمل بما فهم "
قال تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ )
أي : خائفة ،
* * *
يقول الحسن البصري :
" يعملون ما يعملون من أعمال البر ، وهم يخافون ألا ينجيهم ذلك من عذاب ربهم ،
ان المؤمن جمع إحساناً وشفقة ، و إن المنافق جمع إساءة و أمناً " .
* * *
كثير من الناس لا يفهم من الرزق – في قوله تعالى :-
( َو مَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ) الطلاق/2- 3 ،
- إلا الرزق المالي ونحوه من المحسوسات ،
ولكن تأمل ماذا يقول ابن الجوزي : " ورزق الله يكون بتيسير الصبر على البلاء .
* * *
" نزل القرآن على أعظم عضو في الجسم ( القلب ) ليستنهض بقية الجوارح للتدبر والعمل ،
قال تعالى : ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ )الشعراء/193 – 194 ،
فمن لم يحضر قلبه عند التلاوة أو السماع فلن ينتفع بالقرآن حقاً
( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ ) ق/37 " .
* * *
قال ابن عيينة في تفسير قوله تعالى :
( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا )
قال : لما أخذوا برأس الأمر صاروا رؤوساء ،
و قال بعض العلماء :
بالصبر واليقين ، تُنال الإمامة في الدين .
* * *
" كان الحسن البصري يعظ فيقول :
المبادرة ، المبادرة! فإنما هي الأنفاس ،
لو حبست انقطعت عنكم أعمالكم التي تتقربون بها إلى الله تعالى !
رحم الله أمرأ نظر إلى نفسه ، وبكى على عدد ذنوبه ،
ثم قرأ هذه الآية ( إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً ) مريم/84 ،
يعني الأنفاس ،
آخر العدد خروج نفسك ،
آخر العدد فراق أهلك ،
آخر العدد دخولك في قبرك ! " .
* * *
قال ابن عباس لابن عمرو بن العاص: أي آية في القرآن أرجى عندك ؟
فقال : قول الله ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا )
فقال ابن عباس : لكن أنا أقول : قول الله :
( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى )
فرضي من إبراهيم عليه الصلاة والسلام قوله ( بَلَى ) فهذا لم يعرض في الصدور ، ويوسوس به الشيطان .
* * *
استنبط بعض العلماء من قوله تعالى - عن المنافقين - :
( وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً ... الآية ) التوبة/84 ،
أن هذه الآية تدل على شرعية صلاة الجنازة ؛ فلما نهى عن الصلاة على المنافقين دل على مشروعيتها في حق المؤمنين .
* * *
استعمل لفظ " الأمة " في القرآن أربعة استعمالات :
الجماعة من الناس ، وهو الإستعمال الغالب ، كقوله تعالى : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ ) .
في البرهة من الزمن ، كقوله : ( وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ ) .
في الرجل المقتدى به ، كقوله تعالى : ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً ) .
في الشريعة و الطريقة ، كقوله تعالى : (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ ) .
* * *
ضاق بي أمراً أوجب غماً لازماً دائماً ، وأخذت أفكر في الخلاص منه بكل حيلة ،
فما استطعت ، فعرضت لي هذه الآية : ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً ) الطلاق/2، ،
فعلمت أن التقوى سبب للمخرج من كل غم ، فما كان إلا أن هممت بتحقيق التقوى فوجدت المخرج .
* * *
" من أمَّر السنة على نفسه قولاً وفعلاً ، نطق بالحكمة ،
و من أمَّر الهوى على نفسه ، نطق بالبدعة ،
قال تعالى : ( وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ) النور/54 .
* * *
" تدبر قوله تعالى :
( وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ) البقرة/168 ،
فتسمية استدراج الشيطان " خطوات " فيه أشارتان :
الخطوة مسافة يسيرة ، وهكذا الشيطان يبدأ بالشيء اليسير من البدعة ، أو المعصية ، حتى تألفها النفس .
قوله " خطوات " دليل على أن الشيطان لن يقف عند أول خطوة في المعصية .
* * *
" عندما اختار الله معلماً لنبيه موسى عليه الصلاة والسلام مدح هذا المعلم بقوله :
( فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً ) الكهف/65 ،
فقدم الرحمة على العلم ، ليدل على أن من أخص صفات المعلم : الرحمة ،
و أن هذا ادعى لقبول تعليمه ، و الإنتفاع به " .
* * *
من القواعد التي تعينك على التدبر :
" أن تعلم أن الله إذا أمر بشيء كان ناهياً عن ضده ،
و إذا نهى عن شيء كان آمراً بضده ،
فمثلاً : إذا أمر بالتوحيد وبرالوالين هو نهى عن الشرك وعقوق الوالدين ،
و إذا نهى عن إضاعة الصلاة والجزع و التسخط ، كان ذلك أمراً بالمحافظة على الصلاة ولزوم الصبر
و على هذا فقس " .
* * *
تأمل قوله تعالى :
( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ ) آل عمران/91 ،
فلو أن كافراً تقرب بسبيكة ذهبية بحجم الكرة الأرضية ؛ لينجو من النار ما قُبل منه ،
بينما لو جاء أفقر مسلم مر على الدنيا كلها ، فإن مآله إلى الجنة ،
فهل ندرك عظيم نعمة الله علينا بالهداية للإسلام ؟! .
* * *
من موانع التدبر :
الغناء ، فهو " يلهي القلب ويصده عن فهم القرآن ، وتدبره ، والعمل بما فيه ،
فالقرآن والغناء لا يجتمعان في القلب أبداً ؛ لما بينهما من التضاد ،
فالقرآن ينهى عن اتباع الهوى ، و يأمر بالعفة ، و مجانبة الشهوات ،
والغناء يأمر بضد ذلك كله ، ويحسنه ، ويهيج النفوس إلى الشهوات ، فيثير كامنها ، و يحركها إلى كل قبيح " .
* * *
قال رجل للحسن :
يا أبا سعيد ، إني إذا قرأت كتاب الله ، وتدبرته ، كدت أن آيس ، وينقطع رجائي ،
فقال : " إن القرآن كلام الله ، وأعمال ابن آدم إلى الضعف والتقصير ، فاعمل و أبشر " .
* * *
سئل أبو عثمان النهدي - وهوتابعي كبير - : أي آية في القرآن أرجى عندك ؟
فقال : مافي القرآن آية أرجى عندي – لهذه الأمة – من قوله تعالى :
( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) .
* * *
علق العلامة السعدي على قوله تعالى :
( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ... الآية )
بقوله : " فهل يليق بمؤمن بالله ورسوله ، ويدعي اتباعه و الإقتداء به ،
أن يكون كلاًّ على المسلمين ، شرس الأخلاق ، شديد الشكيمة عليهم ، غليظ القلب ، فظ القول ، فظيعه ؟!
* * *
" في سماع القرآن تأثير عجيب ، وقوة لا تقهر ، اعترف بها الكفار ،
و أعلنوا أن إمكانية غلبتهم مرهونة برد هذا التأثير بطريقتين :
1 ــ عدم السماع .
2 ــ إشاعة اللغو
( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ) .
فتأمل – يا مؤمن – كيف قالوا : لا تسمعوا ولم يقولوا لا تستمعوا لماذا ؟
الجواب :
" اعترافاً منهم بقوة تأثير أدنى درجات الإستماع ، وهو ( السماع ) فكيف بما فوقه ؟
وقالوا : ( وَالْغَوْا فِيهِ )
فأشعر ذكر اللغو ( وهو الصياح و الصفير )
و ذكر حرف الجر ( في ) بأن المقصود تداخل ذلك مع أصوات القرآن حتى يكون في أثنائه و خلاله !
فأين نحن من هذا المؤثر العظيم ؟
ولم لا نجاهدهم به جهادا كبيراً .
* * *
في قوله تعالى – في سورة يوسف عن النسوة : ــ
( فَلَمَّا رَأَيْنَهُ ) ،
و قول الملك ليوسف عليه السلام :
( فَلَمَّا كَلَّمَهُ )
فيه أن النساء يروقهن حسن المظهر ، و أما الرجال فيروقهم جمال المنطق و المخبر .
* * *
( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ) الشرح /7-8 ،
هذه خطة لحياة المسلم وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم، وهي :
فإذا فرغت من عمل ديني فانصب لعمل دنيوي،
وإذا فرغت من عمل دنيوي فا نصب لعمل ديني أخروي ،
فالمسلم يحيا حياة الجد والتعب،
فلا يعرف وقتا للهو واللعب أوالبطالة قط .
* * *
" لا تظن أن قوله تعالى :
( إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ )
يختص بيوم المعاد فقط ، بل هؤلاء في نعيم في دورهم الثلاثة :
الدنيا ، والبرزخ ، و الآخرة ،
و أولئك في جحيم في دورهم الثلاثة !
و أي لذة ونعيم في الدنيا أطيب من بر القلب ، و سلامة الصدر ،
و معرفة الرب تعالى ، و محبته ، والعمل على موافقته ؟! " .
* * *
أجريت دراسة سلوكية على ( 185 سجيناً ) ممن حفظ القرآن داخل السجن ،
واستفادوا من العفو المشروط بالحفظ ،
على أنه لم يعد منهم أحد إلى سابق عهده ،
وأن نسبة العودة ( صفر ) .
* * *
وكلام الوالدة الرؤوم أحق بالإستماع من كلام غيرها ،
فالله أعلم العلماء وأرحم الرحماء ، فكلامه أولى كلام بالإستماع والتدبر والفهم " .
* * *
عن ميمون بن مهران ، قال : كنت جالساًً عن عمر بن عبد العزيز ،
فقرأ : ( أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ) ، فبكى ،
ثم قال : يا ميمون! ما أرى المقابر إلا زيارة ،
ولابد للزائر أن يرجع إلى منزله في الجنة أو النار! .
* * *
شأن أهل الإيمان مع القرآن : " ( وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً ) الأنفال/2 ،
لأنهم يلقون السمع ، ويحضرون قلوبهم لتدبره ،
فعند ذلك يزيد إيمانهم ، لأن التدبر من أعمال القلوب ،
و لأنه لابد أن يبين لهم معنى كانوا يجهلونه ، أو يتذكرون ما كانوا نسوه ،
أو يحدث في قلوبهم رغبة في الخير ، أو وجلاً من العقوبات ، و ازدجاراً عن المعاصي .
* * *
قال تعالى في الأشهر الحرم - و هي : ذو القعدة ، و ذو الحجة ، ومحرم ، ورجب ــ :
( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ )التوبة/36،
قال ابن عباس : اختص من ذلك أربعة أشهر ، فجعلهن حرما وعظم حرمتهن ،
وجعل الذنب فيهن أعظم
والعمل الصالح و الأجر أعظم .
* * *
قال قتادة ــ في قوله تعالى عن الأشهر الحرم ـ :
( فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ )
قال : إن الظلم في الشهر الحرام أعظم خطيئةً و وزراً من الظلم فيما سواه ،
و إن كان الظلم على كل حال عظيماً , و لكن الله يعظم من أمره ما شاء .
* * *
" ذكر ابن مكتوم في قصته في سورة عبس بوصفه ( الأعمى ) ولم يذكر بإسمه ،
ترقيقاً لقلب النبي صلى الله عليه وسلم عليه ،
ولبيان عذره عندما قطع على النبي صلى الله عليه وسلم حديثه مع صناديد مكة ،
وتأصيلاً لرحمة المعاقين ، أو ما اصطلح عليه في عصرنا بذوي الإحتياجات الخاصة " .
* * *
ما الذي جعل العلامة الشنقيطي يقول عن هذه الآية :
( يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ) الروم/7 ،
" يجب على كل مسلم أن يتدبر هذه الآية تدبراً كثيراً ، ويبين ما دلت عليه لكل من استطاع بيانه له من الناس ؟
* * *
الجواب :
في قوله - رحمه الله تعالى - :
" لأن من أعظم فتن آخر الزمان - التي ابتلي بها ضعاف العقول من المسلمين – شدة إتقان الأفرنج لأعمال الدنيا ،
مع عجز المسلمين عنها ، فظنوا أن من قدر على تلك الأعمال على الحق ، وأن العاجز عنها ليس على حق ،
وهذا جهل فاحش ، وفي هذه الآية إيضاح لهذه الفتنة ، وتخفيف لشأنها ،
فسبحان الحكيم الخبير ما أعلمه ، و أحسن تعليمه! "
* * *
تأمل قوله تعالى :
( وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ )
فإذا كان الخليل عليه الصلاة والسلام طامعاً في غفران خطيئته ، غير جازم بها على ربه ،
فمن بعده من المؤمنين أحرى أن يكون أشد خوفاً من خطاياهم " .
* * *
" ومن أصغى إلى كلام الله ، وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم –
بعقله ، و تدبره بقلبه ،
و جـد فيه من الفهم ، والحلاوة ، والهدى ، وشفاء القلوب ، والبركة ،
والمنفعة ما لا يجده في شيء من الكلام ، لا نظماً ، و لا نثراً " .
* * *
قال وهب بن منبه – في قوله تعالى :
( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) الأعراف/204- :
" من أدب الإستماع سكون الجوارح ، والعزم على العمل : يعزم على أن يفهم ، فيعمل بما فهم "
قال تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ )
أي : خائفة ،
* * *
يقول الحسن البصري :
" يعملون ما يعملون من أعمال البر ، وهم يخافون ألا ينجيهم ذلك من عذاب ربهم ،
ان المؤمن جمع إحساناً وشفقة ، و إن المنافق جمع إساءة و أمناً " .
* * *
كثير من الناس لا يفهم من الرزق – في قوله تعالى :-
( َو مَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ) الطلاق/2- 3 ،
- إلا الرزق المالي ونحوه من المحسوسات ،
ولكن تأمل ماذا يقول ابن الجوزي : " ورزق الله يكون بتيسير الصبر على البلاء .
* * *
" نزل القرآن على أعظم عضو في الجسم ( القلب ) ليستنهض بقية الجوارح للتدبر والعمل ،
قال تعالى : ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ )الشعراء/193 – 194 ،
فمن لم يحضر قلبه عند التلاوة أو السماع فلن ينتفع بالقرآن حقاً
( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ ) ق/37 " .
* * *
قال ابن عيينة في تفسير قوله تعالى :
( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا )
قال : لما أخذوا برأس الأمر صاروا رؤوساء ،
و قال بعض العلماء :
بالصبر واليقين ، تُنال الإمامة في الدين .
* * *
" كان الحسن البصري يعظ فيقول :
المبادرة ، المبادرة! فإنما هي الأنفاس ،
لو حبست انقطعت عنكم أعمالكم التي تتقربون بها إلى الله تعالى !
رحم الله أمرأ نظر إلى نفسه ، وبكى على عدد ذنوبه ،
ثم قرأ هذه الآية ( إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً ) مريم/84 ،
يعني الأنفاس ،
آخر العدد خروج نفسك ،
آخر العدد فراق أهلك ،
آخر العدد دخولك في قبرك ! " .
* * *
قال ابن عباس لابن عمرو بن العاص: أي آية في القرآن أرجى عندك ؟
فقال : قول الله ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا )
فقال ابن عباس : لكن أنا أقول : قول الله :
( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى )
فرضي من إبراهيم عليه الصلاة والسلام قوله ( بَلَى ) فهذا لم يعرض في الصدور ، ويوسوس به الشيطان .
* * *
استنبط بعض العلماء من قوله تعالى - عن المنافقين - :
( وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً ... الآية ) التوبة/84 ،
أن هذه الآية تدل على شرعية صلاة الجنازة ؛ فلما نهى عن الصلاة على المنافقين دل على مشروعيتها في حق المؤمنين .
* * *
استعمل لفظ " الأمة " في القرآن أربعة استعمالات :
الجماعة من الناس ، وهو الإستعمال الغالب ، كقوله تعالى : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ ) .
في البرهة من الزمن ، كقوله : ( وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ ) .
في الرجل المقتدى به ، كقوله تعالى : ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً ) .
في الشريعة و الطريقة ، كقوله تعالى : (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ ) .
* * *
ضاق بي أمراً أوجب غماً لازماً دائماً ، وأخذت أفكر في الخلاص منه بكل حيلة ،
فما استطعت ، فعرضت لي هذه الآية : ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً ) الطلاق/2، ،
فعلمت أن التقوى سبب للمخرج من كل غم ، فما كان إلا أن هممت بتحقيق التقوى فوجدت المخرج .
* * *
" من أمَّر السنة على نفسه قولاً وفعلاً ، نطق بالحكمة ،
و من أمَّر الهوى على نفسه ، نطق بالبدعة ،
قال تعالى : ( وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ) النور/54 .
* * *
" تدبر قوله تعالى :
( وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ) البقرة/168 ،
فتسمية استدراج الشيطان " خطوات " فيه أشارتان :
الخطوة مسافة يسيرة ، وهكذا الشيطان يبدأ بالشيء اليسير من البدعة ، أو المعصية ، حتى تألفها النفس .
قوله " خطوات " دليل على أن الشيطان لن يقف عند أول خطوة في المعصية .
* * *
" عندما اختار الله معلماً لنبيه موسى عليه الصلاة والسلام مدح هذا المعلم بقوله :
( فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً ) الكهف/65 ،
فقدم الرحمة على العلم ، ليدل على أن من أخص صفات المعلم : الرحمة ،
و أن هذا ادعى لقبول تعليمه ، و الإنتفاع به " .
* * *
من القواعد التي تعينك على التدبر :
" أن تعلم أن الله إذا أمر بشيء كان ناهياً عن ضده ،
و إذا نهى عن شيء كان آمراً بضده ،
فمثلاً : إذا أمر بالتوحيد وبرالوالين هو نهى عن الشرك وعقوق الوالدين ،
و إذا نهى عن إضاعة الصلاة والجزع و التسخط ، كان ذلك أمراً بالمحافظة على الصلاة ولزوم الصبر
و على هذا فقس " .
* * *
تأمل قوله تعالى :
( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ ) آل عمران/91 ،
فلو أن كافراً تقرب بسبيكة ذهبية بحجم الكرة الأرضية ؛ لينجو من النار ما قُبل منه ،
بينما لو جاء أفقر مسلم مر على الدنيا كلها ، فإن مآله إلى الجنة ،
فهل ندرك عظيم نعمة الله علينا بالهداية للإسلام ؟! .
* * *
من موانع التدبر :
الغناء ، فهو " يلهي القلب ويصده عن فهم القرآن ، وتدبره ، والعمل بما فيه ،
فالقرآن والغناء لا يجتمعان في القلب أبداً ؛ لما بينهما من التضاد ،
فالقرآن ينهى عن اتباع الهوى ، و يأمر بالعفة ، و مجانبة الشهوات ،
والغناء يأمر بضد ذلك كله ، ويحسنه ، ويهيج النفوس إلى الشهوات ، فيثير كامنها ، و يحركها إلى كل قبيح " .
* * *
قال رجل للحسن :
يا أبا سعيد ، إني إذا قرأت كتاب الله ، وتدبرته ، كدت أن آيس ، وينقطع رجائي ،
فقال : " إن القرآن كلام الله ، وأعمال ابن آدم إلى الضعف والتقصير ، فاعمل و أبشر " .
* * *
سئل أبو عثمان النهدي - وهوتابعي كبير - : أي آية في القرآن أرجى عندك ؟
فقال : مافي القرآن آية أرجى عندي – لهذه الأمة – من قوله تعالى :
( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) .
* * *
علق العلامة السعدي على قوله تعالى :
( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ... الآية )
بقوله : " فهل يليق بمؤمن بالله ورسوله ، ويدعي اتباعه و الإقتداء به ،
أن يكون كلاًّ على المسلمين ، شرس الأخلاق ، شديد الشكيمة عليهم ، غليظ القلب ، فظ القول ، فظيعه ؟!
* * *
" في سماع القرآن تأثير عجيب ، وقوة لا تقهر ، اعترف بها الكفار ،
و أعلنوا أن إمكانية غلبتهم مرهونة برد هذا التأثير بطريقتين :
1 ــ عدم السماع .
2 ــ إشاعة اللغو
( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ) .
فتأمل – يا مؤمن – كيف قالوا : لا تسمعوا ولم يقولوا لا تستمعوا لماذا ؟
الجواب :
" اعترافاً منهم بقوة تأثير أدنى درجات الإستماع ، وهو ( السماع ) فكيف بما فوقه ؟
وقالوا : ( وَالْغَوْا فِيهِ )
فأشعر ذكر اللغو ( وهو الصياح و الصفير )
و ذكر حرف الجر ( في ) بأن المقصود تداخل ذلك مع أصوات القرآن حتى يكون في أثنائه و خلاله !
فأين نحن من هذا المؤثر العظيم ؟
ولم لا نجاهدهم به جهادا كبيراً .
* * *
في قوله تعالى – في سورة يوسف عن النسوة : ــ
( فَلَمَّا رَأَيْنَهُ ) ،
و قول الملك ليوسف عليه السلام :
( فَلَمَّا كَلَّمَهُ )
فيه أن النساء يروقهن حسن المظهر ، و أما الرجال فيروقهم جمال المنطق و المخبر .
* * *
( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ) الشرح /7-8 ،
هذه خطة لحياة المسلم وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم، وهي :
فإذا فرغت من عمل ديني فانصب لعمل دنيوي،
وإذا فرغت من عمل دنيوي فا نصب لعمل ديني أخروي ،
فالمسلم يحيا حياة الجد والتعب،
فلا يعرف وقتا للهو واللعب أوالبطالة قط .
* * *
" لا تظن أن قوله تعالى :
( إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ )
يختص بيوم المعاد فقط ، بل هؤلاء في نعيم في دورهم الثلاثة :
الدنيا ، والبرزخ ، و الآخرة ،
و أولئك في جحيم في دورهم الثلاثة !
و أي لذة ونعيم في الدنيا أطيب من بر القلب ، و سلامة الصدر ،
و معرفة الرب تعالى ، و محبته ، والعمل على موافقته ؟! " .
* * *
أجريت دراسة سلوكية على ( 185 سجيناً ) ممن حفظ القرآن داخل السجن ،
واستفادوا من العفو المشروط بالحفظ ،
على أنه لم يعد منهم أحد إلى سابق عهده ،
وأن نسبة العودة ( صفر ) .
* * *

بشرى لمن يسعى في طلب الرزق الحلال بالتجارة ونحوها ،
ذكرها الله تعالى في قوله :
(وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) المزمل/20
" فقد كان بعض الصحابة يتأول من هذه الآية يتأول فضيلة التجارة والسفر لإجلها ،
حيث سوى الله بين المجاهدين والمكتسبين المال الحلال .
* * *
سورة ( ق ) مامن أحد يرددها ، فيفتح مسامع قلبه لها إلا فتحت كل السدود التي تراكمت بسب الذنوب ...
إن الآمر بقوله :
( أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ )
هو نفسه القائل :
( ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ )
هو أيضاً الآمر :
( فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ )
فيا قاريء ( ق )
قد لا تنجو من الأولى ، و تظفر بالثانية
إلا بالثالثة .
* * *
(يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ) البقرة/276،
وهذا عكس ما يتبادر لأذهان كثير من الخلق ، أن الإنفاق ينقص المال ، وأن الربا يزيده ،
فإن مادة الرزق وحصول ثمراته من الله تعالى ، وما عند الله لا ينال إلا بطاعته وامتثال أمره ،
فالمتجرىء على الربا يعاقبه الله بنقيض مقصوده ، وهذا مشاهد بالتجربة .
* * *
" في القرآن بضعة وأربعون مثلاً والله تعالى – بحكمته - يجعل ضرب المثل
سبباً لهداية قوم فهموه ،
وسبباً لضلال لقوم لم يفهموا حكمته ،
كما قال تعالى :
( فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً
وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ ) البقرة/26.
* * *
" لكل أخت تشكو كثرة المغريات حولها ، أو تعاني من ضعف الناصر على الحق ،
اعتبري بحال أمرأة جعلها الله مثلاً لكل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة ،
إنها أمرأة فرعون ، التي لم يمنعها طغيان زوجها ، ولا المغريات حولها ، أن تعلق قلبها بربها ،
فأثمر ذلك : الثبات ، ثم الجنة ، بل وصارت قدوة لنساء العالمين " .
* * *
قال قتادة في قوله تعالى :
( وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ) الذاريات/21، :
" من تفكر في خلقه علم أنه إنما لينت مفاصله للعبادة " .
* * *
قال مجاهد في تفسير قوله تعالى :
( ذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً ) الإنسان/14،
"أدنيت منهم يتناولونها ، إن قام ارتفعت بقدره ، وإن قعد تدلت حتى يتناولها ،
وإن اضطجع تدلت حتى يتناولها ، فذلك تذليلها "
* * *
سئل الضحاك عن قوله تعالى :
( عَجُوزٌ عَقِيمٌ ) و ( الرِّيحَ الْعَقِيمَ ) و (عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ )
فقال :
" العجوز العقيم التي لا ولد لها ،
والريح العقيم التي لا بركة فيها و لامنفعة ولا تلقيح ،
وأما عذاب يوم عقيم فيوم لا ليلة فيه " .
* * *
ذكرها الله تعالى في قوله :
(وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) المزمل/20
" فقد كان بعض الصحابة يتأول من هذه الآية يتأول فضيلة التجارة والسفر لإجلها ،
حيث سوى الله بين المجاهدين والمكتسبين المال الحلال .
* * *
سورة ( ق ) مامن أحد يرددها ، فيفتح مسامع قلبه لها إلا فتحت كل السدود التي تراكمت بسب الذنوب ...
إن الآمر بقوله :
( أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ )
هو نفسه القائل :
( ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ )
هو أيضاً الآمر :
( فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ )
فيا قاريء ( ق )
قد لا تنجو من الأولى ، و تظفر بالثانية
إلا بالثالثة .
* * *
(يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ) البقرة/276،
وهذا عكس ما يتبادر لأذهان كثير من الخلق ، أن الإنفاق ينقص المال ، وأن الربا يزيده ،
فإن مادة الرزق وحصول ثمراته من الله تعالى ، وما عند الله لا ينال إلا بطاعته وامتثال أمره ،
فالمتجرىء على الربا يعاقبه الله بنقيض مقصوده ، وهذا مشاهد بالتجربة .
* * *
" في القرآن بضعة وأربعون مثلاً والله تعالى – بحكمته - يجعل ضرب المثل
سبباً لهداية قوم فهموه ،
وسبباً لضلال لقوم لم يفهموا حكمته ،
كما قال تعالى :
( فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً
وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ ) البقرة/26.
* * *
" لكل أخت تشكو كثرة المغريات حولها ، أو تعاني من ضعف الناصر على الحق ،
اعتبري بحال أمرأة جعلها الله مثلاً لكل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة ،
إنها أمرأة فرعون ، التي لم يمنعها طغيان زوجها ، ولا المغريات حولها ، أن تعلق قلبها بربها ،
فأثمر ذلك : الثبات ، ثم الجنة ، بل وصارت قدوة لنساء العالمين " .
* * *
قال قتادة في قوله تعالى :
( وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ) الذاريات/21، :
" من تفكر في خلقه علم أنه إنما لينت مفاصله للعبادة " .
* * *
قال مجاهد في تفسير قوله تعالى :
( ذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً ) الإنسان/14،
"أدنيت منهم يتناولونها ، إن قام ارتفعت بقدره ، وإن قعد تدلت حتى يتناولها ،
وإن اضطجع تدلت حتى يتناولها ، فذلك تذليلها "
* * *
سئل الضحاك عن قوله تعالى :
( عَجُوزٌ عَقِيمٌ ) و ( الرِّيحَ الْعَقِيمَ ) و (عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ )
فقال :
" العجوز العقيم التي لا ولد لها ،
والريح العقيم التي لا بركة فيها و لامنفعة ولا تلقيح ،
وأما عذاب يوم عقيم فيوم لا ليلة فيه " .
* * *

تأمل في حكمة تقديم الأمن على الطمأنينة في قوله تعالى :
( وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً ) النحل/112،
فالطمأنينة لا تحصل بدون أمن ، كما أن الخوف يسبب الإنزعاج والقلق ،
وفي قوله : ( فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ ) سر لطيف ،
لأن إضافة اللباس إلى الجوع والخوف تشعر وكأن ذلك ملازم للإنسان ملازمة اللباس للأبسة .
* * *
( قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا ) التوبة/51
" إنما لم يقل : ما كتب علينا ؛ لأنه أمر يتعلق بالمؤمن ، ولا يصيب المؤمن شيء إلا وهو له ،
إن كان خيرا ًفهو له في العاجل ، وإن كان شراً فهو ثواب له في الآجل .
* * *
قال ابن القيم في " مدارج السالكين " :
" أمر الله تعالى في كتابه
بالصبر الجميل
والصفح الجميل
والهجر الجميل
فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول :
الصبر الجميل هو الذي لا شكوى فيه ولا معه ،
والصفح الجميل هو الذي لا عتاب معه ،
والهجر الجميل هو الذي لا أذى معه .
* * *
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - :
إذا رأيت وقتك يمضي ، وعمرك يذهب وأنت لم تنتج شيئاً مفيداً
، ولا نافعاً ، ولم تجد بركة في الوقت ،
فاحذر أن يكون أدركك قوله تعالى ( ..... )
ثم ذكر الشيخ الآية ، وهي موجودة في صفحة ( 297 ) من المصحف ،
فحاول أن تستخرجها .
الآية الكريمة التي عناها الشيخ ـ في الرسالة السابقة ـ هي قوله تعالى :
( وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ) الكهف/28 ،
أي : انفرط عليه وصار مشتتاً ، لا بركة فيه ،
وليُعلم أن البعض قد يذكر الله ؛ لكن يذكره بقلب غافل ، لذا قد لا ينتفع .
* * *
رجح ابن العربي - في " أحكام القرآن " – أن المراد بالفضل في قوله تعالى :
( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً ) سبأ/10 ، حسن الصوت ،
ثم قال : " والأصوات الحسنة نعمة من الله تعالى وزيادة في الخلق ومنه ،
وأحق ما لبست هذه الحلة النفيسة والموهبة الكريمة كتاب الله ،
فنعم الله إذا صرفت في الطاعات فقد قضى بها حق النعمة " .
* * *
أحد الشباب كان يعاني من تعلقه ببعض الفواحش ، وكان يجد شدة في تركها ،
حتى أذن الله بذهاب حبها من قلبه بسبب تدبره لقوله تعالى – عن يوسف عليه السلام - :
( كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ )
فرجع لنفسه وقال : لو كنت مخلصاً لأنجاني ربي كما أنجى يوسف عليه السلام ،
ولم يمض وقت طويل حتى صار هذا الشاب أحد الدعاة إلى الله .
* * *
" صعد أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه المنبر ليستسقي فلم يزد على الإستغفار ،
وقراءة آيات الإستغفار ومنها قوله تعالى :
( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً )
ثم قال : لقد طلبت الغيث بمجاديح السماء التي يُستنزل بها المطر " .
* * *
دلت آية الوضوء
على سبعة أصول ، كلها مثنى :
طهارتان : الوضوء والغسل .
ومطهران : الماء والتراب .
وحُكمان : الغسل والمسح .
وموجبان : الحدث و الجنابة .
ومبيحان : المرض والسفر .
وكنايتان : الغائط والملامسة .
وكرامتان : تطهير الذنوب وإتمام النعمة .
* * *
تأمل قدرة الله في هذه الآية :
( وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً ) الفرقان/53 ،
يقول العلامة الشنقيطي :
" حدثني من أثق به أنه أتى نهاية نهر السنغال الذي يصب في المحيط الأطلسي ،
وأنه جلس يغترف بيده من النهر عذباً فراتاً ، وبيده الأخرى من البحر ملحاً أجاجاً ،
فما أعظم الله وأجل قدرته ! " .
* * *
استنبط بعض العلماء من قوله تعالى :
( أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً ) الفرقان/24،
أن حساب أهل الجنة يسير ، وأنه ينتهي في نصف نهار ،
ووجه ذلك : أن قوله : " مَقِيلاً " : أي مكان قيلولة ، وهي الإستراحة في نصف النهار .
* * *
( فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ) الأعراف/99
" في هذه الآية تخويف بليغ ،
فإن العبد لا ينبغي أن يكون آمناً على ما معه من الإيمان
‘ بل لا يزال خائفا أن يبتلى ببلية تسلب إيمانه ‘ولا يزال داعيا بالثبات ‘
وأن يسعى في كل سبب يخلصه من الشر عند وقوع الفتن ؛
فإن العبد - ولو بلغت به الحال ما بلغت - فليس على يقين من السلامة .
* * *
" في سورة الفلق تعوذ بصفة واحدة من أربعة أشياء عظيمة ،
بينما في سورة الناس تعوذ بثلاث صفات من شيء واحد ؛
فتدبر لتعلم أي عدو يلازمك ؟ " .
* * *
( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ) محمد/31 ،
علق الحافظ الذهبي على الإبتلاء الذي تعرض له الإمام مالك - وربطه بهذه الآية - فقال :
" فالمؤمن إذا امتحن صبر ، واتعظ ، واستغفر ،
ولم يتشاغل بذم من انتقم منه فالله حكم مقسط ،
ثم يحمد الله على سلامة دينه ، ويعلم أن عقوبة الدنيا أهون وخير له " .
* * *
( وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ) الكهف/18 ،
" تأمل قوله تعالى: ( نقلبهم ) ففيه دليل على أن فعل النائم لا ينسب إليه ،
فلو طلق ، أو قال : في ذمتي لفلان كذا ، لم يثبت ، لأنه لا قصد له .
وفي تقليبهم ، وعدم إستقرارهم على جنب واحد فائدة بدنية ، وهي توازن الدم في الجسد " .
* * *
من تدبر القرآن تبين له أن أعظم نعم الرب على العبد تعليمه القرآن والتوحيد ،
تأمل :
( الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ )
فبدأ بها قبل نعمة الخلق،
وفي " النحل " – التي هي سورة النعم - :
( يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ )
فهذه الآية أول نعمة عددها الله على عباده ،
لذا قال ابن عيينة : ما أنعم الله على العباد نعمة أعظم من أن عرفهم لا إله إلا الله .
* * *
( وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا * الذين كانت أعينهم في غطاء من ذكرى وكانوا لا يستطيعون سمعا )
" وهذا يتضمن معنيين:
أحدهما :
أن أعينهم في غطاء عما تضمنه الذكر من آيات الله، وأدلة توحيده، وعجائب قدرته ،
والثاني :
أن أعين قلوبهم في غطاء عن فهم القرآن وتدبره، والاهتداء به ،
و هذا الغطاء للقلب أولا ، ثم يسري منه إلى العين".
* * *
( وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه، وقولوا لهم قولا معروفا )
"يؤخذ من هذا المعنى، أن كل من تطلع وتشوف إلى ما حضر بين يدي الإنسان ينبغي له أن يعطيه منه ما تيسر".
* * *
( وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً ) النحل/112،
فالطمأنينة لا تحصل بدون أمن ، كما أن الخوف يسبب الإنزعاج والقلق ،
وفي قوله : ( فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ ) سر لطيف ،
لأن إضافة اللباس إلى الجوع والخوف تشعر وكأن ذلك ملازم للإنسان ملازمة اللباس للأبسة .
* * *
( قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا ) التوبة/51
" إنما لم يقل : ما كتب علينا ؛ لأنه أمر يتعلق بالمؤمن ، ولا يصيب المؤمن شيء إلا وهو له ،
إن كان خيرا ًفهو له في العاجل ، وإن كان شراً فهو ثواب له في الآجل .
* * *
قال ابن القيم في " مدارج السالكين " :
" أمر الله تعالى في كتابه
بالصبر الجميل
والصفح الجميل
والهجر الجميل
فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول :
الصبر الجميل هو الذي لا شكوى فيه ولا معه ،
والصفح الجميل هو الذي لا عتاب معه ،
والهجر الجميل هو الذي لا أذى معه .
* * *
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - :
إذا رأيت وقتك يمضي ، وعمرك يذهب وأنت لم تنتج شيئاً مفيداً
، ولا نافعاً ، ولم تجد بركة في الوقت ،
فاحذر أن يكون أدركك قوله تعالى ( ..... )
ثم ذكر الشيخ الآية ، وهي موجودة في صفحة ( 297 ) من المصحف ،
فحاول أن تستخرجها .
الآية الكريمة التي عناها الشيخ ـ في الرسالة السابقة ـ هي قوله تعالى :
( وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ) الكهف/28 ،
أي : انفرط عليه وصار مشتتاً ، لا بركة فيه ،
وليُعلم أن البعض قد يذكر الله ؛ لكن يذكره بقلب غافل ، لذا قد لا ينتفع .
* * *
رجح ابن العربي - في " أحكام القرآن " – أن المراد بالفضل في قوله تعالى :
( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً ) سبأ/10 ، حسن الصوت ،
ثم قال : " والأصوات الحسنة نعمة من الله تعالى وزيادة في الخلق ومنه ،
وأحق ما لبست هذه الحلة النفيسة والموهبة الكريمة كتاب الله ،
فنعم الله إذا صرفت في الطاعات فقد قضى بها حق النعمة " .
* * *
أحد الشباب كان يعاني من تعلقه ببعض الفواحش ، وكان يجد شدة في تركها ،
حتى أذن الله بذهاب حبها من قلبه بسبب تدبره لقوله تعالى – عن يوسف عليه السلام - :
( كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ )
فرجع لنفسه وقال : لو كنت مخلصاً لأنجاني ربي كما أنجى يوسف عليه السلام ،
ولم يمض وقت طويل حتى صار هذا الشاب أحد الدعاة إلى الله .
* * *
" صعد أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه المنبر ليستسقي فلم يزد على الإستغفار ،
وقراءة آيات الإستغفار ومنها قوله تعالى :
( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً )
ثم قال : لقد طلبت الغيث بمجاديح السماء التي يُستنزل بها المطر " .
* * *
دلت آية الوضوء
على سبعة أصول ، كلها مثنى :
طهارتان : الوضوء والغسل .
ومطهران : الماء والتراب .
وحُكمان : الغسل والمسح .
وموجبان : الحدث و الجنابة .
ومبيحان : المرض والسفر .
وكنايتان : الغائط والملامسة .
وكرامتان : تطهير الذنوب وإتمام النعمة .
* * *
تأمل قدرة الله في هذه الآية :
( وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً ) الفرقان/53 ،
يقول العلامة الشنقيطي :
" حدثني من أثق به أنه أتى نهاية نهر السنغال الذي يصب في المحيط الأطلسي ،
وأنه جلس يغترف بيده من النهر عذباً فراتاً ، وبيده الأخرى من البحر ملحاً أجاجاً ،
فما أعظم الله وأجل قدرته ! " .
* * *
استنبط بعض العلماء من قوله تعالى :
( أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً ) الفرقان/24،
أن حساب أهل الجنة يسير ، وأنه ينتهي في نصف نهار ،
ووجه ذلك : أن قوله : " مَقِيلاً " : أي مكان قيلولة ، وهي الإستراحة في نصف النهار .
* * *
( فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ) الأعراف/99
" في هذه الآية تخويف بليغ ،
فإن العبد لا ينبغي أن يكون آمناً على ما معه من الإيمان
‘ بل لا يزال خائفا أن يبتلى ببلية تسلب إيمانه ‘ولا يزال داعيا بالثبات ‘
وأن يسعى في كل سبب يخلصه من الشر عند وقوع الفتن ؛
فإن العبد - ولو بلغت به الحال ما بلغت - فليس على يقين من السلامة .
* * *
" في سورة الفلق تعوذ بصفة واحدة من أربعة أشياء عظيمة ،
بينما في سورة الناس تعوذ بثلاث صفات من شيء واحد ؛
فتدبر لتعلم أي عدو يلازمك ؟ " .
* * *
( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ) محمد/31 ،
علق الحافظ الذهبي على الإبتلاء الذي تعرض له الإمام مالك - وربطه بهذه الآية - فقال :
" فالمؤمن إذا امتحن صبر ، واتعظ ، واستغفر ،
ولم يتشاغل بذم من انتقم منه فالله حكم مقسط ،
ثم يحمد الله على سلامة دينه ، ويعلم أن عقوبة الدنيا أهون وخير له " .
* * *
( وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ) الكهف/18 ،
" تأمل قوله تعالى: ( نقلبهم ) ففيه دليل على أن فعل النائم لا ينسب إليه ،
فلو طلق ، أو قال : في ذمتي لفلان كذا ، لم يثبت ، لأنه لا قصد له .
وفي تقليبهم ، وعدم إستقرارهم على جنب واحد فائدة بدنية ، وهي توازن الدم في الجسد " .
* * *
من تدبر القرآن تبين له أن أعظم نعم الرب على العبد تعليمه القرآن والتوحيد ،
تأمل :
( الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ )
فبدأ بها قبل نعمة الخلق،
وفي " النحل " – التي هي سورة النعم - :
( يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ )
فهذه الآية أول نعمة عددها الله على عباده ،
لذا قال ابن عيينة : ما أنعم الله على العباد نعمة أعظم من أن عرفهم لا إله إلا الله .
* * *
( وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا * الذين كانت أعينهم في غطاء من ذكرى وكانوا لا يستطيعون سمعا )
" وهذا يتضمن معنيين:
أحدهما :
أن أعينهم في غطاء عما تضمنه الذكر من آيات الله، وأدلة توحيده، وعجائب قدرته ،
والثاني :
أن أعين قلوبهم في غطاء عن فهم القرآن وتدبره، والاهتداء به ،
و هذا الغطاء للقلب أولا ، ثم يسري منه إلى العين".
* * *
( وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه، وقولوا لهم قولا معروفا )
"يؤخذ من هذا المعنى، أن كل من تطلع وتشوف إلى ما حضر بين يدي الإنسان ينبغي له أن يعطيه منه ما تيسر".
* * *
الصفحة الأخيرة
: ( أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ )
فمكث ليلته حتى أصبح ، ما يجاوز هذه الآية إلى غيرها ببكاء شديد .
* * *
وصف الله كتابه بأنه ( مثاني ) " أي تثنى فيه القصص والأحكام ، والوعد والوعيد ، وتثنى فيه أسماء الله وصفاته ،
وكذلك القلب يحتاج دائماً إلى تكرار معاني كلام الله تعالى عليه ،
فينبغي لقاريء القرآن ، المتدبر لمعانيه ، أن لا يدع التدبر في جميع المواضع منه ،
فإنه يحصل له بسبب ذلك خير كثير ، ونفع غزير " .
.
* * *
" ومن أعظم ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى من النوافل :
كثرة تلاوة القرآن ، وسماعه بتفكر وتدبر وتفهم ،
قال خباب بن الأرت لرجل : تقرب إلى الله ما استطعت ، واعلم أنك لن تتقرب إليه بشيء هو أحب إليه من كلامه .
* * *
عن حفص بن حميد قال : قال لي زياد بن حدير : إقرأ علي ، فقرأت عليه : ( ألم نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ* وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ*الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ)
فقال : يا ابن أم زياد !
أنقض ظهر رسول الله ؟ ! ـ أي إذا كان الوزر أنقض ظهر الرسول فكيف بك ؟! ـ فجعل يبكي كما يبكي الصبي .
* * *
" هل يسرك أن يعلم الناس ما في صدرك ـ مما تحرص على كتمانه و لا تحب نسبته إليك ـ ؟!
قطعاً لا تحب ، بل ستتبرأ منه لو ظهر ؟ إذن قف مع هذه الآية متدبراً ، و تأمل ذلك المشهد العظيم :
( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ) ،
( وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ) ،
أتريد النجاة من هذا كله ؟
كن كإبراهيم عليه السلام : ( إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) وهنا ، لن تر ما يسوؤك "
* * *
ثلاث سور تجلت فِيها عظمة وقوة الخالق سبحانه ، تفتح الأبصار إلى دلائل ذلك في الكون القريب منا ،
من تدبرها حقاً شعر ببرد اليقين في قلبه ، و أدخل عظمة الله في كل شعرة من جسده :
( الرعد ، فاطر ، الملك ) .
* * *
" تأمل قوله تعالى : ( وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً ) ، فالنظرة تعلو صفحة الوجه ، والسرور لذة قلبية لا ترى ، فجمع الله أكمل النعيم و أتمه ، ظاهراً وباطناً ، وإذا كان الرائي لأهل الدنيا المترفين ـ ممن تنعموا واختلطوا بأسيادهم وكبرائهم ـ يرى أثر ذلك عليهم ، فكيف بحال من تنعم بصحبة النبيين ، وتلذذ برؤية وجه رب العالمين ؟ " .
* * *
قيل ليوسف بن أسباط : بأي شيء تدعو إذا ختمت القرآن ؟ فقال : أستغفر الله ؛ لأني إذا ختمته ثم تذكرت ما فيه من الأعمال خشيت المقت ، فأعدل إلى الإستغفار والتسبيح .
* * *
" الإستغفار بعد الفراغ من العبادة هو شأن الصالحين ، فالخليل وابنه قالا ـ بعد بناء البيت ـ : ( وَتُبْ عَلَيْنَا ) وأمرنا به عند الإنتهاء من الصلاة : ( فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ ) وبينت السنة أن البدء بالإستغفار ، وكذا أمرنا به بعد الإفاضة من عرفة ، فما أحوجنا إلى تذكر منة الله علينا بالتوفيق للعبادة ، واستشعار تقصيرنا الذي يدفعنا للإستغفار.
* * *
يزداد التعجب ويشتد الإستغراب من أناس يقرؤون سورة يوسف
ويرون ماعمله أخوته معه عندما فرقوا بينه و بين أبيه ،
وماترتب على ذلك من مآسي وفواجع : إلقاء في البئر ، وبيعه مملوكاً ، وتعرضه للفتن وسجنه ، واتهامه بالسرقة ..
بعد ذلك كله يأتي منه ذلك الموقف الرائع ( لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ ) ..
يرون ذلك فلا يعفون ولا يصفحون ؟
فهلا عفوت أخي كما عفى بلا منّ ولا أذى ؟ ألا تحبون أن يغفر الله لكم ؟ " .
* * *
لما افتخر فرعون بقوله ( وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي )
عُذب بما افتخر به فأغرق في البحر !
وعاد عذبت بألطف الأشياء ـ وهي الريح ـ لما تعالت بقوتها ،
وقالت : ( مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ) ؟ " .
* * *
" كرم الرب يتجاوز طمع الأنبياء فيه ـ مع عظيم علمهم به ـ
فهذا زكريا لهج بالدعاء ونادى : ( رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدا )
فاستجيب له وجاءته البشرى فلم يملك أن قال : ( أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ )! ..
فلله ما أعظم إحسان ربنا ! وما أوسع كرمه ! فاللهم بلغنا ـ برحمتك ـ فوق مانرجو فيك ونؤمل " .
* * *