فخورة بديني
فخورة بديني
وحيث جاء ذكر القرض الحسن في القرآن ؛ فإن ذلك يجمع أمورا ثلاثة :
1) أن يكون من طيب ماله لا من رديئه وخبيثه .
2) أن يخرجه طيبة به نفسه .
3) أن لا يمن به ولا يؤذي .


* * *

سمع جبير بن مطعم رضي الله عنه هذه الآيات
{ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ *
أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ } الطور 35، 36
فقال كاد قلبي أن يطير!
والسؤال كم مرةً توقفنا عند هذه الأسئلة العظيمة القامعة لكل شبهة؟!

* * *

{ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ } البقرة /50
فإغراق العدو أو إهلاكه نعمة ، وكونه ينظر إلى عدوه - وهو يغرق - نعمة أخرى ؛
لأنه يشفي صدره ؛ وعند عجز الناس لا يبقى إلا فعل الله عزّ وجلّ ؛
ولهذا في غزوة الأحزاب نُصروا بالريح التي أرسلها الله تعالى .


* * *

{ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ } البقرة/50
لما كان الغرق من أعسر الموتات وأعظمها شدة ،
جعله الله تعالى نكالاً لمن ادعى الربوبية ، وعلى قدر الذنب يكون العقاب ،
ويناسب دعوى الربوبية والإعتلاء ، انحطاط المدعي وتغييبه في قعر الماء .


* * *

{ فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ *
قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } الشعراء/62،61
إنها كلمات الواثق بنصر ربه ، قال { مَعِيَ } ولم يذكر قومه معه ،
بينما قال نبينا عليه الصلاة والسلام { إِنَّ اللّهَ مَعَنَا } بضمير الجمع ،
ولم يكن معه إلا أبو بكر رضي الله عنه، أليس ذلك يوحي بأن أبا بكر يعدل أمة ؟


* * *

في مثل هذا اليوم العظيم ( عاشوراء )
قال موسى عليه السلام { كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } الشعراء/62
فما أحوجنا إلى مثل هذا الإيمان الراسخ الذي ينبئ عن ثقة بالله وتفاؤل بالمستقبل ،
وإن هذه الآية لقوة ردع وزجر لمن يجعل ثقته بالأحوال المحيطة ،
والأسباب الظاهرة أقوى من حسن ظنه بالله ،
فهل يدرك ذلك ضعاف الإيمان ؟
والمنهزمون الذين تزلزل إيمانهم أمام استكبار وطغيان القوى الظالمة ؟
إن رب موسى وصحبه، هو ربنا لو كانوا يعقلون { وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ }


* * *

من كانت معصيته في الشهوة ، فارج له التوبة ،
فإن آدم عليه السلام عصى الله مشتهيا فغفر له ،
ومن كانت معصيته في كبر ، فاخش على صاحبه اللعنة ،
فإن إبليس عصى مستكبراً فلُعن .


* * *

استدل بعض أهل العلم بقوله تعالى { وَسَارَ بِأَهْلِهِ } القصص/29
بأن فيها دليلا على أن الرجل يذهب بأهله حيث شاء ،
لما له عليها من فضل القوامة وزيادة الدرجة ،
إلا أن يلتزم لها أمرا فالمؤمنون عند شروطهم ، وأحق الشروط أن يوفى به ما استحلت به الفروج .


* * *

{ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ } الأنعام/92
هذا الكتاب مبارك ، أي كثير البركات والخيرات ،
فمن تعلمه ، وعمل به غمرته الخيرات في الدنيا والآخرة ،
وكان بعض علماء التفسير يقول اشتغلنا بالقرآن فغمرتنا البركات والخيرات في الدنيا
تصديقا لهذه الآية .


* * *

{ فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً } طه/44
كان اللين في الأسلوب والطريقة ، ولم يكن في المضمون والعقيدة .


* * *

عادة القرآن تقديم ذكر عاد على ثمود إلا في بعض المواضع ،
ومنها في سورة الحاقة فإنه قال { كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ }
وسبب ذلك - والله أعلم - أن السورة لما ابتدأت بذكر القارعة -
وهي التي تقرع أسماع الناس من شدة صوتها - قدم ذكر ثمود ؛
لأن العذاب الذي أصابهم من قبيل القرع ؛
إذ أصابتهم الصواعق المسماة في بعض الآيات بالصيحة .


* * *

من قرأ القرآن - أي: حفظه - قبل أن يحتلم فهو ممن أوتي الحكم صبيا .
فإذا كان هذا شأن من حفظ، فكيف بمن حفظه ثم وضع قدمه على طريق التدبر؟
إنه لأكثر حظا من الحافظ فقط .

* * *

رأى أحد طلبة العلم رجلا من الأتراك - لا يحسن العربية -
ولكنه إذا قرأ القرآن يبكي ،
فسأله: كيف تبكي وأنت لا تعرف معنى ما تقرأ ؟
فقال له - عن طريق المترجم -: إنه كلام الله، ولكن أنتم عرب ، فلماذا لا تبكون ؟!

* * *

" لا تجد في القرآن ذكر ( المطر ) إلا في موضع الانتقام والعذاب ,
بخلاف ( الغيث) الذي يذكره القرآن في الخير والرحمة
؛ قال تعالى: { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَاء مَطَرُ الْمُنذَرِينَ } النمل/58 } ,
في حين قال" { وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ } الشورى/28" .


* * *
فخورة بديني
فخورة بديني
قال أبو زرعة الرازي - وسئل عن كتب فيها بدع وضلالات -:
إياك وهذه الكتب، عليك بالأثر فإنك تجد فيه ما يغنيك ،
ومن لم يكن له في كتاب الله عبرة فليس له في هذه الكتب عبرة .


* * *

{ لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ } الحشر/21
ذكر هذه الآية بعد بيان حال الفاسقين ينبه على أن ما أوقع الفاسقين في الهلكة
إنما هو إهمالهم القرآن الكريم والتدبر فيه ، وذلك من نسيانهم الله تعالى .


* * *

تأمل قوله تعالى عن النسوة : { امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ } يوسف/30
ولم يقلن: فتى العزيز راود سيدته ،
وفي هذا طمأنة لأصحاب المبادئ، الذين يتعرضون لتشويه السمعة ،
وإلصاق التهم عن طريق الإشاعات والافتراء ، إذ سرعان ما تتضح مواقفهم ،
وتظهر براءتهم ساطعة كالشمس: { الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ }


* * *

في قوله تعالى: { إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ } ص/23
لباقة هذين الخصمين حيث لم تثر هذه الخصومة ضغينتهما ؛
لقوله: { هَذَا أَخِي } مع أنه قال في الأول: { بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ }
لكن هذا البغي لم تذهب معه الأخوة .


* * *

قرأ رجل عند يحيى بن معاذ هذه الآية : { فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً } طه/44
فبكى يحيى وقال: إلهي هذا رفقك بمن يقول أنا الإله! فكيف رفقك بمن يقول أنت الإله؟!


* * *

إذا تأملت قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } الأنبياء/101
وأضفت له قوله تعالى:
{ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ... - إلى قوله - وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى } الحديد/10
تبين لك أن الصحابة كلهم من أهل الجنة قطعا ؛ لأنه وعد أهل الحسنى بالإبعاد عن النار ،
وأخبر أن الصحابة سواء من أسلم قبل الفتح أو بعده موعود بالحسنى .


* * *

من ظن أن التربية تتوقف عند سن معين فقد وهم ،
بل هي مستمرة إلى زمن متقدم من عمر المؤمن ،
فإن القرآن أخبرنا أن أئمة الدين لم يبلغوا منزلتهم من الإمامة إلا بعد ابتلاء وتمحيص
قال تعالى { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ } السجدة/24


* * *

كان عمر رضي الله عنه يمر بالآية في ورده ،
فتخنقه فيبكي حتى يلزم بيته، فيعوده الناس يحسبونه مريضا .


* * *

{ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ } الكهف /19
هذه الآية تدل على صحة الوكالة، وهي أقوى آية في إثباتها .


* * *

كان نبينا صلى الله عليه وسلم يخص يوم الجمعة بقراءة بعض السور
ففي الفجر يقرأ بسورتي السجدة والإنسان ،
وفي صلاة الجمعة ربما قرأ بسورتي الأعلى والغاشية ،
وربما قرأ بسورتي الجمعة والمنافقون ،
ولهذا حكمة ،
فما أحرانا أن نتدبر هذه السور، ولعلنا نتعرض لها في الجمع القادمة - بإذن الله –

* * *

من كان مستوحشا مع الله بمعصيته إياه في هذه الحياة ،
فوحشته معه في البرزخ ويوم المعاد أعظم وأشد
{ وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً } الإسراء/72


* * *

كان أبو العباس بن عطاء يختم القرآن كثيرا ،
إلا أنه جعل له ختمة يستنبط منها معاني القرآن ،
فبقي بضع عشرة سنة، فمات قبل أن يختمها .


* * *

قوله سبحانه: { وأن إلى ربك المنتهى} النجم / 42 متضمن لكنز عظيم ،
وهو أن كل مراد إن لم يرد لأجل الله ، ويتصل به ،
وإلا فهو مضمحل ، منقطع ، فإنه ليس إليه المنتهى ،
وليس المنتهى إلا إلى الذي انتهت إليه الأمور كلها ،
فهو غاية كل مطلوب ، وكل محبوب لا يحب لأجله فمحبته عناء وعذاب.


* * *

{ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ
وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } الكهف/28
هل تدبرنا لمن وجه هذا الخطاب؟ وكيف أن الذين طولب بصحبتهم أقل منه منزلة !
بل وحذره من تركهم طلبا لزينة الحياة الدنيا!
إنه لدرس بليغ في بيان في ضرورة مصاحبة الصالحين ، والصبر على ذلك،
وأن الدعوة إنما تقوم على يد من قويت صلتهم بربهم ، ولو كان حظهم من الدنيا قليلا ! .


* * *

قوله تعالى : {فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى } الأعلى/9
أي: ذكر حيث تنفع التذكرة، ومن هاهنا يؤخذ الأدب في نشر العلم ،
فلا يضعه عند غير أهله .


* * *

توضيح يتعلق برسالة ابن كثير بالأمس
عن قوله تعالى: { فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى }
فليس مراده أن التذكير لا يفعل إلا إذا ظن قبوله ،
بل المراد: أن يذكر الإنسان بما يفهمه الشخص المقصود بالتذكير حتى لا يترتب على ذلك
تكذيب الموعظة أو ردها بسبب عدم فهمها ،
كما يدل لذلك إيراد ابن كثير لأثر علي رضي الله عنه :
( ما أنت بمحدِّث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم )

* * *

{ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ } النور/19
في هذه الآية وعيد رباني لا يتخلف للذين يتبنون مشاريع الفساد والإفساد في الأرض
بالعذاب الأليم في الدنيا قبل الآخرة ، سواء كان حسيا أو نفسيا ،
علمنا به أم لم نعلم ؛
ولذلك ختمها بقوله : { وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }
وفي ذلك شفاء لصدور المؤمنين ، وإذهاب لغيظ قلوبهم .


* * *

{ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ } العنكبوت/3
أي: ليعلم الصادق من الكاذب ، والطائع من العاصي ،
وقد كان يقال: إن المؤمن ليضرب بالبلاء كما يفتن الذهب بالنار ،
وكان يقال: إن مثل الفتنة كمثل الدرهم الزيف يأخذه الأعمى ويراه البصير.


* * *

لقد كان نبي الله إبراهيم يحمل هم هداية الأجيال القادمة ،
ولم يقصر نظره على جيله، أو بيته، أو أهله ،
فقال: { رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ } البقرة/129
فياله من هم ما أكمله ، ويا لها من نفس ما أزكاها؟!


* * *

عن مجاهد في قوله تعالى:
{ فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ } الفجر/15
قال: ظن الإنسان كرامة الله في كثرة المال , وهوانه في قلته , وكذب !
إنما يكرم بطاعته من أكرم ، ويهين بمعصيته من أهان .


* * *

{ وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ } غافر/41
أرأيت أعقل من هذا السؤال ؟ فإما نجاة وإما هلاك! لا طريق آخر:
{ لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ }.


* * *

قال تعالى عن قوم لوط : { فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا } الحجر/74
هذا من المناسبة بوضوح ، فإنهم لما انقلبوا عن الحقيقة، والفطرة ،
ونزلوا إلى أسفل الأخلاق جعل الله أعالي قريتهم سافلها ! .


* * *

حتى الأنبياء لم يسلموا من محاولات الإغواء والإضلال :
{ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ } النساء / 113
فمن يأمن البلاء بعد نبينا صلى الله عليه وسلم ؟
ومن الذي يظن أنه بمعزل عن الفتنة ؟! نسأل الثبات على الحق .

* * *

أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم في بداية سورة المزمل بترتيل القرآن في قيام الليل ،
وهي دعوة لتدبر القرآن ، إذ لا يخفى عظم أثر الترتيل في إحداث التدبر ،
خصوصا في ظلمة الليل، حيث السكون، وحضور القلب، والاعتبار .


* * *

{ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ } الزمر/23
" لما كان القرآن في غاية الجزالة والبلاغة اقشعرت الجلود منه إعظاما له ،
وتعجبا من حسن ترصيعه، وتهيبا لما فيه " .


* * *

تأمل هذه الآيات:
{ وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ } ،
{ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ } ،
و { وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ }
ونحوها من الآيات، التي تشير إلى ضرورة الدعوة بالقرآن ،
وأنه أبلغ وأنفع ما توعظ به القلوب ، وتتأثر به - كما هو مشاهد - وهي تشير - أيضاً -
إلى أن البلاغ والوعظ بكلام الله من أعظم ما يطلب من الرسول وأتباعه .


* * *
فخورة بديني
فخورة بديني
تدبر في سر الجمع والإفراد في الآية التالية :
{ فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم } الشعراء/100، 101
وإنما جمع الشافع لكثرة الشافعين، ووحد الصديق لقلته.


* * *

{ سنستدرجهم من حيث لا يعلمون } الأعراف/ 182
قال سفيان الثوري: نسبغ عليهم النعم، ونمنعهم الشكر .

* * *

في إنكار موسى أكثر من مرة على الخضر ، وعدم صبره ،
دليل على أن قلوب المؤمنين مجبولة على إنكار المنكر ؛
لأن موسى عليه السلام وعد الخضر بالصبر ، فلما رأى ما رأى أنكره عليه .


* * *

قال القرطبي في تفسيره لقوله تعالى: { وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَداً } الكهف/22
روي أنه عليه السلام سأل نصارى نجران عنهم فنهي عن السؤال ،
وفى هذا دليل على منع المسلمين من مراجعة أهل الكتاب في شيء من العلم .
ويقصد القرطبي : علم الشريعة .

* * *

{ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ} الجن/26،27
قال الواحدي:
وفي هذا دليل على أن من ادعى أن النجوم تدله على ما يكون من حياة أو موت أو غير ذلك
فقد كفر بما في القرآن.

* * *

{ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } النور/35
فهلا سألت نفسك - إذا أحسست بظلمة في صدرك ،
أو قلبك - ما الذي يحول بينك وبين هذا النور العظيم الذي ملأ الكون كله ؟!
{ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ } .


* * *

تدبر قوله تعالى { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ } الحجر/21
فهو "متضمن لكنز من الكنوز،
وهو أن كل شيء لا يطلب إلا ممن عنده خزائنه ،
ومفاتيح تلك الخزائن بيده ،
وإن طلب من غيره طلب ممن ليس عنده ، ولا يقدر عليه ! .


* * *

سألت أحد الشباب - الذين من الله عليهم بحفظ القرآن ، والعيش معه ، كما أحسبه –
فقلت له: أنت في بيئة عرف عنها النزاعات والخلافات والتفرق ، فكيف نجوت من ذلك ؟
فقال : لا أعرف سببا أعزو الأمر إليه إلا الإقبال على القرآن ،
فقد رباني على حفظ اللسان ، والإعراض عما لا ينفعني في الآخرة ،
فأعجبني هذا منه ، فاللهم أكثر من أمثاله .


* * *

" آيات في كتاب الله إذا ذكرتهن، لا أبالي على ما أصحبت أو أمسيت :
{ وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ } ،
{ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِ كْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ } ،
{ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً } ،
{ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا } " .


* * *

{ وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ } البقرة/45
فيه جواز الاستعانة بغير الله فيما يثبت أن فيه العون .


* * *

" فإذا استمع العبد إلى كتاب الله تعالى ،
وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام بنية صادقة على ما يحب الله ،
أفهمه كما يحب ، وجعل له في قلبه نورا " .


* * *

{ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ } الأنعام/92
" هذا الكتاب المبارك لا ييسر الله للعمل به إلا الناس الطيبين المباركين ،
فهو كثير البركات والخيرات ؛ لأنه كلام رب العالمين ،
من قرأه وتدبر معانيه، عرف منه العقائد الحقة ، وأصول الحلال والحرام ،
ومكارم الأخلاق ، وأسباب النعيم الأبدي ، والعذاب الأبدي ،
ومن عمل به غمرته الخيرات والبركات في الدنيا والآخرة ، وأصلح الله له الدارين ".


* * *

{ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ
كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ } التحريم/10
فقوله سبحانه: { تَحْتَ } إعلام بأنه لا سلطان للمرأة على زوجها ،
وإنما السلطان للزوج عليها ،
فالمرأة لا تساوى بالرجل ، فضلا عن أن تعلو عليه .


* * *

" هل قوله تعالى : { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } تخفيف أم تكليف ؟
يحتمل الأمرين ،
فإن قلنا المعنى : لا تقصروا عما تستطيعون ، فهذا تكليف ،
وإن قلنا إن المعنى : لا يلزمكم فوق ما تستطيعون ، فهو تخفيف ،
وأكثر الناس يستدلون بهذه الآية في التخفيف دون التكليف " .


* * *

تأمل قوله تعالى - في قصة إبراهيم مع ولده -: { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ } الصافات/102
فقوله: { مَعَهُ } تبين أهمية مرافقة الأب لابنه ومصاحبته له ،
والذي يثمر - غالبا - سمعا وطاعة واستجابة ؛
ولذا قال هذا الابن البار - لما عرض له أبوه أمر الذبح -:
{ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ }.

* * *

{ وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ } السجدة/12
وجواب { لَوْ } متروك ، تقديره : لو رأيت حالهم لرأيت ما يُعتبر به، ولشاهدت العجب.


* * *

{ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً * ويطعمون الطعام} الإنسان/7، 8
" اعلم أن مجامع الطاعات محصورة في أمرين:
التعظيم لأمر الله تعالى، وإليه الإشارة بقوله : { يوفون بالنذر }
والشفقة على خلق الله ، وإليه الإشارة بقوله : { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ } ".


* * *

ما نسمعه من النصارى وأضرابهم من سب حبيبنا صلى الله عليه وسلم والإساءة إليه ،
قد جاء الخبر عنه في القرآن :
{ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً }
ثم بين المخرج فقال:
{ وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } آل عمران /186
فإذا صبرنا على ديننا ، ولم نتعد حدود الله بعواطفنا ، واتقينا ربنا ، فإن العاقبة لنا .


* * *

{ وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ* وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ } الواقعة /20، 21
قدم ذكر الفاكهة على اللحم ؛ لأن الفواكه أعز ,
ولذلك جعل التخير للفاكهة , والاشتهاء للحم ,
ولأن الاشتهاء أعلق بالطعام منه بالفواكه
فلذة كسر الشهية بالطعام لذة زائدة على لذة حسن طعمه ،
وكثرة التخير للفاكهة فيه لذة أخرى هي لذة تلوين الأصناف , فهم من لذة عظمى إلى مثلها .


* * *

قال تعالى عن إبراهيم : { شَاكِراً لِّأَنْعُمِهِ} النحل/121,
وقال : { وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً } لقمان/20 ,
فجمع النعمة في آية النحل جمع قلة ( أنعم ) ؛ لأن نعم الله لا تحصى ,
وإنما يستطيع الإنسان معرفة بعضها وشكرها ,
وهو ما كان من إبراهيم عليه السلام , فذكر جمع القلة في هذا المقام ،
أما آية لقمان فجمعها جمع كثرة ( نعمه ) ؛ لأنها في مقام تعداد نعمه وفضله على الناس جميعا.


* * *

تأمل هذا المثل:
{ مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ
كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ } البقرة/261
فالأرض إذا أعطيتها حبة أعطتك سبعمائة حبة ،
هذا عطاء مخلوق ، فكيف بعطاء الخالق ؟! .

* * *

تأمل قوله تعالى - بعد أن ذكر جملة من قبائح اليهود -:
{ وَالَّذِينَ عَمِلُواْ السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } الأعراف/153
فإنه سبحانه " عظم خبائثهم أولا، ثم أردفها بعظيم رحمته ؛
ليعلم أن الذنوب وإن جلت، فالرحمة أعظم " .
فهل نتدبر ؟

* * *

" ومن أوتي علم القرآن فلم ينتفع ، وزجرته نواهيه فلم يرتدع ،
وارتكب من الإثم قبيحا ، ومن الجرائم فضوحا ؛
كان القرآن حجة عليه ، وخصما لديه ،
قال صلى الله عليه وسلم: " القرآن حجة لك أو عليك ".


* * *

" لما كان القرآن العزيز أشرف العلوم ،
كان الفهم لمعانيه أوفى الفهوم ؛ لأن شرف العلم بشرف المعلوم " .


* * *

عن عمر بن الخطاب في قوله تعالى: { خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ }
قال : الساعة خفضت أعداء الله إلى النار، ورفعت أولياء الله إلى الجنة .


* * *

قال تعالى عن المنافقين:
{ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى } التوبة/54
لو لم يكن للنفاق آفة إلا أنه يورث الكسل عن العبادة ، لكفى به ذما ،
فكيف ببقية آثاره السيئة ؟! .

* * *

تأمل قوله تعالى :
{ مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ } الإسراء/18
ولم يقل: عجلنا له ما يريد ؛ بل قال: { مَا نَشَاء } لا ما يشاء هو { لِمَن نُّرِيدُ }
فمن الناس: من يعطى ما يريد من الدنيا ،
ومنهم : من يعطى شيئا منه ،
ومنهم : من لا يعطى شيئا أبدا ،
أما الآخرة فلا بد أن يجني ثمرتها إذا أراد بعمله وجه الله :
{ وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً }.


* * *

" وصف الله تعالى نفسه بعد قوله : { رَبِّ الْعَالَمِينَ }
بأنه: { الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ }
لأنه لما كان في اتصافه بـ{ رَبِّ الْعَالَمِينَ } ترهيب ،
قرنه بـ{ الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ } لما تضمنه من الترغيب ؛
ليجمع في صفاته بين الرهبة منه والرغبة إليه ، فيكون أعون على طاعته وأمنع ".


* * *

{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ...} آل عمران/144
لقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم الناس حوله على أنه عبد الله ورسوله ،
والذين ارتبطوا به عرفوه كذلك ،
فإذا مات عبد الله ،
بقيت الصلة الكبرى بالحي الذي لا يموت ؛
فأصحاب العقائد الحقة أتباع مبادئ لا أتباع أشخاص.


* * *

{ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } الكهف/7
لقد اغتر بزخرف الدنيا وزينتها الذين نظروا إلى ظاهرها دون باطنها ،
فصحبوا الدنيا صحبة البهائم ، وتمتعوا بها تمتع السوائم ،
همهم تناول الشهوات ، من أي وجه حصلت ،
فهؤلاء إذا حضر أحدهم الموت ، قلق لخراب ذاته ، وفوات لذاته ،
لا لما قدمت يداه من التفريط والسيئات .


* * *

{ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } السجدة /17
قال الحسن البصري:
" أخفى قوم عملهم فأخفى الله لهم ما لم تر عين، ولم يخطر على قلب بشر ".

* * *

في قوله تعالى: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ }
إشارة إلى أن مركز القوة والحضارة والتقدم انتقل - من خلال الرؤية الإسلامية -
من القوة المالية والبدنية إلى العلم والمعرفة .


* * *

قال مزاحم بن زفر :
صلى بنا سفيان الثوري المغرب فقرأ حتى بلغ :
{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } بكى حتى انقطعت قراءته ،
ثم عاد فقرأ: { الْحَمْدُ للّهِ }.


* * *

اقرأ أول سورة " المؤمنون " بتدبر ،
تجد أن من أهم صفات المؤمنين المفلحين:
إتقان العمل ، والمداومة عليه ، وهذان الأمران هما سر النجاح وأساس الفلاح ،
فالخشوع في الصلاة يشير إلى ضرورة الإتقان ،
والمحافظة على جميع الصلوات لا تكون إلا بالمداومة والاستمرار .


* * *

قال بكر العابد :
سمعت الفضيل بن عياض يقول في قول الله عز وجل:
{ وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ } الزمر/47
قال: أتوا بأعمال ظنوها حسنات فإذا هي سيئات !
قال بكر: فرأيت يحيى بن معين بكى !

والسؤال: كم مرة بكينا عند هذه الآية وأمثالها ؟!

* * *

قال ابن تيمية:
" ولذا تجد من أكثر من سماع القصائد لطلب صلاح قلبه ،
تنقص رغبته في سماع القرآن حتى ربما كرهه " .


* * *

" وإنك لتجد في بيت الله الحرام خمسين ألف بأيديهم المصاحف يقرؤون القرآن ،
ولكنك لا تجد خمسين منهم يفهمون معاني ما يقرؤون ،
وإني لا أنكر أن لقارئ القرآن أجرا على كل حال ؛
لكن الله يقول : { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } محمد/24
فمتى نكسر هذه الأقفال حتى نفهم ما يقال ؟ " .



* * *
فخورة بديني
فخورة بديني
قيل لعيسى بن وردان: ما غاية شهوتك من الدنيا ؟ فبكى ،
ثم قال: أشتهي أن ينفرج لي عن صدري ،
فأنظر إلى قلبي ماذا صنع القرآن فيه وما نكأ ؟

فتأمل - يا مؤمن - كيف كان السلف يعتنون بالتفتيش عن أثر القرآن في قلوبهم ؟
وقارنه بالواقع ! .

* * *

ما أحوج الناس - في ظل غلاء الأسعار -
أن يقفوا مع الآيات { 155 – 157}
في تفسير السعدي رحمه الله.

* * *

انظر الفرق !
كيف نسب الله - في سورة الكهف - الكلب إلى الفتية لأنهم صالحين ،
بينما في سورة الفيل نسب أبرهة وجيشه إلى الفيل لحقارتهم عند الله .

* * *

في قوله تعالى :
{ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم
مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ } النساء/69

* * *

تدرج من القلة إلى الكثرة ، ومن الأفضل إلى الفاضل ؛
إذ قدم ذكر ( الله ) على ( الرسول ) ,
ورتب السعداء من الخلق بحسب تفاضلهم ,
كما تدرج من القلة إلى الكثرة ،
فبدأ بالنبيين وهم أقل الخلق ثم الصديقين وهم أكثر , فكل صنف أكثر من الذي قبله .


* * *

"عندما قال يوسف للسجينين : { إني تركت ملة قوم } يوسف/37
لم يقل لهما : إنكما على دين باطل ، فالمقام ليس مقام استفزاز ولا حساب ، بل مقام بلاغ ،
والحق إذا تبين فليس بالضرورة أن يشتم الباطل الذي يدين به الشخص المقابل " .


* * *

قال تعالى عن المنافقين:
{ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ } المجادلة/18
وهذا يقتضي توغلهم في النفاق ورسوخه فيهم , وأنه باق في أرواحهم بعد بعثهم ؛
لأن نفوسهم خرجت من عالم الدنيا متخلقة به ،
فإن النفوس إنما تكتسب تزكية أو خبثا في عالم التكليف .


* * *

دل قوله تعالى :
{ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ } الجمعة /11
على أنه ينبغي للعبد - المقبل على عبادة الله -
وقت دواعي النفس لحضور اللهو والتجارات والشهوات ,
أن يذكرها بما عند الله من الخيرات ، وما لمؤثر رضاه على هواه .


* * *

قال مطرف بن عبدالله في قوله تعالى:
{ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً } الكهف/80:
" إنا لنعلم أنهما قد فرحا به يوم ولد ، وحزنا عليه يوم قتل ، ولو عاش لكان فيه هلاكهما ،
فليرض رجل بما قسم الله له ، فإن قضاء الله للمؤمن خير من قضائه لنفسه ،
وقضاء الله لك فيما تكره خير من قضائه لك فيما تحب " .


* * *

لما ألهت الخيل سليمان بن داود عليهما السلام عن صلاته ,
دعا بتلك الخيل فجعل يقتلها ، ويضرب أعناقها وسوقها انتقاما من نفسه لنفسه ؛
فانتقم من نفسه التي لهت بهذه الصافنات الجياد عن ذكر الله
{ رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ } ص/33
فإذا رأيت شيئا من مالك يصدك عن ذكر الله فتباعد عنه قدر استطاعتك ،
قبل أن يبعدك عن الله .


* * *

{ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ } بك وبما جئت به ،
وهذا وعد من الله لرسوله ، أن لا يضره المستهزئون ،
وأن يكفيه الله إياهم بما شاء من أنواع العقوبة ، وقد فعل تعالى ؛
فإنه ما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به إلا أهلكه الله وقتله شر قتلة .


* * *

قال البقاعي - مبينا تناسق ما قبل الآية مع ما بعدها - :
" ومن تدبر الابتداء عرف الختم ، ومن تأمل الختم لاح له الابتداء".
ومعنى كلامه : أن من تدبر بداية الآية التي هو فيها عرف سر ختام الآية التي قبلها ،
وكذلك من تأمل ختام الآية التي هو فيها ظهر له ارتباطها بالآية التي بعدها ،
وظهور هذا وخفاؤه يتفاوت بحسب علم الإنسان وقوة تدبره .

* * *

{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا } فصلت/30
قال الزهري: تلا عمر هذه الآية على المنبر ،
ثم قال : " استقاموا - والله - لله بطاعته ، ولم يروغوا روغان الثعالب " .


* * *

قال بعض العلماء: أرجى آية في القرآن آية الدين البقرة /282
فقد أوضح الله فيها الطرق الكفيلة بصيانة الدين من الضياع ، ولو كان الدين حقيرا ،
قالوا : وهذا من صيانة مال المسلم ،
وعدم ضياعه ولو قليلا يدل على العناية التامة بمصالح المسلم ،
وذلك يدل على أن اللطيف الخبير لا يضيعه يوم القيامة عند اشتداد الهول ،
وشدة حاجته إلى ربه .


* * *

{ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ
وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا
أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ
فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } التوبة /24
" وهذه الآية أشد آية نعت على الناس ،
ما لا يكاد يتخلص منه إلا من تداركه الله سبحانه بلطفه " .


* * *

" إن في سلوك هذه الأمة تلازما وثيقا بين العقائد والعبادات ،
وبين سلوك الإنسان وأخلاقه ، في البيت والعمل والسوق والمدرسة :
{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } الأنعام / 162 " .


* * *

" إن يونس لما كانت ذخيرته خيرا نجا بها :
{ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } الصافات /143 ، 144،
وفرعون لما لم تكن ذخيرته خيرا ، لم يجد عند الشدة مخلصا بل قيل له :
{ آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ }
فاجعل لك ذخائر خير من تقوى، تجد تأثيرها ".


* * *

عندما أمر الله رسوله - في سورة الكهف -
أن لا يقول لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا بعد أن يقول : إن شاء الله ،
بين له القدوة في فعل أخيه موسى حين قال : { سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِراً } .


* * *

تقول عائشة برجت هوني - امرأة إنجليزية - وهي تصف قصة إسلامها :
" لن أستطيع - مهما حاولت - أن أصف الأثر الطيب الذي تركه القرآن في قلبي ،
فلم أكد أنتهي من قراءة السورة الثالثة من القرآن ،
حتى وجدتني ساجدة لخالق هذا الكون ، فكانت هذه أول صلاة لي في الإسلام ؟ " .

* * *

قال تعالى عن أهل الفردوس : { خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً } الكهف/108
فإن قيل: قد علم أن الجنة كثيرة الخير ، فما وجه مدحها بأنهم لا يبغون عنها حولا ؟
فالجواب: أن الإنسان قد يجد في الدار الأنيقة معنى لا يوافقه ،
فيحب أن ينتقل إلى دار أخرى ، وقد يمل ، والجنة على خلاف ذلك .


* * *
فخورة بديني
فخورة بديني
أنفع الدعاء وأعظمه وأحكمه دعاء الفاتحة : { اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ... }
فإنه إذا هداه هذا الصراط أعانه على طاعته ، وترك معصيته ،
فلم يصبه شيء لا في الدنيا ولا في الآخرة .


* * *

{ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا } الأحقاف/24
من حكمة الله تعالى أن الريح لم تأتهم هكذا ، وإنما جاءتهم وهم يؤملون الغيث والرحمة ؛
فكان وقعها أشد ، ومجيء العذاب في حال يتأمل فيها الإنسان كشف الضر يكون أعظم وأعظم .


* * *

حكي أن بعض العلماء كان يصنع كثيرا من المعروف ،
ثم يحلف أنه ما فعل مع أحد خيرا ، فقيل له في ذلك ،
فيقول : إنما فعلت مع نفسي ! ويتلو : { وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ } البقرة /272.


* * *

{ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ } فوصفه بكونه شانئا ،
كأنه تعالى يقول : هذا الذي يبغضك لا يقدر على شيء آخر سوى أنه يبغضك ،
والمبغض إذا عجز عن الإيذاء ، فحينئذ يحترق قلبه غيظا وحسدا ،
فتصير تلك العداوة من أعظم أسباب حصول المحنة لذلك العدو .


* * *

تأمَّل هذا السر العظيم من أسرار التنزيل ، وإعجاز القرآن الكريم ،
ذلك أن الله تعالى لما ذكر في فاتحة سورة النور شناعة جريمة الزنى ،
وتحريمها تحريما غائبا ، ذكر سبحانه من فاتحتها إلى تمام 33 آية :
أربع عشرة وسيلة وقائية ، تحجب هذه الفاحشة ،
وتقاوم وقوعها في مجتمع الطهر والعفاف جماعة المسلمين ،
وهذه الوسائل الواقية : فعلية، وقولية، وإرادية .

فحاول أن تستخرجها .

* * *

يقول أحد المشاركين :
عندما حرمت من الذرية 6 سنوات وطرقت أبواب المستشفيات ولم أجد فائدة ،
تذكرت قول زكريا : { رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ } الأنبياء /89
فأصبحت أرددها دائما ، مع الدعاء ، والاستغفار ،
والرقية حتى رزقني الله بطفلين ، ولله الحمد .

* * *

إذا تأملت سورة القمر وجدت خطابها خاصا ببني آدم ،
بل بمشركي العرب منهم فقط ، فأتبعت سورة القمر بسورة الرحمن ،
تنبيها للثقلين ، وإعذارا إليهم ، وتقريرا على ما أودع سبحانه في العالم من العجائب ،
والبراهين الساطعة ، فتكرر فيها التقرير والتنبيه بقوله تعالى :
{ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }
خطابا للجنسين ، وإعذارا للثقلين ، فبان اتصالها بسورة القمر أشد البيان .


* * *

" تأمل دقة يوسف لما قال: { مَعَاذَ اللّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ } يوسف/79
فلم يقل : من سرق ! لأنه يعلم أن أخاه لم يسرق ، فكان دقيقا في عبارته ،
فلم يتهم أخاه ، كما لم يثر الشكوك حول دعوى السرقة ،
فما أحوجنا إلى الدقة في كلماتنا ، مع تحقق الوصول إلى مرادنا " .


* * *

" ونصيحتي لجميع المسلمين - رجالا ونساء ،
جنا وإنسا ، عربا وعجما ، علماء ومتعلمين -
أن يعتنوا بالقرآن الكريم ، وأن يكثروا من تلاوته بالتدبر والتعقل ، بالليل والنهار ،
ولاسيما في الأوقات المناسبة التي فيها القلوب حاضرة للتدبر والتعقل ،
والذي لا يحفظه يقرأه من المصحف ، والذي لا يحفظ إلا البعض ،
يقرأ ما يتيسر منه ؛ قال تعالى : { فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ } " .


* * *

{ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى } العلق/14 آية تهز الوجدان ،
وتفعل في النفس ما لا تفعله سلطات الدنيا كلها ، إنها تضبط النوازع ،
وتكبح الجماح ، وتدعو إلى إحسان العمل ، وكمال المراقبة ،
فما أجمل أن يستحضر كل أحد هذه الآية إذا امتدت عينه إلى خيانة ،
أو يده إلى حرام ، أو سارت قدمه إلى سوء ،
وما أروع أن تكون هذه الآية نصب أعيننا إذا أردنا القيام بما أنيط بنا من عمل .


* * *

يا هذا! اعبد الله لما أراده منك , لا لمرادك منه ،
فمن عبده لمراد نفسه منه فهو ممن يعبد الله على حرف
{ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ } الحج /11
ومتى قويت المعرفة والمحبة لم يرد صاحبها إلا ما يريده مولاه .


* * *

ابتدئ بالتلاوة في قوله تعالى: { يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ } الجمعة/2
لأن أول تبليغ الدعوة بإبلاغ الوحي ، وثنى بالتزكية ؛
لأن ابتداء الدعوة بالتطهير من الرجس المعنوي وهو الشرك ،
وما يعْلق به من مساوئ الأعمال والطباع .


* * *

قد يستغرب البعض بل قد ييأس ، وهو يرى بعض الكفرة يبغون ويظلمون ،
ومع ذلك لم يأخذهم الله بعذاب ، ولكن من فقه سنن الله ،
وآثارها في الأمم السابقة لا يستغرب ولا ييأس ؛
لأنه يدرك أن هؤلاء الكفرة يعيشون سنة الإملاء والاستدراج التي تقودهم إلى مزيد من الظلم والطغيان ،
وبالتالي إلى نهايتهم وهلاكهم ؛ لكن في الأجل الذي حدده الله ،
قال تعالى: { وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً } الكهف/59" .


* * *


{ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ * أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً } الواقعة /63- 65
أي: بعد أن يخرج وتتعلق به النفوس يجعله الله حطاما ،
ولم يأت التعبير بـ(لو نشاء لم ننبته) لأن كونه ينبت وتتعلق به النفس ،
ثم يكون حطاما أشد وقعا على النفس من كونه لا ينبت أصلا .


* * *

في قول يوسف لإخوته : { فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي } يوسف/60
فيه مشروعية المقاطعة الاقتصادية ؛ لتحصيل غرض مشروع ،
طالما أن المصلحة الشرعية اقتضتها ،
فيوسف بين لإخوته أنه ليس بينهم أي تعاون اقتصادي ما لم ينفذوا مطلبه .


* * *

أوصى سفيان الثوري رجلا فقال :
إياك أن تزداد بحلمه عنك جرأة على المعصية ،
فإن الله لم يرض لأنبيائه المعصية والحرام والظلم ،
فقال
{ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً } المؤمنون/51
ثم قال للمؤمنين
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ } البقرة /267
ثم أجملها فقال
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } البقرة / 168 .

* * *

لما ذكر الله قوامة الرجل على المرأة ،
وحق الزوج في تأديب امرأته الناشز ،
ختم الآية بقوله : { إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً } النساء /34 فذكَّر بعلوه وكبريائه ترهيبا للرجال ؛
لئلا يعتدوا على النساء، ويتعدوا حدود الله التي أمر بها .


* * *

قال قتادة في قوله تعالى : { مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ } إبراهيم/31
فلينظر رجل من يخالل ؟ وعلام يصاحب ؟ فإن كان لله فليداوم ،
وإن كان لغير الله فليعلم أن كل خلة ستصير على أهلها عداوة يوم القيامة إلا خلة المتقين :
{ الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ } الزخرف/67.


* * *

قال الشاعر محمد إقبال - في آخر عمره وهو يحث المسلمين على تدبر القرآن -:
" أقول لكم ما أؤمن به وأدين : إنه ليس بكتاب فحسب ، إنه أكثر من ذلك ،
إذا دخل في القلب تغير الإنسان ، وإذا تغير الإنسان تغير العالم ،
إنه كتاب حي خالد ناطق ، إنه يحتوي على حدود الشعوب ، والأمم، ومصير الإنسانية ".


* * *

إذا منع الله عباده المؤمنين شيئا تتعلق به إرادتهم ،
فتح لهم بابا أنفع لهم منه وأسهل وأولى ،
كقوله تعالى : { مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا } البقرة:106
وقوله: { وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ } النساء/130
وفي هذا المعنى آيات كثيرة .

فحاول - وفقك الله - أن تقيد بعض نظائر هذا المعنى الذي نبه إليه الشيخ رحمه الله .

* * *

{ يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ } يوسف /87
إن سم التشاؤم الذي يحاول المنافقون دسه على المؤمنين ،
له ترياق ودواء جدير بأن يذهبه ، ألا وهو بث اليقين بمعية الله ،
والتوكل عليه ، ولنثق بأن الذي يخرج اللبن من بين الفرث والدم ،
قادر على إخراج النصر من رحم البأساء والضراء .


* * *

كان لحفصة بنت سيرين ابن عظيم البر بها ، فمات ،
فقالت حفصة : لقد رزق الله عليه من الصبر ما شاء أن يرزق ،
غير أني كنت أجد غصة لا تذهب ، قالت فبينا أنا ذات ليلة أقرأ سورة النحل ،
إذ أتيت على هذه الآية :
{ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّمَا عِندَ اللّهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ *
مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }
النحل /95، 96
قالت: فأعدتها ، فأذهب الله ما كنت أجد .


* * *