فخورة بديني
فخورة بديني
هل فهت رسالة الخسوف البارحة ؟
يقول ربك جل جلاله : { وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً }
فهل أدركنا هذه الرسالة المرئية التي يخوف الله بها عباده
– الذين هم أنا وأنت - ؟
بالله تأمل! ما حال الناس لو خوفهم ملك من ملوك الدنيا
– ولله المثل الأعلى - ؟
– ليتنا نعقل هذه الرسالة من ربنا ،
لعلها تحدث في قلوبنا خوفا ووجلا ، وتوبة صادقة .

* * *

{ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } فصلت / 34
سبحان الله ! إنسان بينك وبينه عداوة ، وأساء إليك ،
فيقال لك : ادفع بالتي هي أحسن .
فإذا استجبت لأمر الله ودفعت بالتي هي أحسن ، يأتيك الثواب :

* * *

{ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } ، الذي يقوله من ؟
هو الله عز وجل مقلب القلوب ،
ما من قلب من قلوب بني آدم إلا بين أصبعين من أصابع الرحمن عز وجل يصرفه كيف يشاء .


* * *

قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم :
{ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا } البقرة / 144
دون : تحبها أو تهواها ,
فيه دلالة على أن ميل الرسول إلى الكعبة ميل لقصد الخير لا لهوى النفس ,
وذلك أن الكعبة أجدر بيوت الله بأن يكون قبلة ؛
فهو أول بيت وضع للناس بالتوحيد ،
وفي استقبال بيت المقدس أولا ثم التحول إلى الكعبة
إشارة إلى استقلال هذا الدين عن دين أهل الكتاب .


* * *

" فما أولانا بتدبر كتابه الكريم تدبر من يريد العلم ,
ومن هو مؤمن بهذا الكتاب العظيم , وأنه كلام الله حقا ،
قاصدين معرفة مراد ربهم عز وجل , والعمل بذلك ,
عملا بقوله تعالى :
{ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ } ص / 29 ,
مستشعرين قوله تعالى : { إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } الإسراء /9 ،
وقوله : { قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء } فصلت / 44 " .


* * *

{ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ } البقرة / 286
جاءت العبارة بـ ( لَهَا ) في الحسنات ؛ لأنها مما ينتفع العبد به ،
وجاءت بـ ( عَلَيْهَا ) في السيئات ؛ لأنها مما يضر العبد .


* * *

ومن نظر في آيات القرآن الكريم وجد أن البيوت
مضافة إلى النساء في ثلاث آيات من كتاب الله تعالى ،
مع أن البيوت للأزواج أو لأوليائهن ؛
وإنما حصلت هذه الإضافة - والله أعلم - مراعاة لاستمرار لزوم النساء للبيوت ،
فهي إضافة إسكان ولزوم للمسكن والتصاق به ، لا إضافة تمليك .


* * *

{ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً } الطلاق / 7
لا ينقضي عجبك من مجيء هذه الآية بعد تلك الأحوال الصعبة ،
والمضائق التي يمر بها الزوجان من طلاق ، ونزاع على رضاع ،
وضيق في الرزق ، فهي بشارة جلية ، وطمأنة إلهية ،
فهل بعد هذا يسيطر اليأس أو القنوط على من قدر عليهما الطلاق ؟
إنها آية تسكب الأمل ، وتبعث على الفأل ،
فما على العبد إلا أن يحسن الظن بربه ، ويفعل الأسباب ، ثم ليبشر .


* * *

يستفاد من قوله تعالى :
{ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً } الكهف /80
تهوين المصائب بفقد الأولاد وإن كانوا قطعا من الأكباد ،
ومن سلم للقضاء أسفرت عاقبته عن اليد البيضاء .


* * *

{ بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ } ق / 5
في وصف رأي الكفار فيما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ( مريج )
دلالة على أن رأيهم باطل ليس بصحيح ؛
لأن الجزم الصحيح لا يتغير ولا يتبدل ,
أما هم فكان أمرهم مضطربا , فهم كما قال الله :
{ إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } الذاريات / 8 .


* * *

فهم سياق الآيات وتدبرها مما يعين على فهم المعنى
- إذا اختلف فيه المفسرون - مثال ذلك :
جزم شيخ الإسلام ابن تيمية بأن امرأة العزيز هي التي قالت :
{ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي } يوسف / 53
؛ لأن السياق متصل بكلامها ، وأتبع ذلك بقوله :
" يدل القرآن على ذلك دلالة بينة ، لا يرتاب فيها من تدبر القرآن " .

* * *

من أخطر أسباب طغيان الإنسان :
غناه وإقبال الدنيا عليه مع نسيانه ربه ولقائه .
تأمل قول ربك :
{ إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى * إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى }العلق/ 6- 8 ,
فمتى اجتمعت هذه الأسباب على العبد ،
فقد أحاط به الهلاك من كل جانب إن لم يتداركه ربه برحمته وتوفيقه .


* * *

قال تعالى في أول سورة النور :
{ سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } النور / 1
فهذه السورة فيها حجج التوحيد ، ودلائل الأحكام ،
والكل آيات بينات ، فحجج العقول ترشد إلى مسائل التوحيد ،
ودلائل الأحكام ترشد إلى وجه الحق ، وترفع غمة الجهل ,
وهذا هو شرف السورة ، فيكون شرفا للنبي صلى الله عليه وسلم في الولاية ، شرفا لنا في الهداية .


* * *

عن الحسن في قوله :
{ وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً } الإسراء / 11
قال :
ذلك دعاء الإنسان بالشر على ولده وعلى امرأته ،
يغضب أحدهم فيدعو عليه ، فيسب نفسه ويسب زوجته وماله وولده ،
فإن أعطاه الله ذلك شق عليه !! فيمنعه الله ذلك ،
ثم يدعو بالخير فيعطيه .

* * *

نزل قوله تعالى :
{ وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ }
في تطفيف المكاييل والموازين الحسية ،
ويدخل في هذا الوعيد التطفيف المعنوي ,
كمن يعتذر لنفسه ولا يعتذر لغيره ,
ويمدح طائفة بشيء لا يمدح به الأخرى ,
ولا يذكر للفاضل إلا العيوب والهفوات ،
وهذا القياس تطبيق لقوله
{ اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ } الشورى / 17
فالقرآن توزن به الأمور, ويقاس ما لم يذكر على ما ذكر .


* * *

{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } الذاريات / 56
أي :
إلا لآمرهم بعبادتي فيعبدني من وفقته منهم لعبادتي ,
وأبتليهم وأختبرهم بالتكاليف , ثم أجازيهم على أعمالهم ،
إن خيرا فخير , وإن شرا فشر .
وإنما قلنا إن هذا هو التحقيق في معنى الآية ؛
لأنه تدل عليه آيات محكمات من كتاب الله ،
فقد صرح تعالى في آيات من كتابه أنه خلقهم ليبتليهم أيهم أحسن عملا ،
وأنه خلقهم ليجزيهم بأعمالهم .


* * *

لما جاءت سورة الرحمن بذكر نعم تجل عن الإحاطة بالوصف ,
ويعجز العارف بها عن شكرها , تكرر قوله تعالى :
{ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } في عامة السورة ,
وذلك أنها نعم ظاهرة مشاهدة لكل مخلوق ,
ولا طمع لأحد في نسبتها لغير الله تعالى ,
فتتابع التكرار واشتد الإنكار على من كذب بشيء من ذلك .


* * *

ما فائدة تكرار قوله تعالى عن قوم عاد :
{ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } القمر / 18، 21
في ابتداء القصة وفي آخرها ؟
الجواب : أن الأولى تخبر عن عذابهم في الدنيا ,
والثانية عن عذابهم في الآخرة ؛
وذلك أن الله اختص عادا بذكر عذابين لها في قوله تعالى
{ ِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ } فصلت / 16.
ويصح أن تكون الأولى قبل وقوع العذاب , والثانية بعد وقوعه ؛ توبيخا لهم .


* * *

في قوله تعالى :
{ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ
وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} فاطر/ 32
قدم الظالم لكثرته , ثم المقتصد وهو أقل ممن قبله ,
ثم السابقين وهم أقل , فإن قلت:
لم قدم الظالم ثم المقتصد ثم السابق ؟
قلت: للإيذان بكثرة الفاسقين وغلبتهم ,
وأن المقتصدين قليل بالإضافة إليهم ,
والسابقون أقل من القليل .


* * *

{ فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء
قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا } القصص / 25
وصفها بالحياء في مشيها خصوصا فيه توجيه للمرأة المسلمة ؛
فالمشي عند المرأة يدل على شخصيتها , بل يدل على عفافها من عدمه .
فانتبهي أختي الكريمة للمشي فهو ليس أمرا هامشيا في حياة المرأة
بل هو أمر مهم ذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه .


* * *

{ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ } المائدة /30،
{ فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ } الشعراء / 157
لم يكن بين قوة الدافع لارتكاب الجريمة والانتقام ،
وطغيان الشعور بالزهو والانتصار ،
وبين الندم والخسران والبؤس والكآبة ،
سوى لحظات فعل الجريمة وتنفيذها ،
فيا طول حسرة المتعجلين ! .


* * *

كثير من الناس حينما يستعيذ بالله من الشيطان ،
يستعيذ وفي نفسه نوع رهبة من الشيطان ،
وهذه الحال لا تليق أبدا بصاحب القرآن ،
الذي يستشعر أنه يستعيذ - أي يلوذ ويعتصم ويلتجئ - برب العالمين ،
وأن هذا الشيطان في قبضة الله ،
كيف لا وهو يقرأ قول ربه - الذي خلق هذا العدو –
{ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً } النساء/ 76 ؟ .


* * *

من أجمل صفات المؤمنين :
استعمال الأدب مع الله تعالى حتى في ألفاظهم ؛
فإن الخضر أضاف عيب السفينة إلى نفسه بقوله :
{ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا } الكهف / 79 ,
وأما الخير فأضافه إلى الله بقوله :
{ فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } الكهف/ 82 ,
وقال إبراهيم عليه السلام :
{ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } الشعراء /80
فنسب المرض إليه والشفاء إلى الله ,
وقالت الجن :
{ وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً } الجن /10
، مع أن الكل بقضاء الله وقدره .


* * *

{ وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ } الإنسان / 30
إنما بين الله ذلك في كتابه من أجل أن لا يعتمد الإنسان
على نفسه وعلى مشيئته , بل يعلم أنها مرتبطة بمشيئة الله ،
حتى يلجأ إلى الله في سؤال الهداية لما يحب ويرضى ,
فلا يقول الإنسان أنا حر , أريد ما شئت , وأتصرف كما شئت .
نقول :
الأمر كذلك ؛ لكنك مربوط بإرادة الله عز وجل .


* * *

قال تعالى :
{ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ
وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا
وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ } التوبة / 24
حب الله ورسوله موجود في قلب كل مؤمن ،
لا يمكنه دفع ذلك من قلبه إذا كان مؤمنا ,
وتظهر علامات حبه لله ولرسوله إذا أخذ أحد يسب الرسول ويطعن عليه ،
أو يسب الله ويذكره بما لا يليق به ,
فالمؤمن يغضب لذلك أعظم مما يغضب لو سب أبوه وأمه .


* * *

{ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً } القصص / 34
فيه إشارة إلى أهمية العناية بالجانب البياني والإعلامي في باب دعوة الآخرين ،
مسلمين أو غيرهم ، وأنه لا يكفي مجرد صدق الداعي ،
بل يحسن مع ذلك أن يهتم بكل وسيلة تكون سببا في إبلاغ دعوته ،
والتأثير بها .


* * *

سورة طه تضمنت عددا من المقاصد ، أجلاها ذكر أصول السعادة ،
حيث ذكر في مفتتحها
{ طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى } / 1- 2
ثم ذكرت تفاصيل السعادة في تضاعيفها ،
كتوحيد الله ، والدعوة إلى سبيله ، والإكثار من ذكره ،
ثم أجملت في آخرها :
{ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى *
وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } 123- 124 .


* * *

" ومن تدبر كتاب الله ، وأكثر من تلاوته عرف صفات الرابحين ،
وصفات الخاسرين على التفصيل " .


* * *

أهل الصلاح يظهر عليهم صلاحهم ,
ويحبهم الناس وينجذبون إلى عدلهم وصدقهم ,
فأهل البلد من الكفار والفساق :
الملك , وخباز الملك , وغيرهم ,
لجئوا إلى يوسف عليه السلام :
{ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } يوسف / 36 ,
فحالتك وسيرتك وهيئتك وأفعالك تخبر أنك المحسنين .


* * *

يبين إيمان المؤمن عند الابتلاء ، فهو يبالغ في الدعاء ولا يرى أثرا للإجابة ،
ولا يتغير أمله ورجاؤه ولو قويت أسباب اليأس ؛
لعلمه أن ربه أعلم بمصالحه منه ؛
أما سمعت قصة يعقوب عليه السلام ؟ بقي ثمانين سنة في البلاء ,
ورجاؤه لا يتغير ، فلما ضم بنيامين بعد فقد يوسف لم يتغير أمله , وقال :
{ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً } يوسف / 83
فإياك أن تستطيل زمان البلاء ، وتضجر من كثرة الدعاء ،
فإنك مبتلى بالبلاء ، متعبد بالصبر والدعاء ،
ولا تيأس من روح الله وإن طال البلاء .


* * *

{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ }
البقرة / 179
في القصاص حياة ، والتنكير في ( حياة ) للتعظيم ،
وتلك الحياة العظيمة هي ما فيه من ارتداع الناس عن قتل النفوس ؛
لأن أشد ما تتوقاه نفوس البشر من الحوادث :
الموت , فلو علم القاتل أنه يسلم من الموت لأقدم على القتل مستخفا بالعقوبات ,
ولو ترك الأمر للثأر كما في الجاهلية لأفرطوا في القتل وتسلسل الأمر ،
فكان في مشروعية القصاص حياة عظيمة من الجانبين .


* * *

{ خَلَقَ الْإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ } الرحمن/ 3- 4
الإنسان بالأمس نطفة , واليوم هو في غاية البيان وشدة الخصام ,
يجادل في ربه , وينكر قدرته على البعث ،
فالمنافاة العظيمة التي بين النطفة وبين الإبانة في الخصام ،
- مع أن الله خلقه من نطفة وجعله خصيما مبينا –
آية من آياته جل وعلا ,
دالة على أنه المعبود وحده، وأن البعث من القبور حق .

* * *

{ وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً } الفرقان /73
قال ابن العربي :
قال علماؤنا :
يعني الذين إذا قرءوا القرآن قرأوه بقلوبهم قراءة فهم وتثبت ،
ولم ينثروه نثر الدقل ؛
فإن المرور عليه بغير فهم ولا تثبت صمم وعمى عن معاينة وعيده ووعده .


* * *

كثير من الناس يلجأ إلى النذر عند تأزم أمر ما عنده ،
وقد ثبت في الحديث أنه لا يأتي بخير ،
ومصداق ذلك في القرآن :
{ وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ *
فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ *
فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ
وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ } التوبة / 75 - 77 .


* * *
فخورة بديني
فخورة بديني
من تأملات أسرة تدبر :
لما ختمت سورة الفرقان بذكر جملة من أوصاف عباد الرحمن ،
كان من مقدمة وخاتمة وصفهم " الدعاء " :
{ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ } / 65 ،
{ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } / 74
ثم ختم السورة ببيان حال من ترك الدعاء ،
وأن الرب لا يكترث به ولا يبالي بأي واد هلك:
{ قل ما يعبؤ بكم ربي لولا دعائكم } / 77 .

* * *

عن الحسن أنه قرأ هذه الآية :
{ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ } النحل /90 إلى آخرها
ثم قال :
إن الله عز وجل جمع لكم الخير كله والشر كله في آية واحدة ،
فوالله ما ترك العدل والإحسان من طاعة الله شيئا إلا جمعه ،
ولا ترك الفحشاء والمنكر والبغي من معصية الله شيئا إلا جمعه .

* * *

قوله تعالى :
{ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً } الكهف / 82
فيه فوائد , منها :
أن العبد الصالح يحفظه الله في نفسه وذريته وما يتعلق به ،
ومنها : أن خدمة الصالحين وعمل مصالحهم أفضل من غيرهم ؛
لأنه علل أفعاله بالجدار بقوله : { وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً } .


* * *

في قوله تعالى :
{ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } الإنسان / 3
جمع بين الشاكر والكفور ،
ولم يقل : إما شكورا وإما كفورا ،
مع اجتماعهما في صيغة المبالغة ،
فنفى المبالغة في الشكر , وأثبتها في الكفر ؛
لأن شكر الله تعالى لا يؤدى مهما كثر ، فانتفت عنه المبالغة ،
ولم تنتف عن الكفر المبالغة ،
فإن أقل الكفر مع كثرة النعم على العبد يكون جحودا عظيما لتلك النعم .


* * *

{ الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ } الزخرف / 67
قال الحسن البصري :
استكثروا من الأصدقاء المؤمنين ؛
فإن الرجل منهم يشفع في قريبه وصديقه ،
فإذا رأى الكفار ذلك قالوا :
{ فما لنا من شافعين ولا صديق حميم } الشعراء/ 100 - 101 .

* * *

قدم العبادة على الاستعانة في قوله تعالى :
{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } الفاتحة / 5
لأن العبادة قسم الرب وحقه , والاستعانة مراد العبد ,
ومن الطبيعي أن يقدم العبد ما يستوجب رضا الرب
ويستدعي إجابته قبل أن يطلب منه شيئا ,
وهو هنا التذلل لله والخضوع بين يديه بالعبادة ,
فكان القيام بالعبادة مظنة استجابة طلب الاستعانة .


* * *

{ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ } التوبة / 81
الكثير من الناس ينفر في الحر ،
لكن فرق كبير بين نافر في حر الصيف ليبحث عن نزوة ،
ويقضي شهوة محرمة هنا أو هناك ،
لو دعي إلى خدمة دينه أو نفع أمته لاعتذر بشدة الحر !
وبين نافر في الحر ليبلغ الخير وينفع الأمة !
وسيعلم الفريقان عاقبة نفيرهم يوم قيام الأشهاد .

* * *

قال تعالى ـ في شأن بلقيس ـ
{ وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا } النمل / 44
ففيه دلالة على أن ثوبها كان طويلا ساترا لساقيها ،
وهي من ؟! امرأة كافرة !
في حين أن بعض المسلمات ـ وللأسف الشديد ـ
يتنافسن في خلع جلباب الحشمة والحياء
فيما يرتدينه من ملابس بلا حياء ولا خوف من الله !
أليس من المدمي أن تكون امرأة كافرة أكثر حشمة وتسترا من بعض نساء المسلمين ؟! .

* * *

ورد ذكر القلب في القرآن أكثر من 130 مرة ,
وأضيف إليه أكثر من 36 عملا ووصفا ،
وكل ذلك دال على عظيم محله , وأنه ملك الجوارح ,
ومع ذلك نرى إهمال العباد لقلوبهم فلا يزكونها ,
ولا يتعلمون حق الله فيها , وينشغلون عنها بأعمال الجوارح ,
وهي الأصل .


* * *

{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ } البقرة / 189
قال قتادة :
سألوا نبي الله صلى الله عليه وسلم:
لم جعلت هذه الأهلة ؟ فأنزل الله فيها ما تسمعون ,
فجعلها لصوم المسلمين ولإفطارهم ، ولمناسكهم وحجهم ،
ولعدة نسائهم ومحل دينهم في أشياء ،
والله أعلم بما يصلح خلقه .


* * *

{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ } البقرة / 185,
من فضائل شهر الصيام أن الله تعالى مدحه من بين سائر الشهور ،
بأن اختاره لإنزال القرآن العظيم فيه ، واختصه بذلك ،
ثم مدح هذا القرآن الذي أنزله الله فقال : ( هدى ) لقلوب من آمن به ,
( وبينات ) لمن تدبرها على صحة ما جاء به ,
ومفرقا بين الحق والباطل والحلال والحرام .


* * *

{ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ } الحج / 5
تذكرت هذه الآية ، وأنا أنظر إلى المسلمين ،
كيف تغير دولاب حياتهم من حين دخل رمضان ، لقد انصهروا من جديد !،
فما أسهل صياغة الحياة عبر نظام الإسلام إذا صدقت النوايا ،
وخلي بين الناس وبين الخير ! .

* * *

إذا شعرت بالملل من جراء كثرة أمرك أهل بيتك بالصلاة ،
وإيقاظهم لها - خصوصا صلاة الفجر –
فتذكر قوله تعالى : { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا } طه / 132
ففي ذلك أعظم دافع للصبر والاحتساب ، وطرد الملل ,
وتذكر عاجل الأجر ومآل الصبر بعد ذلك في الآية :
{ لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى } .


* * *

{ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ } الفرقان / 72
كثيرون يحملون معنى هذه الآية على الشهادة بالزور فقط ،
وهذا فهم قاصر ؛ فالمعنى أعم من ذلك وأعظم ، فكل منكر زور ،
فمن علم به ولم ينكره بلا عذر فقد افتقد صفة عظيمة من صفات " عباد الرحمن " ,
وكفى بذلك خسرانا مبينا .


* * *

{ فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا } القصص / 25,
قالت: { إن أبي يدعوك } , ولم تقل: إننا نندعوك ؛
لأن هذا هو اللائق بالمؤمنة العفيفة حينما تتحدث مع الرجال الغرباء .


* * *

{ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ } الأنبياء / 90
ولم يقل : يسارعون إلى الخيرات ؛ لأنهم الآن منهمكون في أعمال خيرة ،
فهمهم المسارعة فيها ، والازدياد منها ،
بخلاف من يسارع إلى شيء ،
فكأنه لم يكن فيه أصلا ، فهو يسرع إليه ليكون فيه .


* * *

إن موسى عليه السلام سأل أجل الأشياء فقال :
{ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ } الأعراف / 143 ،
وسأل أقل الأشياء فقال :
{ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } القصص / 24 ؛
فنحن أيضا نسأل الله أجل الأشياء وهي خيرات الآخرة ،
وأقلها وهو خيرات الدنيا فنقول :
{ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً } البقرة / 201.


* * *

وصف سبحانه رمضان فقال :
{ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ } البقرة /184
كناية عن قلة أيامه ويسرها ،
فالمغبون من فرط في تلك الأيام دون جد أو تحصيل ،
وسيدرك غبنه حين يقول :
{ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ } الزمر/ 56
و { ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ } التغابن / 9 ! .


* * *

رمضان بإطلالته المباركة فرصة ومنحة ،
لأن يطهر المسلم نفسه بالنهار ليعدها لتلقي هدايات القرآن في قيام الليل :
{ ِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً } المزمل / 6
وناشئة الليل : ساعاته ، فهي أجمع للقلب على التلاوة ،
فكأن الصيام في النهار تخلية ، والقيام بالقرآن في الليل تحلية .


* * *

{ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا } النحل / 18
إذا جلست على مائدة طعامك ،
فحاول أن تحسب أنت وأهلك عدد أنواع المطاعم والمشارب التي عليها ،
كل هذه النعم اجتمعت لك في لحظة واحدة !
وفوقها نعمة العافية والأمن ،
وفوقها جميعا نعمة الإيمان ،
فاللهم أعنا على ذكرك وشكرك .

* * *

{ أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ } يوسف / 12
لم ينكر والدهم ذلك بل أرسله معهم ،
مما يدل على مشروعية اللعب البريء ، وحاجة الأبناء إليه ،
وهو يرسم منهج الوسطية بين الذين اتخذوا حياتهم لهوا ولعبا ،
واشتروا لهو الحديث ليضلوا عن سبيل الله ،
وبين الذين تشددوا وغلو ا ، وحرموا زينة الله التي أخرج لعباده ،
فلا يجوز تحريم اللعب بإطلاق , أو تحليله دون ضابط .


* * *

منع الله كل ما يوصل إلى الزنا ويكون ذريعة له ؛
فمنع المرأة أن تخرج وأن تتبرج , إلا لحاجة ،
فقال :
{ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } الأحزاب / 33
فأفضل مكان للمرأة أن تبقى في بيتها ولا تخرج
إلا إذا دعت الحاجة أو الضرورة إلى ذلك ،
فهناك تخرج كما أمرها الرسول – عليه الصلاة والسلام –
غير متطيبة ولا متبرجة .

* * *

قال تعالى :
{ الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى * ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى } الأعلى / 12-13
كلما أصاب مسلم لفح الحر تذكر النار التي لا أكبر منها ،
فإن شدة الحر من فيح جهنم ،
وكذلك فإنه لا يفر من حر بلاده إلى مصايف
يعصي الله تعالى فيها ويفتن أهله وولده ،
فيكون كالمستجير من رمضاء الدنيا بنار الآخرة ،
بل كلما ذكرته نفسه الحر ذكرها بقوله تعالى :
{ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ } التوبة/ 81 .

* * *

في قوله تعالى :
{ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ } ق / 1
قسم بالقرآن ، والقسم به دلالة على التنويه بشأنه ؛
لأن القسم لا يكون إلا بعظيم عند المقسم ,
فكان التعظيم من لوازم القسم .


* * *

{ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ } الكوثر/ 3
من شنآن النبي شنآن دينه ،
وعلق ابن تيمية على هذه الآية فقال :
الحذر الحذر أيها الرجل ، من أن تكره شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ،
أو ترده لأجل هواك ، أو انتصارا لمذهبك ، أو لشيخك ، أو لأجل اشتغالك بالشهوات ، أو بالدنيا ،
فإن الله لم يوجب على أحد طاعة أحد إلا طاعة رسوله .

* * *

تأمل كم في آية الصيام من ترغيب في الصوم ،
بدأها بالنداء المحبب
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ } ،
وبين أنه فريضة لا مندوحة في تركه
{ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ } ،
وأنه ليس خاصا بنا بل هو للأمم كلها
{ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ }
وبين ثمرته
{ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }
وقلله
{ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ } .


* * *

انظر :
لما شرع الله الصوم بغير بدل – مع ما فيه من المشقة المعروفة -
قال بعدها :
{ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ} البقرة / 185
فاليسر هو ما جاء عن الله تعالى ،
لا أن يكون التيسير شماعة تغير بها شرائع الصوم والحج والأعياد .

* * *

{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } البقرة / 185
نزول القرآن في هذا الشهر سابق على فرض الصيام فيه ،
فهو شهر قرآن قبل أن يكون شهر صيام ،
فاجتمعت ميزتان ،
وقد فقه السلف هذا ،
فصاموه ، وعمروا ليله ونهاره بالقرآن تلاوة وتدبرا ،
تحقيقا للاسم والمسمى ، وتركوا ما سواه .


* * *

إذا تأملت قول ابن الجوزي :
" أعظم المعاقبة أن لا يحس المعاقب بالعقوبة ,
وأشد من ذلك أن يقع في السرور بما هو عقوبة ؛
كالفرح بالمال الحرام ، والتمكن من الذنوب ، ومن هذه حاله لا يفوز بطاعة " ,
وجدت شاهده في قوله تعالى :
{ أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ
وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } الأعراف / 100 .


* * *

سؤال الموءودة في قوله :
{ وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ } التكوير / 8
لا يعارض الآيات النافية السؤال عن الذنب ؛
لأنها سئلت عن أي ذنب كان قتلها ؟ وهذا ليس من ذبها ،
والمراد بسؤالها هنا توبيخ قاتلها وتقريعه ؛
لأنها تقول : لا ذنب لي . فيرجع اللوم على من قتلها ظلما .

* * *

{ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } القلم / 4
أي: دين وهدي عظيم ؛
وذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان خلقه القرآن تلاوة وتدبرا ,
وعملا بأوامره , وتركا لنواهيه , وترغيبا في طاعة الله ورسوله ,
ودعوة إلى الخير , ونصيحة لله ولعباده , إلى غير ذلك من وجوه الخير .


* * *

عن سفيان بن عيينة قال :
من أعطي القرآن فمد عينيه إلى شيء من الدنيا ، فقد صغر القرآن !
ألم تسمع قوله تعالى :
{ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ *
لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ } الحجر / 87- 88 ,
وقوله
{ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا
لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى } طه / 131
يعني : القرآن .


* * *

ما الفرق بين قوله تعالى :
{ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } المجادلة / 4 ,
وقوله بعدها :
{ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ
وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ } المجادلة / 5 ؟
الفرق أن الكافرين على نوعين :
فالكافر غير المحاد لله ورسوله له عذاب أليم ,
أما الكافر المحاد والمعادي لله ورسوله فله مع العذاب الأليم
الكبت والإذلال والقهر والخيبة في الدنيا والآخرة ,
فناسبت كل خاتمة ما ذكر قبلها .


* * *

كثيرا ما يستعجل الإمام أو يغفل المأموم عن تدبر سورة الفاتحة ،
خاصة مع تكررها في مثل التراويح ،
طلبا لتدبر ما بعدها من تلاوة وربما لتدبر قنوت !!
مع أن الفاتحة أولى السور بالتدبر ؛ لأنها أعظم سورة ،
والله تعالى يقول :
{ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ } الحجر / 87
والفاتحة هي السبع المثاني والقرآن العظيم .


* * *

تناقلت بعض وسائل الإعلام خبر موجة الجفاف والمسغبة
التي أصابت المسلمين في بعض جهات أفريقيا
( أثيوبيا والصومال وتشاد ) .
إنها داعية لحق الأخوة بالاهتمام والدعاء ،
وفي جوع الصائم ذكرى بإخوانه ،
وهي فرصة للكرام المقتدين بخير الأنام في شهر الصيام ،
فيكونوا ( أجود بالخير من الريح المرسلة )
ويكونوا كما كان أسلافهم
{ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ } .


* * *

{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ }
الصيام له ارتباط بالقرآن ،
من جهة أنه سبب لارتفاع القلب من الاتصال بالعلائق البشرية ،
إلى التعلق بالله تعالى ،
كما أن الصيام سبب لصفاء الفكر ورقة القلب
التي هي سبب الانتفاع بالقرآن .


* * *

{ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً } مريم / 25
الرطب الجني الغض قريب التناول ،
قال غير واحد من السلف :
ما من شيء خير للنفساء من الرطب ، ولو كان لأطعمه الله مريم وقت نفاسها بعيسى .
.
ومثلها : الصائم المنهك ، فإنه يفطر على رطب ،
فهو أصلح شيء له ، ودلت السنة عليه ، قبل أن يعرفه الطب الحديث .

* * *

{ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ } البقرة / 187
هذا غاية للأكل والشرب والجماع ،
وفيه أنه إذا أكل ونحوه شاكا في طلوع الفجر فلا بأس عليه ،
وفيه دليل على استحباب السحور ، وأنه يستحب تأخيره ؛
أخذا من معنى رخصة الله وتسهيله على العباد .


* * *

وصف الله شهر رمضان بأنه :
{ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ }
لتتأكد العناية به فيه ،
فلنشتغل بالقرآن :
نقرأه وحدنا ومع أهلنا ، ونملأ به وقتنا ،
منتفعين بالتقنية الحديثة من إذاعات وقنوات وعبر ملفات حاسوب وجوال ،
ويتهادى المسلم مع إخوانه المقاطع المؤثرة والتلاوات المرققة ،
ليكون شهر القرآن ! .

* * *

{ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ } آل عمران / 191
فيه الذكر على كل حال ، فيستفاد منه جواز قراءة القرآن للحائض ،
وهو مذهب مالك وقول لأحمد والشافعي وكثير من المحققين ،
وأما حديث :
( لا تقرأ الحائض والجنب شيئا من القرآن ) فمعلول باتفاق أهل الشأن ،
وفي منعها من القرآن وتدبره فوات خير كثير ،
خاصة وأن حيضتها ليست بيدها .


* * *

عن السدي في قوله تعالى :
{ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ } إبراهيم/ 37
قال :
خذ بقلوب الناس إليهم ، فإنه حيث يهوي القلب يذهب الجسد ،
فلذلك ليس من مؤمن إلا وقلبه معلق بحب الكعبة .


* * *

{ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ } فاطر/ 37 ؟
قال ابن الجوزي :
انتصف شهر رمضان ، ذهب نصف البضاعة في التفريط والإضاعة ،
والتسويف يمحق ساعة بعد ساعة ، والشمس والقمر بحسبان ،
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ }
يا واقفا في مقام التحير ، هل أنت على عزم التغير ؟
إلى متى ترضى بالنزول في منزل الهوان ،
و
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } .

* * *

العبادات التي كان نبينا يحرص عليها في رمضان ؛
كلها مذكورة في آيات الصيام في سورة البقرة :
الصدقة
{ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } ،
تلاوة القرآن
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } ،
الدعاء
{ فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } ،
والاعتكاف
{ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } ،
والتكبير للعيد
{ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ } .


* * *

لما رغب الله تعالى في الجنة قال :
{ وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ }
{ سَابِقُوا ... } ،
ولما أباح طلب الدنيا قال :
{ فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا } ،
فلا يصلح أن يكون العكس ؛
فيكون الإسراع والمسابقة للدنيا ،
ومشي الهوينا للآخرة !
والحزم كله في قوله تعالى :
{ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ } !
وهذا الشهر فأين المشمرين ؟ .


* * *

صدر كتاب " ليدبروا آياته " وهو حصاد سنة من هذا الجوال المبارك
للتعرف على أسماء المكتبات التي يباع فيها كتاب "ليدبروا آياته"
الذي جمعت فيه رسائل جوال تدبر للسنة الماضية، يمكن الاتصال بأحد الأرقام التالية:
0505440147
0502033260
014460129
وللتوزيع الخيري:
0504646388
حامدين الله تعالى على قرب نفاد الطبعة الأولى في وقت وجيز جدا .

* * *

( 79 ) تسعة وسبعون آية
تتحدث عن " استماع " الوحي كيف يجب أن يكون ؟
جاء فيها السماع على أنواع ثلاثة :
1 - سماع صوت وهو للأذن .
2 - وسماع فهم وهو للذهن .
3 - وسماع استجابة وهو للقلب والجوارح .
فالأولان وسيلة والأخير هو المنجي فقط ،
ولم أرها مجموعة إلا في الأنفال .
نحن في أيام سماع فلا تحرم " قلبك " سماع القرآن .


* * *

رمضان أعظم ميدان للتنافس ،
وبلوغ الغايات على قدر التضحيات ؛
قال تعالى :
{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } العنكبوت / 69.
ومن رام العلا من غير كد * أضاع العمر في طلب المحال ! .


* * *

الصيام كان في الأمم السابقة
{ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } البقرة / 183،
والاعتكاف والقيام كذلك :
{ وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ
لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ } البقرة / 125،
وفي هذا إلهاب لعزائم هذه الأمة ألا تقصر عمن قبلها في تلك العبادات ،
فإنا الآخرون السابقون .


* * *

{ وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ } البقرة / 125
انظر كيف أمر الله أفضل رجلين في ذلك الزمان – وهما نبيان رسولان -
بإعانة العاكفين، فعلى أهل الإحسان إعانة المعتكفين ،
من القيام بطعامهم وحاجتهم من أمتعة ولباس وغيرها .

* * *

للمعتكف التنقل في أنحاء المسجد ، لعموم :
{ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } البقرة / 187،
وأما الخروج منه فهو أقسام :
1/ لأمر مناف للاعتكاف كالوطء والبيع فإنه يبطل .
2/ لأمر معتاد لا بد منه كالخلاء ، وأكل لا يأتي به أحد ، واغتسال لإزالة رائحة فجائز .
3/ لأمر لا ينافي الاعتكاف ، لكن ليس لازما ، كتشييع جنازة وزيارة قريب ، فلا يفعل ،
وبعضهم يجيز ذلك باشتراطه .


* * *

الفقهاء المصنفون يتبعون كتاب الإعتكاف بكتاب الصيام ،
اقتداء بالقرآن العظيم ، فإنه نبه على ذكر الاعتكاف بعد ذكر الصوم .
وفي ذلك إرشاد وتنبيه على الاعتكاف في الصيام ،
أو في آخر شهر الصيام ، كما ثبتت السنة .


* * *

لما ذكر الله تعالى المنهيات في الصيام والاعتكاف أعقبها بقوله :
{ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا }
و" لا تقربوها " أبلغ من : " لا تفعلوها " ؛
لأن القربان يشمل النهي عن فعل المحرم بنفسه ،
والنهي عن وسائله الموصلة إليه .


* * *

خص الله تعالى ليلة القدر بالتسمية ،
وأفردها بسورة كاملة ،
وذكر فيها خمس فضائل لها ،
ألا يستحق ذلك منا أن نفردها أيضا بعبادتنا
فنتفرغ من أشغالنا وأسواقنا ولهو العيد ؟
هي ليلة ، فاحذر أن تتحسر ، فقريبا { مَطْلَعِ الْفَجْرِ } ! .

* * *

استدل بعضهم على أن ليلة القدر هي ( ليلة 27 )
بأن كلمة { هِيَ } في سورة القدر تعد الكلمة ( رقم 27 ) ،
وهذا خطأ ؛ ولو كان لما خفي على نبي الأمة وأصحابه وسلفه ،
وليس هو بمعهود العرب ، ويخالف أدلة أخرى ، وقد انتقده بعض العلماء كابن حزم رحمه الله .

* * *

قال ابن عباس :
حق على المسلمين إذا نظروا إلى هلال شوال
أن يكبروا الله حتى يفرغوا من عيدهم ؛
لأن الله تعالى ذكره يقول :
{ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ } البقرة / 185.

فليكن التكبير شعارا يملأ المساجد والبيوت والأسواق .

* * *

{ قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } الأعلى / 14، 15
استنبط بعضهم زكاة الفطر والتكبير والصلاة من هذه الآية ،
قال السعدي رحمه الله في هذا :
" إنه وإن كان داخلا في اللفظ وبعض جزئياته ، فليس هو المعنى وحده " .

* * *

من السنة قراءة سورة ( ق ) في صلاة العيد ،
ومناسبة ذلك قوله تعالى فيها :
{ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ } ,
وقوله :
{ كَذَلِكَ الْخُرُوجُ }
وقوله :
{ ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ } ,
فخروج المرء للعيد يوم الزينة ينبغي أن لا ينسيه خروجه إلى عرصات الحساب ،
ولا يكون في ذلك اليوم بطرا فخورا ، ولا يرتكب فسقا ولا فجورا .


* * *

{ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ } الأعراف / 157
تقول عائشة رضي الله عنها :
كان الحبشة يلعبون بحراب لهم ،
فكنت أنظر من بين أذني رسول الله وعاتقه ،
وقال يومئذ :
( لتعلم يهود أن في ديننا فسحة؛ إني أرسلت بحنيفية سمحة ) .


* * *
فخورة بديني
فخورة بديني






{ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ } محمد / 17
مثال تولد الطاعة , كمثل نواة غرستها ,
فصارت شجرة , ثم أثمرت فأكلت ثمارها ,
وغرست نواها , فكلما أثمر منها شيء , جنيت ثمر ه, وغرست نواه .
وكذلك تداعي المعاصي , فليتدبر اللبيب هذا المثال .
فمن ثواب الحسنة الحسنة بعدها ,
ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها .

وخير بشارة بقبول رمضان أن نكون بعده أحسن منا قبله .

* * *

ذكر الله المأمورين بالإحسان إليهم وقال :
{ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ } النساء / 36
وهذا يعم كل مصاحب ، وفسره طائفة بالرفيق في السفر ،
ولم يريدوا إخراج الصاحب الملازم في الحضر ،
وإنما أرادوا أن مجرد صحبة السفر - على قصرها - تكفي ؛
فالصحبة الدائمة في الحضر أولى .

فلنتفقد أحوالنا مع صاحب الدراسة والوظيفة والحلقة ،
وأعظم من ذلك :
صحبة البيت من والدين وزوجة وقربى .

* * *

قوله تعالى :
{ كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ } آل عمران /79
" دلّت الآية على أن العلم والتعليم والدراسة توجب كون الإنسان ربانيا ؛
فمن اشتغل بذلك لا لهذا المقصد ضاع سعيه وخاب عمله " .


* * *

بوب البخاري في كتاب العلم :
" باب الخروج - أي الرحلة والسفر - في طلب العلم "
وأورد قصة موسى عليه السلام لما رحل إلى الخضر، ليطلب العلم منه ،
وكان الخضر بمكان يلتقي فيها بحران :
{ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبا } الكهف / 60
أي زمانا طويلا بحثا عنه .


* * *

أما أثر المعاصي في الحرمان من العلم النافع فمعلوم بالنص والواقع كما قال الله سبحانه :
{ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ } الشورى / 30
ولا ريب أن حرمان العلم النافع من أعظم المصائب .


* * *

نذكر الآباء بأنه يجب عليهم مراعاة أولادهم وأهلهم عند ابتداء الدراسة ،
في تهيئة ما يحتاجون إليه من أدوات مكتبية أو غيرها ؛ لأن ذلك من الإنفاق عليهم :
{ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ }
ثم قال :
{ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ } البقرة / 233
ويعطي كل واحد منهم ما يحتاج إليه ،
سواء كان بقدر ما أعطى الآخر أو أقل أو أكثر ،
فمن دراسته في الثانوي يحتاج من الأدوات المدرسية أكثر مما يحتاجه من هو دونهم .


* * *

الانهيار الكبير في الاقتصاد الربوي الرأسمالي تجلت فيه آية عظمى
{ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ } القلم / 44 ، 45
فالآن أين دعاة الليبرالية الذين زخرفوا للدول والشعوب اللهث
خلف الدولار واقتصاد الغرب الغني ؟
فأراهم الله بأبصارهم حقيقة
{ يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا } البقرة / 276
وتأمل كلمة
{ يَمْحَقُ }
إنه الإعجاز حتى في اللفظ !


* * *

حين ترى غرور الكفار باقتصادهم بالأمس وهلعهم من أزمتهم اليوم تذكر
قوله تعالى :
{ لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ } آل عمران / 196.
قال السعدي :
هذه الآية المقصود منها التسلية عما يحصل للذين كفروا من متاع الدنيا،
وتنعمهم فيها ، وتقلبهم في البلاد بأنواع التجارات والمكاسب واللذات ،
وأنواع العز ، والغلبة في بعض الأوقات ،
فإن هذا كله { مَتَاعٌ قَلِيلٌ } ليس له ثبوت ولا بقاء ،
بل يتمتعون به قليلا ويعذبون عليه طويلا ، هذه أعلى حالة تكون للكافر .

* * *

" استطلاعات الرأي " تعمل في أي مجتمع كعلامات طريق ترشد
وتلفت نظر المسؤولين للصالح العام ..
وفي المقابل يؤدي فقدها إلى انتشار العشوائية في المجتمع ،
والفرق بين الطريقتين يمثله قوله تعالى :
{ أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } الملك / 22 .


* * *

{ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } المائدة /50
هاهم يبحثون عن حلول الأرض لعقوبات السماء !
لقد فشل هؤلاء في بناء نظام يحفظ هذا المال الذي يعبدونه ،
والذي هو منتهى نظرهم ومدار فكرهم ، وتالله !
إنهم لفي بناء النظام الاجتماعي والتربوي والقانوني أفشل ،
وهو درس لمن طلب هدايته من الضالين ،
أو رأى مصلحته في غير شرع الحكيم الخبير ! .

* * *

يشتكي العالم اليوم من أزمات اقتصادية ،
يقول الشيخ ابن عثيمين :
" أفعال الله كلها خير وحكمة ، وتقدير الله لهذه الشرور له حكمة عظيمة ،
وتأمل قوله تعالى :
{ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ
لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } الروم / 41 ،
تجد أن هذا الفساد الذي ظهر في البر والبحر كان لما يرجى به من العاقبة الحميدة ،
وهي الرجوع إلى الله عز وجل " .

* * *

{ الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ } الزخرف / 76
إنها قاعدة مطردة في بيان مصير أي نوع من العلاقات ،
فتخير أيها الطالب ويا أيتها الطالبة كيف تكون النهاية ؟!
فتش في زملاء الفصل ، وفيمن ينشئ العلاقة أثناء الفسح ، ونهاية الدوام ،
واختر اليوم صديقا لا يعاديك يوم القيامة !
وتذكر أن صحبة التقوى ثمارها تمتد إلى عالم الآخرة ،
ألا ما أجمل التقوى حين تزين علاقاتنا ، بل حياتنا كلها .


* * *

{ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ } المائدة / 4
فيه دليل على أن كل آخذ علما عليه ألا يأخذه إلا من أتقن أهله علما ،
وأنحرهم دراية ، وأغوصهم على لطائفه وحقائقه ،
وإن احتاج إلى أن يضرب إليه أكباد الإبل ،
فكم من آخذ من غير متقن قد ضيع أيامه ،
وعض عند لقاء النحارير إبهامه ! .


* * *

{ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنْ الْمُصَدِّقِينَ } الصافات /51 ، 52
كثير من الآباء لا يدركون خطورة القرناء على أبنائهم ،
فلا يتحققون من أفكارهم وتوجهاتهم ، بل قد يكتفون بمظاهر قد تخدعهم ،
أو أسباب قدرية للعلاقة لا تنفعهم ، كالقرابة والزمالة والجوار ،
وينسون أن الحمو الموت !
فتدبر قصة هذا القرين :
{ قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ } / 56
وتحقق من قرناء ابنك قبل فوات الأوان .


* * *

الذي أوصي به أبنائي الطلاب :
تقوى الله في جميع الأحوال , والحرص على العلم ،
والعناية بالمقررات والمذاكرة فيما بينهم , والإصغاء للمدرسين ،
والسؤال عما يشكل في الدرس بأسلوب حسن ،
ومن أهم أسباب التحصيل :
إصلاح النية وحفظ الوقت والعمل بما علم ، وفي بعض الآثار :
( من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم )
وشاهده في كتاب الله :
{ والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم } محمد / 17 .


* * *

{ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ } التوبة / 122
في هذه الآية إرشاد لطيف لفائدة مهمة ،
وهي :
أنه ينبغي للمسلمين أن يعدوا لكل مصلحة من مصالحهم العامة من يقوم بها ،
ويوفر وقته عليها ، ويجتهد فيها ، ولا يلتفت إلى غيرها، لتقوم مصالحهم ،
ولتكون وجهة جميعهم ، ونهاية ما يقصدون قصدا واحدا ،
وهو قيام مصلحة دينهم ودنياهم ، ولو تفرقت الطرق وتعددت المشارب ،
وهذه من الحكمة العامة النافعة في جميع الأمور .


* * *

قول يوسف عليه السلام :
{ وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ
مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي } يوسف / 100،
فيه الحفاظ على مشاعر الآخرين وعدم جرحها ،
فإنه ما قال :
بعدما ظلمني إخوتي ، وبعدما ألقوني في الجب .
بل أضاف ذلك إلى الشيطان، وهذا من مكارم الأخلاق , وتلك أخلاق الأنبياء .


* * *

{ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } فصلت / 34
هذا أثر حسن الخلق مع الذي بينك وبينه عداوة ،
فكيف يكون أثره مع من لم يكن بينك وبينه عداوة ،
بل كيف أثره مع من لك معه إلفة وعشرة كزوج وأخ ؟
فليكن بذل الخلق الحسن بل الأحسن سجية لنا في مختلف أحوالنا .

* * *

لما ذكر الله قوامة الرجل على المرأة ، وحق الزوج في تأديب امرأته الناشز ،
ختم الآية بقوله :
{ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً } النساء / 34 ,
فذكر بعلوه وكبريائه جل جلاله ترهيبا للرجال ؛
لئلا يعتدوا على النساء، ويتعدوا حدود الله التي أمر بها .

* * *

{ اقْرَأْ }
أول كلمة نزلت ، تأمل في دلالتها ،
وحروفها : قراءة، ورقي، ورقية ،
فالقراءة: بوابة العلم . وهو رقي ورفعة :
{ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } المجادلة / 11,
ويوم القيامة يقال: " اقرأ وارق ".
وهو أيضا : رقية وشفاء . فما أعجب هذا القران !
أربعة أحرف حوت سعادة الدارين .


* * *

في قوله تعالى :
{ عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً } الكهف / 94
دليل على اتخاذ السجون ، وحبس أهل الفساد فيها ،
ومنعهم من التصرف لما يريدونه ، ولا يتركون على ما هم عليه ،
بل يحبسون حتى يعلم انكفاف شرهم ، ثم يطلقون .


* * *

{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ }
ذكر ابن تيمية أن في هذه الآية قولين :
1- أنها خاشعة عاملة ناصبة في الدنيا ، وتصلى ناراً حامية في الآخرة .
2- أن خشوعها وعملها ونصبها كله في الآخرة ،
ثم رجح القول الثاني بسبعة أوجه ، منها السياق ،
ومشابهتها لآيات أخرى وغير ذلك ،
فارجع لها في مجموع الفتاوى 16/ 217.

* * *

من أعظم موانع الخشوع :
كثرة اللغو , والحديث الذي لا منفعة فيه ؛
ولذلك ذكر من صفات المؤمنين إعراضهم عن اللغو بعدما ذكر خشوعهم ,
فقال : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ } المؤمنون / 1-3 .


* * *

قال تعالى :
{ لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ } المنافقون / 9
ولم يقل: لا تشغلكم . فلماذ ا؟
الجواب :
أن من الشغل ما هو محمود ؛ وهو الشغل في الحق ,
كما في الحديث : ( إن في الصلاة لشغلا ) ,
وكما في قوله تعالى
{ إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ } يس / 55
أما الإلهاء فهو الاشتغال بما لا خير فيه , وهو مذموم على وجه العموم ,
فاختار ما هو أحق بالنهى .


* * *

في قوله تعالى: { وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً } النساء / 28
بيان لضعف الإنسان الجبلي ،
وفيه إرشاد له بألا يغرر بنفسه فيلقي بها في مواطن الشبهات والشهوات ؛
ثقة بعلمه ودينه ، فمن حام حول الحمى أوشك أن يرتع فيه .

* * *

{ وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } البقرة / 195
إذا بذل المسلمون وسعهم ولم يفرطوا في شيء ,
ثم نقصهم أمر بعد ذلك فالله ناصرهم ومؤيدهم فيما لا قبل لهم بتحصيله ,
ولقد نصرهم الله ببدر وهم أذلة ، لكنهم يومئذ لم يقصروا في شيء ،
فأما أقوام يتلفون أموال المسلمين في شهواتهم ،
ويفوتون الفرص وقت الأمن فلا يستعدون لشيء ,
ثم يطلبون بعد ذلك من الله النصر والظفر , فأولئك قوم مغرورون ،
ولذلك يسلط الله عليهم أعداءهم بتفريطهم .


* * *

{ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً
فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ } التوبة / 36
ها هو أول يوم في الأشهر الحرم يدخل علينا ،
وليس المسلم الحق بالذي تدخل عليه هذه الأشهر - التي عظم الله شأنها-
وهو لا يبالي بما ينتهك فيها من المعاصي ، وتعدي حدود الله ،
فإن الله تعالى قال فيها :
{ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ } ! .


* * *

هل يدرك الذين يسعون لربط أمتهم بغير الأشهر القمرية والتاريخ الهجري
أنهم يخالفون سنة ربانية أزلية ، وينتهكون حرمات الله بإضاعة الأشهر الحرم ،
أو خفاء توقيتها بسبب غلبة التاريخ بالميلادي ، فيرتكبون فيها ما حرم الله ؟
قف ! وتدبر
{ يسألونك عن الأهلة ، هل هي مواقيت للناس والحج } البقرة / 189 ،
مع
{ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً
فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ } التوبة / 36
تدرك أبعاد جريمة أولئك ، مع ما في ذلك من تشبه وتبعية وخضوع ! .


* * *

{ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ } إبراهيم / 44 !
قبل سنوات قليلة كتب فوكوياما - من أشهر مفكري أمريك ا- كتابه ( نهاية التاريخ ) ،
محتفلا باندحار الشيوعية أمام الحضارة الغربية ،
فالعالم – بوهمه - أغلق باب التاريخ ولم يعد له سوى قوى الغرب ،
وعلى رأسها أمريكا بقيمها الليبرالية !
فأسخن الله عينه عاجلا بانهيار إلهه الذي ظل عليه عاكفا ،
فها هي الليبرالية تتفكك أخلاقيا بكوبا وأبو غريب ،
وبالتجسس حتى على الشعب الأمريكي نفسه ،
واقتصاديا بالكارثة المالية التي خرقوا لها حرية السوق وتأميم الشركات .

* * *

قال النبي – صلى الله عليه وسلم - :
( إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج ) ؛
ثم تلا :
{ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ
حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ *
فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } الأنعام / 44 ، 45 .

قال قتادة :
بغت القوم أمر الله ، وما أخذ الله قوما قط إلا عند سلوتهم ونعمتهم وغرتهم ..
فلا تغتروا بالله .

* * *

{ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ } النور / 19 .
ومحبة إشاعة الفاحشة تنتظم جميع الوسائل القبيحة إلى هذه الفاحشة ،
سواء كانت بالقول ، أم بالفعل ، أم بالإقرار ، أو ترويج أسبابها ، وهكذا ،
وهذا الوعيد الشديد ينطبق على دعاة تحرير المرأة في بلاد الإسلام من الحجاب ،
والتخلص من الأوامر الشرعية الضابطة لها في عفتها ، وحشمتها وحيائها .


* * *

{ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ } الشورى / 49
في العطية من الله قدمت الأنثى ,
وحق لها – والله - أن تفتخر بهذا التكريم من الله عز وجل ,
فالرزق بالبنات خير كبير يشكر عليه الله عز وجل ؛
لأن الله سمى ذلك هبة ،
ويكفي هذا في الرد على أولئك الجاهليين الذين ينزعجون إذا بشر أحدهم بالأثنى .


* * *

{ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } البقرة / 3
اهتم القرآن الكريم بمدح المنفقين والحث على الإنفاق ,
إذ كان من أعظم الوسائل إلى رقي الأمم وسلامتها من كوارث شتى ،
كالفقر ، والجهل ، والأمراض المتفشية ,
فببذل المال تسد حاجات الفقراء , وتشاد معاهد التعليم ,
وتقام وسائل حفظ الصحة إلى ما يشاكل هذا من جلائل الأعمال .


* * *

في قوله تعالى :
{ خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ } الواقعة / 3
تعظيم لشأن يوم القيامة ، وترغيب وترهيب ؛
ليخاف الناس في الدنيا من أسباب الخفض في الآخرة ,
ويرغبوا في أسباب الرفع فيها ، فيطيعوا الله ؛
فيا مغترا برفعته في الدنيا احذر الخفض الذي لا رفع بعده .

* * *

قال تعالى :
{ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ
قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } الأحقاف / 29 ,
وقال
{ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً } الجن / 1 ,
حين تقرأ كلام أولئك الجن عن القرآن يتملكك العجب !
أفي جلسة واحدة صنع بهم القرآن كل هذا ؟
مع أنهم يقينا لم يسمعوا إلا شيئا يسيرا من القرآن !
إنك - لو تأملت - لانكشف لك سر هذا:
إنه استماعهم الواعي وتدبرهم لما سمعوه ،
وشعورهم أنهم معنيون بتلك الآيات ،
فهل قال أحد منا :
إنا سمعنا قرآنا عجبا ؟ .


* * *

{ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ } الواقعة / 77
وصف القرآن بأنه كريم ، لأن الكلام إذا قرئ وتردد كثيرا يهون في الأعين والآذان ؛
ولهذا من قال شيئا في مجلس الملوك لا يكرره ثانيا ,
وأما القرآن فلا يهون بكثرة التلاوة ,
بل يبقى أبد الدهر كالكلام الغض والحديث الطري .

وفي مثل هذا قال بعض الشعراء :
آياته كلما طال المدى جدد """"""""" يزينهن جلال العتق والقدم .

* * *

{ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ *
لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } التوبة / 65 ، 66 .
قال ابن تيمية رحمه الله :
" وهذا نص في أن الاستهزاء بالله وآياته وبرسوله كفر ،
فالسب المقصود بطريق الأولى " .

* * *

{ كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى } العلق / 6، 7
ومن الطغيان طغيان العلم ،
فالمرء قد يزداد عنده العلم حتى تكسبه تلك الزيادة طغيانا فيتعدى على غيره ،
ولا يسلك مع الناس سبيل الشرع في العدل في اللفظ ؛
لأن من أراد أن يقيم الأقوال فهو قاض ،
والقاضي يجب عليه أن يحكم بالعدل لا أن يحكم بالهوى .


* * *

تأمل قوله تعالى :
{ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ }
كيف جعل الخلق والتعليم ناشئا عن صفة الرحمة متعلقا باسم الرحمن ،
وجعل معاني السورة مرتبطة بهذا الاسم ،
وختمها بقوله :
{ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ }
فالاسم الذي تبارك هو الاسم الذي افتتح به السورة
إذ مجيء البركة كلها منه وضعت البركة في كل مبارك ،
فكل ما ذكر عليه بورك فيه ، وكل ما أخلى منه نزعت منه البركة .


* * *

تأمل أخي وصف من حذرنا الله من التشبه بهم في قوله :
{ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـذَا الأدْنَى }
أي : عرض الحياة الدنيا
{ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ ... } الأعراف / 169
ثم تأمل ختم الآية بقوله :
{ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }
فهل نعقل ما حذرنا الله منه وما أوصانا به ؟ .


* * *

لا فرق بين عبادة القبر ومن فيه ، وعبادة الصنم ،
وتأمل قول الله تعالى عن نبيه يوسف بن يعقوب حيت قال :
{ وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ } يوسف / 38،
فقوله { مِن شَيْءٍ }
نكرة في سياق النفي تعم كل شرك .


* * *

{ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } الشعراء / 88-89
لا يكون القلب سليما إذا كان حقودا حسودا ، معجبا متكبرا ،
وقد شرط النبي صلى الله عليه وسلم في الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه ,
والله الموفق برحمته .

فالآن: ليعلنها المسلم طهارة لقلبه من كل دغل يخدش سلامة قلبه على أخيه .

* * *

قال ابن تيمية رحمه الله : تأملت أنفع الدعاء ,
فإذا هو سؤال العون على مرضاته تعالى ,
ثم رأيته في الفاتحة :
{ ِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } / 5 .
ويشهد لقول ابن تيمية :
الدعاء الذي أوصى نبينا معاذا أن يقوله دبر كل صلاة :
( اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) ،
فليتدبر المؤمن هذه الآية العظيمة وذلك الدعاء .

* * *

سورة الطلاق - على قصرها - تكرر فيها ذكر التقوى وثمراتها
والتخويف من الله مراراً كثيرة ،
لأن أحكام الطلاق وضبط العدة من أحق الأشياء بالمراعاة وتأكيد الوصية ؛
لكثرة ما فيها من الانتصار للنفس , وقصد الإضرار , وتعدي حدود الله تعالى .

فعلى الزوجين وأهليهما أن يراقبوا الله حال الطلاق وكل حال ،
لئلا يتعدوا حقه وحق عباده .

* * *

{ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ } المنافقون / 4
يتعجب المرء لأول وهلة من هذا الوصف ! فكأنه لا عدو سواهم !
مع أنهم يصلون ويصومون ويحجون وقد يتصدقون ،
ويزول التعجب إذا عرفت حقيقتهم ،
فقلوبهم انطوت على حقد وبغض لهذا الدين وأهله ، وحب لأعدائه ،
يدرك ذلك بكرههم للجهاد ولمزهم للعلماء والمصلحين ،
مع إعجاب وإشادة برؤوس الضلال والمنافقين:
{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ } البقرة / 11-12.


* * *

في قوله تعالى :
{ لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً } الكهف / 62
دليل على جواز الإخبار بما يجده الإنسان من الألم والأمراض ،
وأن ذلك لا يقدح في الرضا ، ولا في التسليم للقضاء ,
لكن إذا لم يصدر ذلك عن ضجر ولا سخط .


* * *

{ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ } ص / 29
سئل ابن باز: هل هناك فرق في الأجر بين قراءة القرآن من المصحف
أو عن ظهر قلب ؟
فأجاب :
لا أعلم دليلا يفرق بينهما ، وإنما المشروع التدبر وإحضار القلب ،
فإذا كانت القراءة عن ظهر قلب أخشع لقلبه ,
وأقرب إلى تدبر القرآن فهي أفضل ،
وإن كانت القراءة من المصحف أخشع لقلبه ، وأكمل في تدبره كانت أفضل .
فتأمل - وفقك الله - كيف دار جواب الشيخ على حضور القلب والتدبر ،
فليتنا نتدبر هذا الجواب ، لنتدبر أعظم كتاب .

* * *

" تفقدوا الحلاوة في ثلاث:
في الصلاة ، وفي القرآن ، وفي الذكر ،
فإن وجدتموها فامضوا وأبشروا ، فإن لم تجدوها فاعلموا أن الباب مغلق ! " .

فهلا توبة واستغفار ، ودعاء الغفار: أن يتوب ، ويزيل الران عن القلوب ؟

* * *

خمس خطوات عملية لتدبر القرآن :
1- افتح صفحات القلب مع فتحك أوراق المصحف، هذا ركن التدبر الأكبر .
2- ليكن بين يديك كتاب مختصر في التفسير كالمصباح المنير .
3- كثير من السور لها فضائل وخصائص ومقاصد ،
فمثلا : قبل قراءة سورة الأنعام قف طويلا في معنى الآثار الواردة في فضلها .
4- اقرأ على مكث ، رتل ولا تعجل .
5- بعد القراءة انظر إلى الأثر ، فإن وجدت أثرا في قلبك وإلا فعد رتلها ثانية وثالثة .


* * *

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً } التحريم / 6
جاءت كلمة ( نارا ) منكرة دلالة على عظمها وفظاعتها ،
كونها نارا كاف للخوف منها ؛
لكنها مع ذلك وصفت بوصفين عظيمين :
{ وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } ،
{ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ } ،
ألا ما أشد هذا الوصف وما أفظعه !
حتى قيل أنه أعظم وصف للنار فيما يتعلق بالمؤمنين .


* * *

{ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ } ق / 45
دعاء القنوت لا ينبغي الإطالة فيه ، وجعله موعظة ،
في سجع متكلف ، وترنيم وتطريب ، يستثير به عواطف الناس ،
ويستدعي بكاءهم ، بما لا تجد معشاره أثناء قراءة القرآن ! ،
والقرآن أعظم واعظ .


* * *

{ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } محمد / 24
إن المنادين بعزل القرآن عن نظم الحياة ، قوم أصيبوا بمرض في قلوبهم ،
وتلك وراثة ورثوها من إخوانهم أهل الكفر والضلال والنفاق ،
فلقد ذكر الله عن الكفار أنهم إذا سمعوا القرآن استهزءوا به :
{ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً } لقمان / 7 .


* * *

إذا رأينا للشيطان علينا غلبة وسلطانا ،
فلنتحقق من عبوديتنا لله تعالى ، فإن الله يقول :
{ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً } الإسراء / 65 .


* * *

اعتبر حال أهل الدنيا في قوله تعالى عن أهل الجنة :
{ لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً } الكهف / 108
فتجد الإنسان يتمنى ( شقة ) ...
فإذا ملكها تمنى ( بيتا ) ...
فإذا ملكها تمنى ( قصرا ) ، وهكذا ...
أما أهل الجنة فقد اكتملت لهم السكنى في الجنة ،
فلا يريدون أن يتحولوا عما هم فيه ! .


* * *

{ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى } ! الأعلى / 17
لو كانت الدنيا من ذهب يفنى ، والآخرة من خزف يبقى ،
لكان الواجب أن يؤثر خزف يبقى ، على ذهب يفنى ،
فكيف والآخرة من ذهب يبقى ، والدنيا من خزف يفنى ؟ ! .


* * *

نمد الأيدي في كل يوم لنعاهد الله
{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } ،
وهذا يعني أن تكون حياتنا كلها تمتد بين
{ الْحَمْدُ للّهِ }
وحتى
{ آمِّينَ } ،
لابد للوفاء بالعهد من قلب يطرب أنسا بسماع
{ الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ } ،
ويقف إجلالا مع
{ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } ،
وينكسر راجيا
{ اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ } ،
ويرتعد خوفا من سبيل
{ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ } ،
إنه أعظم عهد في أعظم سورة .
فهل وعت قلوبنا لوازم ذلك العهد ؟ .


* * *

إن المسلم لتأخذ الدهشة بلبه كل مأخذ ،
حين يرى مواقف الكثير من كتاب ربهم ،
أحاط بهم ظلام ، وادلهمت عليهم خطوب ،
ثم هم يتخبطون خبط عشواء، أفلست النظم ،
وتدهورت القوميات ، وهشت العولميات ، فلله العجب !
النور بأيدينا فكيف نلهث خلف ركاب غيرنا ؟ ! .


* * *

{ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ } قريش / 3، 4
الكريم يأسره المعروف ، ويشكر الإحسان ،
ولذا قرن سبحانه الأمر بعبادته ؛ بذكره لنعمه ، لتنقاد لذلك نفوس عباده .


* * *

{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } الحجر / 9
الله عز وجل وفر دواعي الأمة للذب عن الشريعة ، والمناضلة عنها ،
أما القرآن الكريم فقد قيض الله له حفظة ،
بحيث لو زيد فيه حرف واحد لأخرجه آلاف من الأطفال الأصاغر فضلا عن القراء الأكابر ! .


* * *

من أهم وأول وسائل تدبر الآيات :
معرفة معنى الكلمات الغريبة ، فهي مفتاح لفهم المراد ، ولتحقيق ذلك :
1- احرص على القراءة في مصحف وضع معه تفسير لغريب القرآن .
2- لا تتجاوز آية إلا إذا أدركت مفرداتها .


* * *

قال حميد بن هشام :
قلت لأبي سليمان ابن عطية :
يا عم ! ، لم تشدد علينا وقد قال الله :
{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ... } ؟
فقال :
اقرأ بقية الآيات ، فقرأت :
{ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ... }
قال : اقرأ ، فقرأت :
{ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ ... } الآيات الزمر / 53-55
،فمسح رأسي وقال : يا بني ، اتق الله وخفه وارجه .

* * *

تأمل في استسقاء موسى لقومه ، ودعاء إبراهيم لأهل مكة بالأمن والرزق ،
وعلاج عيسى للأكمه والأبرص.. ؛
ألا يدلك هذا أن على الدعاة وطلبة العلم أن يحرصوا على إصلاح دنيا الناس مع حرصهم على دينهم ؟
ففيها معاشهم وقوام عبادتهم ، وهذا داع إلى خلطتهم أيضا .


* * *

أعظم ما ينبغي أن يتحلى به المصلحون - وهو سر تأثيرهم وعظم أجرهم - :
إصلاحهم لأنفسهم أولا ولغيرهم
ثانيا : بالقرآن والصلاة..
تدبر :
{ وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ }
الأعراف / 170] ،
( يمسكون ) قرئت بالتخفيف أي هم أنفسهم يمسكون ،
وبالتشديد أي يمسكون غيرهم .


* * *

{ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً } مريم / 26
أمر الله مريم المرأة الضعيفة النفساء ؛
بهز جذع النخلة التي تثقل الرجال !
والله قادر أن يكرمها برزق – كما في سورة آل عمران - ،
ليعلم الناس أهمية بذل السبب :
ولو شاء أن تجنيه من غير هزة * جنته ولكن كل شيء له سبب ! .


* * *

قال ابن مسعود :
ما في القرآن آية أعظم فرجا من آية في سورة الغرف – أي الزمر - :
{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } / 53 .
يقول أحدهم :
كلما ضاقت بي الدنيا صليت وقرأت هذه الآية فاتسع كل ضيق ،
وانفرج كل مضيق .

* * *

{ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا } الحشر /10
سبحان الله ! أخوة الإيمان تبقى حتى بعد الوفاة ،
فتذكر أموات المسلمين بالخير فتترحم عليهم ،
وترجو لمحسنهم ، وتدعو لمسيئهم أن يشمله الله بعفوه ،
ومن تدبر القرآن وجده يهدي إلى هذه المحبة .


* * *

{ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي } الأعراف / 151 .
قال كعب : رب قائم مشكور له ، ونائم مغفور له ،
وذلك أن الرجلين يتحابان في الله ، فقام أحدهما يصلي ،
فرضي الله صلاته ودعاءه ، فلم يرد من دعائه شيئا ،
فذكر أخاه في دعائه من الليل
فقال : رب ! أخي فلان اغفر له ؛ فغفر الله له وهو نائم .


* * *

عجبت من رجل يرائي بعمله الناس وهم خلق مثله !
ومن رجل بقي له مال و رب العزة يستقرضه !
ورجل رغب في صحبة مخلوق والله يدعوه إلى محبته !
ثم تلا قوله تعالى :
{ وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ } يونس / 25 ! .


* * *

{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ
وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } آل عمران / 21
هذه الآية من أظهر الأدلة على بيان منزلة العلماء – الآمرين بالمعروف –
حيث قرن الله قتلهم بقتل الأنبياء؛ لأن العلماء هم ورثة الأنبياء .


* * *

النظام الرأسمالي السائد في عالم اليوم ،
انهارت بعض أعمدته وبدأت أخرى تهتز ،
وإذا لم يعرفوا الرأسمالية إلا في صورتها عند ( سميث ) :
" دعه يعمل دعه يمر " ،
فإننا نعلم من القرآن أنها نظرية قديمة من أهل مدين إذ قالوا :
{ شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء } هود / 87 ! ،
ونبيهم يدعوهم :
{ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ } / 84 !
وفي ذا عبرة للمسلمين ثقة بتعاليم ربهم .


* * *

{ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ } النمل /20
فيه استحباب تفقد الملك أحوال رعيته .
وأخذ منه بعضهم تفقد الإخوان ، فأنشد :
تفقد الإخوان مستحسن * فمن بداه فنعما بدا
سن سليمان لنا سنة * وكان فيما سنه مقتدى
تفقد الطير على ملكه * فقال: مالي لا أر الهدهدا .


* * *

والهوى - نعوذ بالله منه - هو أول فتنة طرقت العالم ،
وباتباع الهوى ضل إبليس ،
وبه ضل كثير من الأمم عن اتباع رسلهم وأنبيائهم كما في قصص القرآن العظيم ،
ولهذا حكم الله - وهو أعدل الحاكمين - أنه لا أحد أضل ممن اتبع هواه ،
فقال سبحانه :
{ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ } القصص / 50 .


* * *

تأمل كيف يكون الجزاء من جنس العمل في أمرين عظيمين يغفل عنهما أكثر الخلق :
الزيغ والاهتداء .
قال تعالى :
{ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ } محمد / 18
وقال :
{ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } الصف / 5 .


* * *

تحكيم كتاب الله وسنة رسوله أعظم وسائل الإصلاح ، لماذا ؟
لأنها أحكام صادرة من ربنا جل وعلا :
{ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } الملك / 14،
وسواها أحكام ظالمة جائرة ،
مهما أراد أرباب القوانين الوضعية ومهما بذلوا قصارى جهدهم
أن يوجدوا للخليقة أحكاما تعدل بينهم فلن يستطيعوا لذلك سبيلا ،
أحكام متناقضة ، ونظم متباينة ، وليس أعدل من حكم الله .


* * *

{ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ }
اقتران الحسد بالسحر هنا ، يشير إلى وجود علاقة بين كل من السحر والحسد ،
وأقل ما يكون هو التأثير الخفي الذي يكون من الساحر بالسحر ،
ومن الحاسد بالحسد مع الاشتراك في عموم الضرر ،
فكلاهما إيقاع ضرر في خفاء ، وكلاهما منهي عنه .


* * *

على مسلمي اليوم أن يتذكروا أن الاستفزاز قديم ،
وأن العاقبة للمتقين إن هم صبروا وصابروا ورابطوا واتقوا رب العالمين ،
واقرؤوا القرآن الكريم وستجدون فيما أوحي إلى محمد صلى الله عليه وسلم قوله تعالى :
{ وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً *
سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً } الإسراء / 76-77 .


* * *

{ ... وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ } آل عمران /191
وهذا دليل على أن التوسل بأفعال الله تعالى وربوبيته من أسباب إجابة الدعاء ،
فإنه قال بعد ذلك :
{ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ } .


* * *

يا صاحب القرآن :
إذا أخذت في تلاوة أو استماع حزب المفصل ( ق - الناس )
فتنبه فإنه مسك ختامه ، وأفضل أحزابه
قال ابن مسعود فيه : " هو لباب القرآن "
وسماه ابن عباس " لندرة متشابهه
ولا يزهدنك فيه قصر سوره ،
فالمعوذتان أحب إلى الله من سورتي هود ويوسف بالنص الثابت عن رسوله ،
وقد تواتر أن غالب قراءته صلى الله عليه وسلم في الفريضة كانت من المفصل .
فأحضر قلبك وتدبر تجد
{ عَجَباً * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ ) .


* * *

{ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ
وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } الحديد / 16
قال ابن مسعود رضي الله عنه :
ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية إلا أربع سنين !
فكم سنة لنا في الإسلام ، وربما في الاستقامة ؟ ! .

* * *

{ لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ } الحشر / 21
فهذا حال جبال الحجارة الصلبة ، وهذه رقتها وخشيتها وتدكدكها من جلال ربها ،
فيا عجبا من مضغة لحم أقسى من هذه الجبال ! تسمع فلا تلين !
ومن لم يلن لله في هذه الدار قلبه فليستمتع قليلا ،
فإن أمامه الملين الأعظم - النار عياذا بالله منها - !


* * *

{ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } الذاريات /50
كل شيء تخاف منه فإنك تفر عنه ، إلا الله ؛ فإنك تخاف منه فتفر إليه !

أفر إليك منك وأين إلا * إليك يفر منك المستجير .

* * *

{ وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ } إبراهيم / 45
{ رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } المؤمنون / 94
المسلمة - كالمسلم - تجتنب الجلوس في الأمكنة التي تظهر فيها المعصية
من غناء واختلاط وتبرج ، سواء كان ملهى أو مجتمع عيد أو غيره ،
لأنها تحب أن تعتاض عن ذلك بمنتزه
{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ } القمر / 54 ، 55

* * *

{ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *
وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } آل عمران / 104، 105
النهي عن التفرق بعد ذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،
يدل على أن تركه هو سبب للتفرق ، لا أنه هو سبب التفرق !


* * *

في سورة البقرة :
{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً} / 126
وفي سورة إبراهيم : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِناً } / 35
فلم قال في الأولى :
{بلدا آمنا}
وفي الثانية { البلد آمنا } ؟
يمكنك الرجوع إلى السياق ، وإلى تفسير ابن كثير ،
مع تأمل أيهما كان الأول وأيهما كان الثاني ؟

* * *

في سورة البقرة ذكره بالتنكير ( بلدا ) أي اجعل هذه البقعة بلدا آمنا ،
وناسب هذا لأنه قبل بناء الكعبة .
وأما في سورة إبراهيم فذكره بالتعريف ( البلد ) ؛
لأنه كأنه وقع دعاء مرة ثانية بعد بناء البيت واستقرار أهله به ،
وبعد مولد إسحاق الذي ولد بعد إسماعيل بـ(13سنة) ،
ولذا قال آخر الدعاء
{ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ } /39 .


* * *

في قوله تعالى
{ وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ ... الآية } البقرة /125
ذكر التطهير لا يدل على أن البيت نجس ، بل المقصود تطهير التعبد لا إزالة النجاسة ،
كما أن الجنب يؤمر بالتطهر وليس بنجس بمجرد حدوث الجنابة .


* * *

{ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ } الطور / 4
وهذا البيت هو كعبة أهل السماء ،
ولهذا رأى نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -
نبي الله إبراهيم الخليل - عليه السلام - مسندا ظهره إلى البيت المعمور ؛
لأنه باني الكعبة الأرضية والجزاء من جنس العمل .


* * *

{ جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ } المائدة / 97
إنما كانت الكعبة قياما للناس - وهم العرب - لأنها كانت سبب هدايتهم إلى التوحيد ،
واستبقت الحنيفية في مدة جاهليتهم ،
فلما جاء الإسلام كان الحج إليها من أفضل الأعمال ، وبه تكفر الذنوب ،
فكانت الكعبة – بهذا - قياما للناس في أمور أخراهم بمقدار تمسكهم بما جعلت الكعبة له قياما .

* * *

وقد عطف { الشَّهْرَ الْحَرَامَ } على { الْكَعْبَةَ }
باعتبار كون الكعبة أريد بها ما يشمل علائقها وتوابعها ،
فإن الأشهر الحرم ما اكتسبت الحرمة إلا من حيث هي أشهر الحج والعمرة للكعبة .


* * *

المتأمل في آيات الحج يلحظ سمة التيسير في تشريعاته وأحكامه كلها ؛
لكنه تيسير منضبط لا عن هوى وتشهي ، والتيسير لا يعني عدم المشقة والتعب ،
فقد ختم الله أحكام الحج في سورة الحج بقوله :
{ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ } / 78
وسماه النبي - صلى الله عليه وسلم - جهادا ،
وأبان الأجر فيه على قدر النصب والتعب .


* * *

قال ابن العربي - في تفسيره لقوله تعالى :
{ وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ } آل عمران / 97
-: " قال علماؤنا : هذا من أوكد ألفاظ الوجوب عند العرب ؛
فإذا قال العربي : لفلان علي كذا ، فقد وكده وأوجبه ،
وهكذا جاء في الحج ؛ تأكيدا لحقه ، وتعظيما لحرمته ، وتقوية لفرضه " .

* * *

قال الهدهد لسليمان عليه السلام ، وهو يتحدث عن بلقيس :
{ وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ
وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ *
أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ*
اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } النمل / 24 ، 25.
لا يكن الهدهد أغير منك على التوحيد ، ومسكين من كان الهدهد خيرا منه ! .


* * *

{ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ } النور / 2
نهى عن التهاون في إقامة العقوبات عموما والفواحش خصوصا ؛
لأن مبناها على المحبة والشهوة، فيزين الشيطان انعطاف القلوب على أهلها ،
حتى يدخل كثير من الناس في الدياثة وقلة الغيرة ،
وربما ظن أن هذا رحمة ولين جانب ، وإنما ذلك مهانة وضعف إيمان ،
وإعانة على الإثم والعدوان ، وترك للتناهي عن الفحشاء والمنكر .


* * *

في سورة الكهف ذكر الله تعالى قصة صاحب الجنتين :
{ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ } / 32
ثم قال بعدها : { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً } /35
فلماذا قال { جَنَّتَهُ } فأفرد الجنة مع أنهما جنتان ؟
ويمكنك الرجوع لتفسير أضواء البيان للشنقيطي .

* * *

قوله تعالى عن صاحب الجنتين :
{ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ }
أفرد الجنة مع أنهما جنتان ؛ لأن قوله هذا لم يقله إلا حين دخل إحداهما ،
إذ لا يمكن دخوله فيهما معا في وقت واحد .

وللزمخشري جواب آخر لكن استنكره الشنقيطي .

* * *

لما أثنى الله على أصحاب رسوله في خاتمة سورة الفتح
جعل سورة الحجرات في تكميل إيمانهم وتأديبهم ،
فبدأ بالأدب مع الله ثم مع رسوله ثم مع المؤمنين ؛
سواء من حضر منهم ، ومن غاب ، ومن تلبس بفسق .


* * *

الكريم يتغافل عن تقصير أهله وصحبه ، ولا يستقصي حقوقه ،
قال الحسن البصري رحمه الله :
" ما استقصى كريم قط !
قال الله تعالى عن نبينا صلى الله عليه وسلم - لما أخطأت بعض أزواجه -:
{ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ } التحريم / 3! " .

* * *

سئل أبو الحسن البوشنجي عن الفتوة ؟
- أي الرجولة التي يتفاخر بها بعض الناس - ،
فقال :
الفتوة عندي في آية من كتاب الله ،
وخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
فالآية قوله تعالى :
{ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا
وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } الحشر / 9 .
والخبر :
.
فمن اجتمعتا فيه فله الفتوة .

* * *

عشر ذي الحجة من أعظم أيام الأشهر الحرم...
{ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ } التوبة / 36
ومن ظلم النفس :
تضييعها في غير ما يقرب إلى الله ،
قال الحسن البصري :
" أدركت أقواما كانوا على ساعاتهم أشفق منكم على دنانيركم ودراهمكم " .


* * *

{ وَلَيَالٍ عَشْرٍ } :
هي ليال معلومة للسامعين موصوفة بأنها عشر ،
ولم يقل ( الليالي العشر ) لأن في تنوينها تعظيما ،
وليس في ليالي السنة عشر ليال متتابعة عظيمة مثل عشر ذي الحجة
التي هي وقت مناسك الحج ، ففيها غالبا الإحرام ودخول مكة وأعمال الطواف ،
وفي ثامنتها ليلة التروية ، وتاسعتها ليلة عرفة وعاشرتها ليلة النحر ،
فتعين أنها الليالي المرادة بليال عشر .


* * *

تنبه يا مؤمن !
وتأمل قول ربك لعدونا إبليس :
{ وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ } الإسراء / 64
ويدخل في هذا كل داع إلى المعصية ،
{ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ }
ويدخل فيه كل راكب وماش في معصية الله ،
فهو من خيل الشيطان ورجله .


* * *

{{ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا } التوبة /40
ألا ترى كيف قال :
{ لاَ تَحْزَنْ }
ولم يقل لا تخف ؛
لأن حزنه على رسول الله – صلى الله عليه وسلم -
شغله عن خوفه على نفسه .


* * *

إذا قال أحد قولا ولم ينكره من عنده ، فإنه يعزى للجميع ؛ لأنه دليل رضاهم به ،
وهذه قاعدة فيما ذكر الله تعالى عن بني إسرائيل الذين كانوا في العهد النبوي ،
حيث وبخهم الله على أفعال أسلافهم ، كما في قوله تعالى :
{ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً } البقرة / 55
وغيرها من الآيات ، ومعلوم أن اليهود في عصر النبوة ليسوا هم الذين قالوا ذلك .


* * *

{ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى } النازعات /40-41
أتظن أن المسلم وهو يغالب شهواته ،
ويجاهد نفسه على الطهر والعفاف لا يجيش في نفسه الهوى ؟
كلا ؛
بل يتحرك في نفسه من النوازع مثل ما في نفوس الفجار أو أشد
، ولكنه يخاف مقام ربه، فينهى النفس عن الهوى .


* * *

إذا فتح الله لك باب رزق ، فلا تعجبن بذكائك، أو تظن أنك رزقت بحذقك ،
بل تذكر أن ذلك من فضل الله عليك .
تأمل :
{ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ } الجمعة /10
فإنما هو فضل الله ورزقه !
وكم من بليد رزق من حيث لا يحتسب !
وذكي جنى عليه ذكاؤه ! .

* * *

لب الحج هو الذكر ، فمن وفق له فهو الموفق ، واسمع برهان ذلك :
{ فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً } البقرة / 200 ،
{ وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ } / 203 ،
{ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ } الحج / 28 ،
وفي الحديث :

والعج رفع الصوت بالتلبية .


* * *

علقت القلوب على محبة الكعبة البيت الحرام ،
حتى استطاب المحبون في الوصول إليها هجر الأوطان والأحباب ،
ولذَّ لهم فيها السفر الذي هو قطعة من العذاب ،
فركبوا الأخطار وجابوا المفاوز والقفار ،
واحتملوا في الوصول غاية المشاق ، ولو أمكنهم لسعوا إليها ولو على الأحداق :
نعم أسعى إليك على جفوني * وإن بعدت لمسراك الطريق !
وسر هذه المحبة هي إضافة الرب سبحانه له إلى نفسه بقوله :
{ وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ } الحج / 26 .


* * *

تجد القرآن الكريم عندما يقص أخبار الماضين فإنما ينفخ فيها روح الحياة ،
فإذا هي حية تسعى ، نسمع فيها ضجيج العراك بين المحقين والمبطلين !
إن قصص القرآن قطع من الحياة الماضية
استرجعها الوحي الأعلى للتعليم والاعتبار .


* * *

حفظ القرآن وفهمه والعمل به ، جاء في آية واحدة ! البقرة / 129:
" { يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ }
لفظا وحفظا وتحفيظا .
{ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ }
معنى .
{ وَيُزَكِّيهِمْ }
بالتربية على الأعمال الصالحة ، والتبرؤ من الأعمال الرديئة " .


* * *

{ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ } البقرة / 148
إشارة إلى تنوع الناس في أعمالهم وعباداتهم ،
ما بين صلوات وتعليم ودعوة وإغاثة ، وكل ميسر لما خلق له ؛
لكن المهم أن يكون المرء سابقا في المجال الذي يذهب إليه مع مراعاة أنه محاسب ،
وهنا يربينا القرآن لنكون الأوائل دائما .


* * *

{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ } لقمان / 6
أفتى أحد العلماء بحرمة المعازف لدخولها في هذه الآية – كما نص عليه أكابر المفسرين - ،
فقال له أحدهم :
إنما قال { لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ }
وأنا لا أفعلها لذلك ،
فقال له العالم : ألم تسمع بقية الآية :
{ بِغَيْرِ عِلْمٍ }
فأنت تضل ولكن بغير علم ! .

* * *

{ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ } لقمان / 34
كان البخاري ينشد :
" اغتنم في الفراغ فضل ركوع * فعسى أن يكون موتك بغتةْ
كم صحيح رأيت من غير سقم * ذهبت نفسه الصحيحة فلتةْ "
وهكذا كان البخاري رحمه الله ؛ فقد كان من أهل الركوع ،
وكان موته ليلة عيد الفطر بغتة... ! .


* * *
فخورة بديني
فخورة بديني
لب الحج هو الذكر، فمن وفق له فهو الموفق، واسمع برهان ذلك: {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا} ، {واذكروا الله في أيام معدودات}، {ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات} ، وفي الحديث: (أفضل الحج العج والثج) والعج رفع الصوت بالتلبية. ج.تدبر81800



======================================================================

علقت القلوب على محبة الكعبة البيت الحرام، حتى استطاب المحبون في الوصول إليها هجر الأوطان والأحباب، ولذ لهم فيها السفر الذي هو قطعة من العذاب، فركبوا الأخطار وجابوا المفاوز والقفار، واحتملوا في الوصول غاية المشاق، ولو أمكنهم لسعوا إليها ولو على الأحداق:
نعم أسعى إليك على جفوني * وإن بعدت لمسراك الطريق!
وسر هذه المحبة هي إضافة الرب سبحانه له إلى نفسه بقوله: {وطهر بيتي للطائفين} . ج.تدبر81800



======================================================================
عشر ذي الحجة من أعظم أيام الأشهر الحرم.. {فلا تظلموا فيهن أنفسكم} ومن ظلم النفس: تضييعها في غير ما يقرب إلى الله، قال الحسن البصري: "أدركت أقواما كانوا على ساعاتهم أشفق منكم على دنانيركم ودراهمكم". ج.تدبر81800



======================================================================

{وليال عشر}: هي ليال معلومة للسامعين موصوفة بأنها عشر، ولم يقل (الليالي العشر) لأن في تنوينها تعظيما، وليس في ليالي السنة عشر ليال متتابعة عظيمة مثل عشر ذي الحجة التي هي وقت مناسك الحج، ففيها غالبا الإحرام ودخول مكة وأعمال الطواف، وفي ثامنتها ليلة التروية، وتاسعتها ليلة عرفة وعاشرتها ليلة النحر، فتعين أنها الليالي المرادة بليال عشر. ج.تدبر81800



======================================================================

جوامع(3):
وتستمر قوافل العائدين إلى القرآن..
رمضان كان بدايتي الحقيقية مع التدبر، فبعد أن سمعت محاضرة لأحد المشايخ في إذاعة القرآن حول التدبر ركزت عليه، بحيث لا أنتقل من الآية حتى تؤثر في قلبي، فوجدت العجب العجاب، ووجدت حياة لقلبي وتعلقا بالله لم أجدها في حياتي (37 سنة)، مع أنني مع الالتزام وطلب العلم منذ بضع عشرة سنة، فجعلت هذا ديدني في رمضان، فبدل أن كنت أقرأ في الساعة (3 أجزاء) صرت أقرأ الجزء في ساعة أو ساعتين. ج.تدبر81800



======================================================================
قال تعالى: {ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك} ثم قال في آخر الآية: {إنك أنت العزيز الحكيم} قال الشيخ ابن عثيمين: "مناسبة العزة والحكمة لبعث الرسول ظاهرة جداً"؛ فما وجه المناسبة؟
يمكنك تأمل ذلك، والجواب في الرسالة القادمة. ج.تدبر81800



======================================================================
جواب الرسالة السابقة:
مناسبة العزة والحكمة لبعث الرسول ظاهرة جداً؛ لأن ما يجيء به الرسول كله حكمة، وفيه العزة: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} ؛ للمؤمنين عربا وعجما، فمن كان مؤمنا فله العزة؛ ومن لم يكن كذلك فاته من العزة بقدر ما أخل به من الإيمان. ج.تدبر81800



======================================================================

قال ابن العربي - في تفسيره لقوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت} -: "قال علماؤنا: هذا من أوكد ألفاظ الوجوب عند العرب؛ فإذا قال العربي: لفلان علي كذا، فقد وكده وأوجبه، وهكذا جاء في الحج؛ تأكيدا لحقه، وتعظيما لحرمته، وتقوية لفرضه". ج.تدبر81800



======================================================================

المتأمل في آيات الحج يلحظ سمة التيسير في تشريعاته وأحكامه كلها؛ لكنه تيسير منضبط لا عن هوى وتشهي، والتيسير لا يعني عدم المشقة والتعب، فقد ختم الله أحكام الحج في سورة الحج بقوله: {وجاهدوا في الله حق جهاده} وسماه النبي -صلى الله عليه وسلم- جهادا، وأبان الأجر فيه على قدر النصب والتعب. ج.تدبر81800



======================================================================

{ وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى} أتظن أن المسلم وهو يغالب شهواته، ويجاهد نفسه على الطهر والعفاف لا يجيش في نفسه الهوى؟ كلا؛ بل يتحرك في نفسه من النوازع مثل ما في نفوس الفجار أو أشد، ولكنه يخاف مقام ربه، فينهى النفس عن الهوى. ج.تدبر 81800



======================================================================

جوامع(2): وتستمر قوافل العائدين إلى القرآن..
تجربتي هذا العام في رمضان كانت مختلفة عن كل الأعوام السابقة، وذلك بفضل الله ثم بفضل خدمة تدبر، التي جعلتني أقرأ كثيرا من تفسير الآيات،
فمن خلال قراءتي للتفسير شعرت بفرق رائع وأنا أتدبر معاني القرآن، وأصبح كتاب التفسير مقارنا لمصحفي. ج.تدبر81800



======================================================================


إذا فتح الله لك باب رزق، فلا تعجبن بذكائك، أو تظن أنك رزقت بحذقك، بل تذكر أن ذلك من فضل الله عليك.
تأمل:{فإذا قضيتم الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله} فإنما هو فضل الله ورزقه!
وكم من بليد رزق من حيث لا يحتسب!
وذكي جنى عليه ذكاؤه! ج.تدبر 81800



======================================================================

{كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون} .
قال الفضيل بن عياض: والله ما طمعوا في الخروج؛ لأن الأرجل مقيدة والأيدي موثقة، ولكن يرفعهم لهبها, وتردهم مقامعها –نعوذ بالله من النار-. ج.تدبر 81800



======================================================================

وصف الله سبحانه و تعالى شدة الموت في أربع آيات: الأولى: {وجاءت سكرة الموت بالحق} ، الثانية: {ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت} ، الثالثة: {فلولا إذا بلغت الحلقوم} ، الرابعة: {كلا إذا بلغت التراقي} .
فهل من معتبر؟ ج.تدبر 81800



======================================================================

{ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون} .
بعض الآباء؛ يدع قنوات السوء بأيدي أهله وبنيه، كأن الأمر لا يعنيه، وهو يعلم أنها تنوء بالسوء، وربما خادع نفسه بأنه يثق بهم!، لقد لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الربا: الآكل والمؤكل والكاتب، وفي الرشوة: الراشي والمرتشي والرائش، وبئس في تلك القنوات جالبها والناظر إليها! ج.تدبر81800



======================================================================

الزهد المشروع هو ترك كل شيء لا ينفع في الدار الآخرة، وثقة القلب بما عند الله، وفي الأثر: "الزهادة في الدنيا ليست بتحريم الحلال ولا إضاعة المال، ولكن الزهادة في الدنيا أن لا تكون بما في يديك أوثق مما في يدي الله، وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أنت أصبت بها أرغب فيها لو أنها أبقيت لك"؛ لأن الله تعالى يقول: {لكيلا لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم} . ج.تدبر81800



======================================================================

النظام الرأسمالي السائد في عالم اليوم، انهارت بعض أعمدته وبدأت أخرى تهتز، وإذا لم يعرفوا الرأسمالية إلا في صورتها عند (سميث): "دعه يعمل دعه يمر"، فإننا نعلم من القرآن أنها نظرية قديمة من أهل مدين إذ قالوا: {يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء} !، ونبيهم يدعوهم: {إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط}! وفي ذا عبرة للمسلمين ثقة بتعاليم ربهم . ج.تدبر81800



======================================================================

{وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد}
فيه استحباب تفقد الملك أحوال رعيته.
وأخذ منه بعضهم تفقد الإخوان، فأنشد:
تفقد الإخوان مستحسن * فمن بداه فنعما بدا
سن سليمان لنا سنة * وكان فيما سنه مقتدى
تفقد الطير على ملكه * فقال: مالي لا أر الهدهدا ج.تدبر81800



======================================================================

والهوى -نعوذ بالله منه- هو أول فتنة طرقت العالم، وباتباع الهوى ضل إبليس، وبه ضل كثير من الأمم عن اتباع رسلهم وأنبيائهم كما في قصص القرآن العظيم، ولهذا حكم الله -وهو أعدل الحاكمين- أنه لا أحد أضل ممن اتبع هواه، فقال سبحانه:
{ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله} . ج.تدبر81800



======================================================================

تأمل كيف يكون الجزاء من جنس العمل في أمرين عظيمين يغفل عنهما أكثر الخلق: الزيغ والاهتداء. قال تعالى: {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم} وقال: {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين} . ج.تدبر81800



======================================================================


تحكيم كتاب الله وسنة رسوله أعظم وسائل الإصلاح، لماذا؟ لأنها أحكام صادرة من ربنا جل وعلا: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} ، وسواها أحكام ظالمة جائرة، مهما أراد أرباب القوانين الوضعية ومهما بذلوا قصارى جهدهم أن يوجدوا للخليقة أحكاما تعدل بينهم فلن يستطيعوا لذلك سبيلا، أحكام متناقضة، ونظم متباينة، وليس أعدل من حكم الله. ج.تدبر81800



======================================================================

{ومن شر النفاثات في العقد * ومن شر حاسد إذا حسد} اقتران الحسد بالسحر هنا، يشير إلى وجود علاقة بين كل من السحر والحسد، وأقل ما يكون هو التأثير الخفي الذي يكون من الساحر بالسحر، ومن الحاسد بالحسد مع الاشتراك في عموم الضرر، فكلاهما إيقاع ضرر في خفاء، وكلاهما منهي عنه. ج.تدبر81800



======================================================================

على مسلمي اليوم أن يتذكروا أن الاستفزاز قديم، وأن العاقبة للمتقين إن هم صبروا وصابروا ورابطوا واتقوا رب العالمين، واقرؤوا القرآن الكريم وستجدون فيما أوحي إلى محمد صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا * سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا} . ج.تدبر81800



======================================================================

{يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها}... إلى قوله: {وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم} .
قال بعض المهاجرين: لقد طلبت عمري كله هذه الآية فما أدركتها: أن أستأذن على بعض إخواني، فيقول لي: "ارجع"، فأرجع وأنا مغتبط، لقوله: (هو أزكى لكم). ج.تدبر81800



======================================================================
ينبغي للمفتي -إذا أراد أن يصدر حكما قد تستغربه النفوس بسبب إلف ما يخالفه- أن يهيئ قبله ما يكون مؤذنا به؛ فتأمل ذكره سبحانه قصة زكريا وإخراج الولد منه بعد انصرام عصر الشيبة وبلوغه السن الذي لا يولد فيه لمثله في العادة، فذكر قصته مقدمة بين يدي قصة المسيح وولادته من غير أب، فإن النفوس لما أنست بولد بين شيخين كبيرين لا يولد لهما عادة سهل عليها التصديق بولادة ولد من غير أب بأمر الله. ج.تدبر81800



======================================================================


جوامع(1):
وتستمر قوافل العائدين إلى القرآن.. فهذا أحد الأخوة يقول:
(كنت قبل رمضان مدمنا على مشاهدة الأفلام، ومع رمضان تبت الى الله تعالى، وكنت أجد لذة لتوبتي وأنا استمع للقرآن في التراويح والقيام، وبعد رمضان كلما وجدت من نفسي ضعفا ألجأ للقرآن، فأجد لذة أعظم وأطول وأعمق من تلك التي أجدها في الأفلام). ج.تدبر81800



======================================================================

في قصة موسى والخضر جاء وصف رجوع الحوت إلى البحر في سياق إخبار الله (سربا)، وفي وصف الفتى: (عجبا)، لعل ذلك لأن الوصف الأول هو وصف الله سبحانه للأمر، وخروج السمكة حية بعد أن كانت ميتة، ودخولها في البحر: أمر هين ويسير على الخالق، أما بالنسبة لمخلوق كغلام موسى فإنه أمر في غاية العجب لذلك قال: {واتخذ سبيله في البحر عجبا}. ج.تدبر81800



======================================================================

قال سبحانه مخبرا عن قصة موسى مع فتاه: {فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا} وقال سبحانه وتعالى بعد ذلك على لسان الغلام: {فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا} ولعلنا نتساءل لماذا جاءت (سربا) في الوصف الأول وجاءت (عجبا) في الوصف الثاني؟
الجواب في الرسالة التالية. ج.تدبر81800



======================================================================

من ضعيف حجج الملأ وغريبها، قولهم لأقوامهم -تكذيبا للرسل-: {ولئن أطعتم بشرا مثلكم} .
فيقال لهم: فإن اتبعوكم في تحذيركم هذا هل سيخرجون عن أن يتبعوا بشرا مثلهم؟!. ج.تدبر81800



======================================================================

شياطين الإنس في كل عصر إخوان شياطين الجن، فإن الله لما ذكر عداوة الشيطان في سورة الأعراف قال بعدها: {يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما}، وهؤلاء ينزعون لباس بني آدم في القنوات والرياضات، وينزعون الححاب عن المسلمات، في أماكن العمل والطرقات والتنزهات. ج.تدبر81800



======================================================================

العلم النافع إنما هو العلم المقرب إلى الله، الباعث على مراقبة الله، أما ترى سورة العلم (سورة العلق) بدأت بالوسيلة {اقرأ}، وختمت بالغاية {واقترب}، وبينهما جاء الدواء لكل أنوع الجهل {ألم يعلم بأن الله يرى}. ج.تدبر81800



======================================================================

{ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا} أحسن ما قيل فيه: لا يحسدون إخوانهم على فضل ما أعطاهم الله.
تأمل في هذا النموذج التطبيقي في حياة ابن عباس حين قال: "ما نزل غيث بأرض، إلا حمدت الله وسررت بذلك، وليس لي فيها شاة ولا بعير. ولا عرفت آية من كتاب الله، إلا وددت أن الناس يعرفون منها ما أعرف...".
إنه حب الخير للناس، وسلامة الصدر لهم، والنصح كل النصح للخليقة. ج.تدبر81800



======================================================================
{فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض} إذا كان هذا الطمع في أمهات المؤمنين فلا بد أن يكون في غيرهن بطريق الأولى، فإن الله اختار لنبيه أفضل النساء وأعفهن، ومع ذلك أمرهن بالحجاب ونهاهن عن الخضوع بالقول صيانة لهن؛ فغيرهن أولى بالصيانة والتحفظ والبعد عن أسباب العهر والفتنة. ج.تدبر81800



======================================================================

سئل سفيان بن عيينة: أيسلب العبد العلم بالذنب يصيبه؟ قال: ألم تسمع قوله تعالى: {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به}؟ وهو كتاب الله، وهو أعظم العلم، وهو حظهم الأكبر الذي صار لهم واختصوا به وصار حجة عليهم! ج.تدبر81800



======================================================================
قوله تعالى في وصف المنافقين: {في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا} : المريض يجد طعم الطعام على خلاف ما هو عليه، فيرى الحامض حلوا، والحلو مرا. وكذلك هؤلاء المنافقون؛ يرون الحق باطلاً، والباطل حقا. . ج.تدبر81800



======================================================================

في الصحيح: "كل ميسر لما خلق له" فاكتشف مواهبك وقدراتك، ونمها واستعملها في سبيل دينك وأمتك وأسرتك، ولا تتكلف ما لم تعط فتكون كالمنبت: لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى، وتدبر: {قل كل يعمل على شاكلته} ، {ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات} ! ج.تدبر81800



======================================================================
الناس على ثلاث منازل فمضت منزلتان وبقيت واحدة:
1 -{للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا...} هؤلاء المهاجرون، وهذه منزلة قد مضت.
2 -{والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم..} وهؤلاء الأنصار وهذه منزلة قد مضت.
3 -{والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا} فأحسن ما أنتم عليه كائنون، أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. ج.تدبر81800



======================================================================
قال بعضهم: ما افتقر تقي قط، قالوا: لم؟ قال: لأن الله يقول: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب}.
والآية اقتضت أن المتقي يرزق من حيث لا يحتسب، ولم تدل على أن غير المتقي لا يرزق، فالكفار قد يرزقون بأسباب محرمة، وقد لا يرزقون إلا بتكلف، وأهل التقوى يرزقهم الله من حيث لا يحتسبون، ولا يكون رزقهم بأسباب محرمة، والتقي لا يحرم ما يحتاج إليه من الرزق، وإنما يحمى من فضول الدنيا، رحمة به. . ج.تدبر81800



======================================================================
{إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب} في إيجاد السموات والأرض آيات، وفي اختلاف الليل والنهار: طولا وقصرا، وحرارة وبرودة، وخوفا وأمنا، وشدة ورخاء، وعزا وذلا، وملكا وخلعا، وغير ذلك من أنواع الاختلاف، كل ذلك فيه آيات تدل على عظمة الرب عز وجل، وأن له الملك المطلق والتدبير المطلق. ج.تدبر 81800



======================================================================

لما ذكر الله تعالى آيات الحجاب في سورة الأحزاب في قوله تعالى: {يدنين عليهن من جلابيبهن} أعقبها بقوله: {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون..} وهكذا تجد آيات الحجاب مصاحبة لآيات التحذير من المنافقين ومرضى القلوب، وقد تعدد هذا في سورة الأحزاب، وسورة النور، والواقع شاهد بذلك. ج.تدبر81800



======================================================================
طريقة جديدة للإفادة من رسائل (جوال تدبر) يقترحها أحد المشتركين:
(قمت بتخصيص مصحف -ذي هوامش كبيرة- أدون فيه ما يصلني من رسائل "جوال تدبر" مقابل موضع الآية التي وردت فيها الرسالة، فعندما أقرأ وردي أقف عندها فأتأملها، كما أفادتني التمرن على التدبر والتفكر، ورغبتني في مراجعة تفسيرها للوقوف على مزيد من المعاني والأسرار). ج.تدبر81800



======================================================================

{وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا}
لما كان في الصبر – الذي هو حبس النفس عن الهوى – خشونة وتضييق، جازاهم على ذلك نعومة الحرير وسعة الجنة. ج.تدبر81800



======================================================================

{قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة}
أطلق العنان لخيالك، واستعرض ما شئت من أنواع اللهو والتجارة التي ملأت دنيا الناس اليوم.. كلها -والله- لا تساوي شيئا أمام هبة إلهية، أو منحة ربانية تملأ قلب العبد سكينة وطمأنينة بطاعة الله، أو قناعة ورضا بمقدور الله، هذا في الدنيا، وأما ما عند الله في الآخرة فأعظم من أن تحيط به عبارة. ج.تدبر81800



======================================================================

إن قيل: لم قال {كلهم أجمعون} وقد حصل المقصود بقوله: فسجد الملائكة؟
ذكر المبرد: أن قوله {فسجد الملائكة} كان من المحتمل أنه سجد بعضهم فذكر "كلهم" ليزول هذا الإشكال، ثم كان يحتمل أنهم سجدوا في أوقات مختلفة، فزال ذلك الإشكال بقوله "أجمعون". ج.تدبر



======================================================================


{فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين * فسجد الملائكة كلهم أجمعون} .
سؤال: لم قال {كلهم أجمعون} وقد حصل المقصود من الدلالة على سجودهم بقوله: فسجد الملائكة؟
الجواب في الرسالة التالية.
يمكن التعرف على الجواب بالرجوع إلى تفسير البغوي لهذه الآية. ج.تدبر81800



======================================================================
فخورة بديني
فخورة بديني
{ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها} .
أتي عبد الرحمن بن عوف بطعام -وكان صائما-؛ فقال: "قتل مصعب بن عمير وهو خير مني، كفن في بردة؛ إن غطي رأسه بدت رجلاه، وإن غطي رجلاه بدا رأسه، وقتل حمزة وهو خير مني، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط!، وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا"، جعل يبكي حتى ترك الطعام!
وابن عوف من العشرة المبشرين بالجنة لكن المؤمن يهضم نفسه. ج.تدبر81800



======================================================================

المرأة الإسفنجية: امرأة قلقة مضطربة؛ أرهقها الجري، بعيدة عن الخشوع في الصلاة والتذلل لله، محرومة من السعادة الحقة، ترى وهم السعادة في دنيا زائفة، أعرضت عن ذكر الله، وأضاعت أوامره، فهي كئيبة حزينة. تضحك والحزن يقطع كبدها، تفرح وغيوم البؤس تحوم حول عينها. تبحث عن ابتسامة زائفة وكلمة تلقى على قارعة الطريق.
إنها تبحث عن السعادة والحياة الطيبة؛ لكنها ضلت الطريق: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا} . ج.تدبر81800



======================================================================

في قوله تعالى: {يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان} إشارة إلى دور الشيطان في صرف الناس عن إطابة المطعم، مع الإشارة إلى أن إطابة المطعم سبب في إجابة الدعاء، فكم هي جناية الشيطان علينا حين يغرينا بأكل الحرام؟ ج.تدبر81800



======================================================================
{من يعمل سوءا يجز به} ربما رأى العاصي سلامة بدنه وماله فظن أن لا عقوبة، وغفلته عما عوقب به عقوبة!، وربما كان العقاب العاجل معنويا، كما روي أن بعض أحبار بني إسرائيل قال: يا رب كم أعصيك ولا تعاقبني؟ فقيل له: كم أعاقبك وأنت لا تدري! أليس قد حرمتك حلاوة مناجاتي؟ ج.تدبر81800



======================================================================
في قوله تعالى في ختام آية الوضوء: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم} دلالة على أنه يعفى عن كل ما يشق التحرز منه من مبطلات الوضوء وموانع كمال الطهارة. ج.تدبر81800



======================================================================
{وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا} أي: يئسوا من نزوله {وينشر رحمته وهو الولي الحميد} .
لنقف وقفة تدبر، ولنتذكر حالنا في العام الماضي حين قل المطر!
والله لولا ربنا ومولانا ما نزلت قطرة واحدة من السماء.
إنها وقفة تورث ذلا، وافتقارا، وإخباتا للملك الرزاق الكبير! ج.تدبر81800



======================================================================

{فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون * وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين} .
أشارت الآية إلى سرعة تقلب قلوب البشر من اليأس إلى الاستبشار، وأعاد لفظة (من قبل – من قبله) دلالة على أن إبلاسهم قبل المطر بزمن يسير لا كثير. ج.تدبر81800



======================================================================


بعض الناس كلما أراد أن يتقدم في حياته تذكر بعض زلاته في الماضي، فتراجع، وهذا خطأ، فالعبرة بكمال النهاية، انظروا إلى موسى عليه السلام قتل نفسا لم يؤمر بقتلها، ولم يمنعه هذا من التصحيح بل قال: {رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين} ، ونال شرف الرسالة وقام بأعبائها، فإياكم واليأس. ج.تدبر 81800



======================================================================


في قوله تعالى: {يحسب أن ماله أخلده} تصوير لشدة حبه للمال؛ حين يظن أن لا حياة له بلا مال، فلذلك يحفظه من النقصان ليبقى حيا, ومن كان كذلك استحق الوعيد بالويل في أول السورة؛ لأنه بهذا عبد للمال على الحقيقة, وفي الحديث الصحيح: (تعس عبد الدينار).
وبهذا ينكشف لك سر من أسرار ما تتناقله الصحف بين الحين والآخر من أخبار الانتحار بسبب الفقر أو الخسائر المالية. ج.تدبر 81800



======================================================================

عن سفيان بن عيينة أنه قال: ليس مثل من أمثال العرب إلا وأصله في كتاب الله تعالى. قيل له: فأين قول الناس: أعط أخاك تمرة فإن أبى فجمرة؟
فقال: في قوله: {ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين} . ج.تدبر81800



======================================================================
{وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا} قال البخاري رحمه الله: "(خلفة)، من فاته من الليل عمل أدركه بالنهار، أو فاته بالنهار أدركه بالليل".
وشاهد هذا حديث عمر (عند مسلم مرفوعا): "من نام عن حزبه -أي قيام الليل-، أو عن شيء منه، فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل". ج.تدبر81800



======================================================================

{فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا}
من ثمرة الإيمان أن أصبح الكهف الضيق الذي لا يعد لسكنى: منشورا بالرحمة والتهيئة والارتفاق!
فاعلم أن الأمر كله لله، وأن الأمور بحقائقها، لا بما يراه أهل الدنيا منها. ج.تدبر81800



======================================================================

{كمثل الحمار يحمل أسفارا} الحمار لا ينتفع بالأسفار ولو نشرت بين عينيه، وفيه إشارة إلى أن من موجبات نقل النبوة عن بني إسرائيل كلية أنهم وصلوا إلى حد الإياس من انتفاعهم بأمانة التبليغ والعمل، فنقلها الله إلى قوم أحق بها وبالقيام بها. ج.تدبر81800



======================================================================
{أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال} !
قبل سنوات قليلة كتب فوكوياما -من أشهر مفكري أمريكا- كتابه (نهاية التاريخ)، محتفلا باندحار الشيوعية أمام الحضارة الغربية، فالعالم -بوهمه- أغلق باب التاريخ ولم يعد له سوى قوى الغرب، وعلى رأسها أمريكا بقيمها الليبرالية! فأسخن الله عينه عاجلا بانهيار إلهه الذي ظل عليه عاكفا، فها هي الليبرالية تتفكك أخلاقيا بكوبا وأبو غريب، وبالتجسس حتى على الشعب الأمريكي نفسه، واقتصاديا بالكارثة المالية التي خرقوا لها حرية السوق وتأميم الشركات. ج.تدبر81800



======================================================================
{إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله... منها أربعة حرم} ها هو أول يوم في الأشهر الحرم يدخل علينا، وليس المسلم الحق بالذي تدخل عليه هذه الأشهر -التي عظم الله شأنها- وهو لا يبالي بما ينتهك فيها من المعاصي، وتعدي حدود الله، فإن الله تعالى قال فيها: {فلا تظلموا فيهن أنفسكم}! ج.تدبر81800



======================================================================
هل يدرك الذين يسعون لربط أمتهم بغير الأشهر القمرية والتاريخ الهجري أنهم يخالفون سنة ربانية أزلية، وينتهكون حرمات الله بإضاعة الأشهر الحرم، أو خفاء توقيتها بسبب غلبة التاريخ بالميلادي، فيرتكبون فيها ما حرم الله؟
قف! وتدبر {يسألونك عن الأهلة، هل هي مواقيت للناس والحج} ، مع {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا... منها أربعة حرم} تدرك أبعاد جريمة أولئك، مع ما في ذلك من تشبه وتبعية وخضوع! ج.تدبر81800



======================================================================
قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: (إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج)؛ ثم تلا: {فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون * فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين} .
قال قتادة: بغت القوم أمر الله، وما أخذ الله قوما قط إلا عند سلوتهم ونعمتهم وغرتهم.. فلا تغتروا بالله. ج.تدبر81800



======================================================================
{فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا} أي:ينبغي -أيها الأزواج- أن تمسكوا زوجاتكم ولو مع الكراهة، فإن في ذلك خيرا كثيرا. من ذلك:
1 - امتثال أمر الله، وقبول وصيته التي فيها سعادة الدنيا والآخرة.
2 - أن إجباره نفسه -مع عدم محبته لها- فيه مجاهدة النفس، والتخلق بالأخلاق الجميلة.
3 - وربما أن الكراهة تزول وتخلفها المحبة، كما هو الواقع في ذلك.
4 - وربما رزق منها ولدا صالحا نفع والديه في الدنيا والآخرة. وهذا كله مع الإمكان في الإمساك وعدم المحذور. ج.تدبر81800



======================================================================
{إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة} .
ومحبة إشاعة الفاحشة تنتظم جميع الوسائل القبيحة إلى هذه الفاحشة، سواء كانت بالقول، أم بالفعل، أم بالإقرار، أو ترويج أسبابها، وهكذا، وهذا الوعيد الشديد ينطبق على دعاة تحرير المرأة في بلاد الإسلام من الحجاب، والتخلص من الأوامر الشرعية الضابطة لها في عفتها، وحشمتها وحيائها. ج.تدبر81800



======================================================================
لا فرق بين عبادة القبر ومن فيه، وعبادة الصنم، وتأمل قول الله تعالى عن نبيه يوسف بن يعقوب حيت قال: {واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء} ، فقوله (من شيء) نكرة في سياق النفي تعم كل شرك. ج.تدبر81800



======================================================================

تأمل أخي وصف من حذرنا الله من التشبه بهم في قوله: {فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى} أي: عرض الحياة الدنيا {ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه...} ثم تأمل ختم الآية بقوله: {والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون} فهل نعقل ما حذرنا الله منه وما أوصانا به؟ ج.تدبر81800



======================================================================

تأمل قوله تعالى: {الرحمن * علم القرآن * خلق الإنسان * علمه البيان} كيف جعل الخلق والتعليم ناشئا عن صفة الرحمة متعلقا باسم الرحمن، وجعل معاني السورة مرتبطة بهذا الاسم، وختمها بقوله: {تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام} فالاسم الذي تبارك هو الاسم الذي افتتح به السورة إذ مجيء البركة كلها منه وضعت البركة في كل مبارك، فكل ما ذكر عليه بورك فيه، وكل ما أخلى منه نزعت منه البركة. ج.تدبر81800



======================================================================

{كلا إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى} ومن الطغيان طغيان العلم، فالمرء قد يزداد عنده العلم حتى تكسبه تلك الزيادة طغيانا فيتعدى على غيره، ولا يسلك مع الناس سبيل الشرع في العدل في اللفظ؛ لأن من أراد أن يقيم الأقوال فهو قاض، والقاضي يجب عليه أن يحكم بالعدل لا أن يحكم بالهوى. ج.تدبر81800



======================================================================
{ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} .
قال ابن تيمية رحمه الله: "وهذا نص في أن الاستهزاء بالله وآياته وبرسوله كفر، فالسب المقصود بطريق الأولى". ج.تدبر81800



======================================================================
{ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين} من هذا قطعا تعلم أن شأن المعاملة مع الله ومع خلقه عظيم عظما لا يعرف قدره إلا الرجل العاقل، فإن عليها يترتب غضب الله وعقابه، أو رضاه والنعيم المقيم، وشيء هذا قدره لا يتوقف ولا يتردد في بذل العناية به رجل بصير. ج.تدبر81800



======================================================================

في قوله تعالى: {وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين} عدة فوائد، منها: إطلاق الكل وإرادة البعض، فيوسف لم يمكن له في جميع الأرض، بل مكن له في أرض مصر ونواحيها، ومنها: أن الطاعة تثمر الرزق في الدنيا، ويعطى المؤمن الأجر عليها، ولا ينقص ذلك من ثوابه في الآخرة. ج.تدبر 81800



======================================================================

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يقول الله تعالى: (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ذخرا، بله ما أطلعتم عليه) . قال: اقرأوا إن شئتم {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} متفق عليه. ج.تدبر81800



======================================================================
{إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله} قال الشافعي: "نقول: السعي في هذا الموضع: العمل، لا السعي على الأقدام -أي الإسراع-، قال الله عز وجل: {إن سعيكم لشتى} وقال: {ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن} وقال: {وكان سعيكم مشكورا} وقال: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} وقال: {وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها}..".
فانظر لحسن استحضار هذا الإمام للآيات وتدبره للمعنى. ج.تدبر81800



======================================================================
قال تعالى: {يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت} فإن قلت: لم قيل: مرضعة دون مرضع؟ فالجواب –عن الزمخشري-:
المرضعة التي هي في حال الإرضاع ملقمة ثديها الصبي. والمرضع: التي شأنها أن ترضع، وإن لم تباشر الإرضاع في حال وصفها به، فقيل: مرضعة، ليدل على أن ذلك الهول، إذا فوجئت به هذه، وقد ألقمت الرضيع ثديها: نزعته عن فيه، لما يلحقها من الدهشة. ج.تدبر81800



======================================================================
{يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها} من المعلوم أن المرأة التي ترضع الطفل تسمى مرضعا، فلم قال تعالى هنا: مرضعة، ولم يقل مرضع؟ الجواب في الرسالة التالية، ويمكن مطالعة الجواب في تفسير أضواء البيان. ج.تدبر81800



======================================================================

ذكر سبحانه رسوله بالعبودية في أشرف مقاماته، فقال في التحدي: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة} وفي مقام الإسراء: {سبحان الذي أسرى بعيده ليلا} وفي مقام الدعوة: {وأنه لما قام عبدالله يدعوه} فأشرف صفات العبد صفة العبودية وأحب أسمائه إلى الله اسم العبودية. ج.تدبر81800



======================================================================
{لا تخرجوهن من بيوتهن} أضاف البيت إلى المرأة، وكما أن فيه دلالة على قرار المرأة ببيتها، ففيه أهمية إعطائها مزيدا من الصلاحية في تدبير أمور البيت واتخاذ القرارات فيه في أثاث ومطبخ وزينة، وهذا نوع من العدل، إذ هو المتناسب مع الأمر بقرارها في البيت، حتى في حال طلاقها طلاقا رجعيا. ج.تدبر81800



======================================================================
{والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} وفي هذه الآية دليل على أن وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليست خاصة بالرجال، بل حتى النساء عليهن أن يأمرن بالمعروف وينهين عن المنكر، في حقول النساء ومجتمعات النساء، في أيام العرس وفي أيام الدراسة وما أشبه ذلك. ج.تدبر81800



======================================================================
{أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا} قرأ عمر بن الخطاب سورة مريم فسجد عند هذه الآية ثم قال: هذا السجود، فأين البكاء؟ ج.تدبر81800



======================================================================
ومن نظر إلى الخيل والبهائم والأشجار على وجه استحسان الدنيا والرئاسة والمال فهو مذموم لقوله تعالى: {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه} ، وأما إن كان على وجه لا ينقص الدين، وإنما فيه راحة النفس فقط كالنظر إلى الأزهار فهذا من الباطل الذي يستعان به على الحق. ج.تدبر81800



======================================================================


تأمل قول الله جل وعلا مخبرا عن دعاء إبراهيم: {واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} هذا إبراهيم خليل الله، الذي حقق التوحيد، وحطم الأصنام بيده، خاف على نفسه عبادة الأصنام وخاف على بنيه، قال إبراهيم التيمي في تفسيرها: ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم؟ وبهذا تعلم أن قولهم: (التوحيد فهمناه) من أكبر مكايد الشيطان. ج.تدبر81800



======================================================================

{وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين}
في هذه الآية إرشاد لطيف لفائدة مهمة، وهي: أنه ينبغي للمسلمين أن يعدوا لكل مصلحة من مصالحهم العامة من يقوم بها، ويوفر وقته عليها، ويجتهد فيها، ولا يلتفت إلى غيرها، لتقوم مصالحهم، ولتكون وجهة جميعهم، ونهاية ما يقصدون قصدا واحدا، وهو قيام مصلحة دينهم ودنياهم، ولو تفرقت الطرق وتعددت المشارب، وهذه من الحكمة العامة النافعة في جميع الأمور. ج.تدبر81800



======================================================================
يشتكي العالم اليوم من أزمات اقتصادية، يقول الشيخ ابن عثيمين: "أفعال الله كلها خير وحكمة، وتقدير الله لهذه الشرور له حكمة عظيمة، وتأمل قوله تعالى: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون} ، تجد أن هذا الفساد الذي ظهر في البر والبحر كان لما يرجى به من العاقبة الحميدة، وهي الرجوع إلى الله عز وجل". ج.تدبر81800



======================================================================

{أفحكم الجاهلية يبغون؟ ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} هاهم يبحثون عن حلول الأرض لعقوبات السماء! لقد فشل هؤلاء في بناء نظام يحفظ هذا المال الذي يعبدونه، والذي هو منتهى نظرهم ومدار فكرهم، وتالله! إنهم لفي بناء النظام الاجتماعي والتربوي والقانوني أفشل، وهو درس لمن طلب هدايته من الضالين، أو رأى مصلحته في غير شرع الحكيم الخبير! ج.تدبر81800



======================================================================

الذي أوصي به أبنائي الطلاب: تقوى الله في جميع الأحوال, والحرص على العلم، والعناية بالمقررات والمذاكرة فيما بينهم, والإصغاء للمدرسين، والسؤال عما يشكل في الدرس بأسلوب حسن، ومن أهم أسباب التحصيل: إصلاح النية وحفظ الوقت والعمل بما علم، وفي بعض الآثار: (من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم) وشاهده في كتاب الله: {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم} . ج.تدبر81800



======================================================================
الهلاك الذي أصاب قوم شعيب، ذكر الله تعالى في سورة الأعراف أنه رجفة، وذكر في سورة هود أنه صيحة، وذكر في سورة الشعراء أنه عذاب يوم الظلة، فكيف كان ذلك؟
الجواب في الرسالة القادمة، ويمكن مراجعة آخر قصة هود في سورة الأعراف من تفسير ابن كثير. ج.تدبر 81800



======================================================================
جواب الرسالة السابقة: ذكر الله هلاك قوم شعيب بالرجفة، والصيحة، والظلة.
"وقد اجتمع عليهم ذلك كله، أصابهم عذاب يوم الظلة وهي سحابة أظلتهم فيها شرر من نار ولهب ووهج عظيم، ثم جاءتهم صيحة من السماء ورجفة من الأرض شديدة من أسفل منهم، فزهقت الأرواح منه". ج.تدبر 81800



======================================================================
{وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم} .
قال ابن عيينة: ما في الأرض آدمي إلا وفيه شبه من بعض البهائم، فمنهم من يقدم كالأسد، ومنهم من يعدو كالذئب، ومنهم من ينبح كالكلب، ومنهم من يتطوس كالطاوس، ومنهم من يشبه الخنزير فإنه لو ألقي إليه الطعام الطيب تركه، وإذا رأى القذر ولغ فيه!، فكذلك نجد من الآدميين من لو سمع خمسين حكمة لم يحفظ واحدة منها، فإن أخطأت مرة واحدة حفظها، ولم يجلس مجلسا إلا رواه عنه!
واستحسنه الخطابي وقال: فإنك إنما تعاشر البهائم والسباع، فبالغ في الحذار والاحتراز. ج.تدبر 81800



======================================================================

قوله تعالى: {وأوفوا الكيل إذا كلتم} ما فائدة قوله: (إذا كلتم) وظاهر في أنه لا يكون ذلك إلا إذا كال؟
ج: "لتخصيص الأمر بالإيفاء إذا كال المسلم لغيره؛ لأنه قد يبخسه حقه، بخلاف إذا اكتال لنفسه من غيره؛ فإنه حينئذ مأمور بالتسامح والترك، ويتضح هذا المعنى في قوله تعالى: {وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون} ". ج.تدبر 81800



======================================================================
{قال قائل منهم إني كان لي قرين * يقول أئنك لمن المصدقين.. الآيات} كثير من الآباء لا يدركون خطورة القرناء على أبنائهم، فلا يتحققون من أفكارهم وتوجهاتهم، بل قد يكتفون بمظاهر قد تخدعهم، أو أسباب قدرية للعلاقة لا تنفعهم، كالقرابة والزمالة والجوار، وينسون أن الحمو الموت! فتدبر قصة هذا القرين: {قال تالله إن كدت لتردين} وتحقق من قرناء ابنك قبل فوات الأوان. ج.تدبر81800



======================================================================
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكرنا أنفسنا وكيف لا ننكر أنفسنا والله تعالى يقول: {واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم} . ج.تدبر 81800



======================================================================

قوله تعالى: {وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه} تأمل التعبير بقوله (مر)، وما يوحي به من سرعة نسيان العبد لفضل الله عليه! ج.تدبر 81800



======================================================================

{تعلمونهن مما علمكم الله} فيه دليل على أن كل آخذ علما عليه ألا يأخذه إلا من أتقن أهله علما، وأنحرهم دراية، وأغوصهم على لطائفه وحقائقه، وإن احتاج إلى أن يضرب إليه أكباد الإبل، فكم من آخذ من غير متقن قد ضيع أيامه، وعض عند لقاء النحارير إبهامه! ج.تدبر 81800


======================================================================

"استطلاعات الرأي" تعمل في أي مجتمع كعلامات طريق ترشد وتلفت نظر المسؤولين للصالح العام.. وفي المقابل يؤدي فقدها إلى انتشار العشوائية في المجتمع، والفرق بين الطريقتين يمثله قوله تعالى: {أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم} . ج.تدبر81800



======================================================================

{الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} إنها قاعدة مطردة في بيان مصير أي نوع من العلاقات، فتخير أيها الطالب ويا أيتها الطالبة كيف تكون النهاية؟!
فتش في زملاء الفصل، وفيمن ينشئ العلاقة أثناء الفسح، ونهاية الدوام، واختر اليوم صديقا لا يعاديك يوم القيامة!
وتذكر أن صحبة التقوى ثمارها تمتد إلى عالم الآخرة، ألا ما أجمل التقوى حين تزين علاقاتنا، بل حياتنا كلها. ج.تدبر81800



======================================================================

حين ترى غرور الكفار باقتصادهم بالأمس وهلعهم من أزمتهم اليوم تذكر قوله تعالى: {لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد * متاع قليل} .
قال السعدي: هذه الآية المقصود منها التسلية عما يحصل للذين كفروا من متاع الدنيا، وتنعمهم فيها، وتقلبهم في البلاد بأنواع التجارات والمكاسب واللذات، وأنواع العز، والغلبة في بعض الأوقات، فإن هذا كله {متاع قليل} ليس له ثبوت ولا بقاء، بل يتمتعون به قليلا ويعذبون عليه طويلا، هذه أعلى حالة تكون للكافر. ج.تدبر81800



======================================================================

قال مالك لتلميذه الشافعي -أول ما لقيه-: "إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورا، فلا تطفئه بظلمة المعصية".
وهذا المعنى الذي نبه عليه الإمام مالك مأخوذ من قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا}.
يقول ابن القيم: "ومن الفرقان: النور الذي يفرق به العبد بين الحق والباطل، وكلما كان قلبه أقرب إلى الله كان فرقانه أتم، وبالله التوفيق". ج.تدبر81800



======================================================================
ذكر الله المأمورين بالإحسان إليهم وقال: {والصاحب بالجنب} وهذا يعم كل مصاحب، وفسره طائفة بالرفيق في السفر، ولم يريدوا إخراج الصاحب الملازم في الحضر، وإنما أرادوا أن مجرد صحبة السفر -على قصرها- تكفي؛ فالصحبة الدائمة في الحضر أولى.
فلنتفقد أحوالنا مع صاحب الدراسة والوظيفة والحلقة، وأعظم من ذلك: صحبة البيت من والدين وزوجة وقربى. ج.تدبر81800



======================================================================
قوله تعالى: {كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون} "دلّت الآية على أن العلم والتعليم والدراسة توجب كون الإنسان ربانيا؛ فمن اشتغل بذلك لا لهذا المقصد ضاع سعيه وخاب عمله". ج.تدبر81800



======================================================================
بوب البخاري في كتاب العلم: "باب الخروج -أي الرحلة والسفر- في طلب العلم" وأورد قصة موسى عليه السلام لما رحل إلى الخضر، ليطلب العلم منه، وكان الخضر بمكان يلتقي فيها بحران: {وإذا قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا} أي زمانا طويلا بحثا عنه. ج.تدبر 81800



======================================================================
المشروع أن يخطب يوم الجمعة قائما –خلافا لبعض من ابتدع الجلوس-، واستدل الشافعي رحمه الله على ذلك فقال: "قال الله جل ثناؤه: {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما} ، ولم أعلم مخالفا أنها نزلت في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة". ج.تدبر 81800



======================================================================
أما أثر المعاصي في الحرمان من العلم النافع فمعلوم بالنص والواقع كما قال الله سبحانه: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} ولا ريب أن حرمان العلم النافع من أعظم المصائب. ج.تدبر81800



======================================================================